عشت لسنوات طويلة بين السودان ومصر ، في الواقع وطئت قدماي أرض مصر وأنا طفل صغير ، قال لي والدي -رحمه الله - أخذناك أنا وأمك - رحمها الله - إلى مصر للعلاج ، ومنذ ذلك الحين أتردد على مصر في كل المراحل الدراسية ، سكنت في معظم الأحياء المصرية ، وأكاد أعرف معظم أحيائها وحاراتها وشوارعها وازقتها ، لكني لم افقد جنسيتي السودانية ، إتخذت من مصر بلدا ثانيا ، أو بمعنى أصح محطة أنطلقت منها لزيارة عدد كبير جدا من الدول العربية والإفريقية والعالمية ، وكونت صداقات مع عدد كبير جدا من المصريين ، حتى زواجي كان في مصر من الراحلة المقيمة المحرجة السينمائية الفذة حورية حسن حاكم في عين شمس ، وفقدت بعض أطفال لي منها بينما عاشت كريمتي مهيرة وما تزال معي هنا عوضني بها الله سبحانه وتعالى عن ما فقدت . إن أجمل سنوات العمر كانت تلك التي عشتها مؤخرا في مصر مديرا لرقابة الأفلام براديو وتلفزيون العرب ART ،تعرفت خلالها على نجوم السينما والمسرح وكبار القادة المصريين ، وعايشت مرحلة إعادة التوطين حتى جئت إلى كندا مباشرة من القاهرة ، إن مكتب الأمم المتحدة بالمهندين في القاهرة تحول من نعمة إلى نقمة . اتابع بدقة متناهية أخبار السودان ومصر، وأتلقى عشرات المكالمات الهاتفية منهما ، وبذلك لم تكن كندا بالنسبة لي بلد الغربة ، فقد ظللت دائما متواصلا مع وطني ومع مصر ، التي أزعجني فيها الأنباء التي راجت مؤخرا عن تردي العلاقات بين الشعبين في كل من السودان ومصر ، إستنفرت كل قواي وجهدي في المسرح والسينما والصحافة وعلاقاتي الإجتماعية لمعرفة ما الأمر ؟ شرعت أبحث عن إجابة ، وكان من حسن حظي أن توفرت لي بعض خيوط يمكن من خلالها الحصول على إجابة مفيدة بعيدا عن العاطفية والطرق والوسائل غير الموضوعية ، فوضعت خطة تهدف لتغطية الموضوع بأمانة ، مستغلا أقارب زوجتي في مصر وهم عدد كبير جدا من السودانيين لم يغادروا مصر ، وأقاربي الذين أتوا إلى مصر مؤخرا وفي طليعتهم إبن أختي حسن ياسين المقيم حاليا في مدينة 6 أكنوبر ، إلى جانب سودانيين آخرين ومصريين ، وأستطيع القول بالفم المليان أني خرجت بنتيجة واحدة ، أن كل ما يحدث ويدور هو محض إشاعات ، هناك بالطبع ثمة حقائق ولكنها ليست بتلك الدرجة التي يصورها الإعلام في البلدين وتصورها المواقع الإسفيرية للأسف الشديد . بدأت أولا بالمصريين في الحزب الوطني سابفا ، وحزب الوفد ، الحزب الناصري وحركة 6 أبريل وحزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي خاصة وقد عملت لتلات سنوات متصلة بصحيفة الأهالي المصرية ، واتصلت بأصدقاء لي في صحف مثل الأهرام والأخبار والوفد ، إتصلت بأصدقاء في منظمات المجتمع المدني المصري وبعض التجار المعروفين ، ووجدتهم جميعا في غاية الإندهاش والإستغراب لما سمعوه مني ، لدرجة أني أوشكت أن أتوقف . إتصلت بسودانيين قال لي أحدهم : والله لو كان البتقولو عن معاملة المصريين للسودانيين كعبة أنا أول زول امشي السودان ، ياخي دي كلها إشاعات ولعب عيال !!! إتصلت بشقيقي حسن ياسين وقرأت ما كتبه عن حقيقة الأوضاع في مصر ، واتصلت بعدد من السودانيين أكدوا أنهم بخير ، ويشعرون كأنما هم في بلدهم ، المشكلة فقط في أن السودانيين في مصر ضحايا الإعلام وحفنة من المهووسين بأفكار بالية تستغل سياسيا لتأجيج الصراع بين مصر والسودان تحت شعار " بالدم بالروح نفديك يا سودان !!!" وصف حسن الشريحة التي يتحدث عنها الإعلام السوداني أنها تشمل بعض مزوري العملة والإرهابيين تم غسيل أدمغتهم ووعدوهم بالجنة ، وهناك تجار الأعضاء الحيوية في الإنسان ، إلى جانب القوادين وبائعي الخمور المضروبة والمخدرات والتكسب غير المشروع من جوازات السفر ، وقال أن الظاهرة المستشرية اليوم تجارة التهريب وتجارة البشر ، ومصر أصلا تمر بظروف بالغة الدقة والحساسية ، وهؤلاء الناس يصطادون في الماء العكر ، وأضاف قائلا أنه يعرف عشرات الأسر السودانية التي ينطبق عليه المثل : أمشي عدل يحتار فيك عدوك . ولأني عشت سنوات في القاهرة وبعض المدن المصرية الأخرى فأنا ادرك نماما معنى قول الضابط المصري لرئيسه عن الحالة الأمنية وقد تجاوزت الساعة الثالثة صباحا : كل شي تمام يا أفندم ما عدا بعض السودانيين والكلاب الضالة !!! ولنا عودة [email protected]
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة