ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
تكريس مفهوم التصادم بين الدين و أجناس الثقافة في المجتمع المسلم بقلم الأستاذ|احمد يوسف حمد النيل –السعودية –الرياض
سودانيزاونلاين.كوم sudaneseonline.com 10/17/2005 5:43 م
إن الغلو في الدين و مفهوم التدين بشكله المطروح حاليا في مجتمعاتنا قد ادى إلي توسيع شقة الخلاف و التصادم و تضخيم الذات ضد المفاهيم الحضارية و الثقافية بصفة مطلقة و إن المطلق بصفة مطلقة لهو هدم و تهشيم للعقلية الناشئة و التي تسير في الطريق تتلمس صواها و مبتغاها و تغسل من داخلها نقاط الصراع . فان مفهوم التصادم في عقلية المسلم لا تجعل للفكر مساحة حرة . و ما يزال العقل المسلم يمارس التدجين الاجتماعي ويرفض ما هو ابسط منه في الحلول و الخيارات في العقيدة و السلوك الديني القويم. فالثقافة مثلا كجنس من اجناس الحضارة و بفروعها و تعريفاتها واصطلاحاتها المطلقة أو المحدودة فهي تشكل هاجسا لأصحاب العقول الجامدة و المحافظة المتشددة . و التشدد في حد ذاته ظاهرة مرضية إن كانت في الدين أو في الحياة العامة .و كذلك يقاس بها السلوك العام لان الإنسان معد في ذات لها حدودها و لياقتها الإنسانية فالتشبه بالملائكة ينفي عنها إنسانيتها و النزوع إلي الشر يجعلها شيطان و هذا يجعلها تبعد عن الإنسانية فالإنسان عندما تأتيه فيضات إلهية فانه يشبه الملائكة في الأفعال و هنا يكون الخير كله و لكن لا إلي مثالية لا تشبه حالة الإنسان و وضعه في الكون كفرد و شخصية لها تصورها و لها مبتغاها الكوني و الإنساني .و من هذا التقلب الذي في الأساس محركه القلب و العقل أي العاطفة و الفكر و هذين المكونين اللذان يستوعب بهما الإنسان ثقافة ما أو حضارة ما . فيقلب الإنسان مواقفه سلبا و إيجابا حسب المؤثرات و هذا مرده التردد في اختيار الفكر الصائب و المباديء الأساسية التي تكون شخصيته .و لو إن الشخص عرف نفسه و حصرها في مباديء لا يتزحزح عنها ثم جعلها طليقة في حيز معلوم و لكن يمارس الحرية في هذا الحيز و فتح الفرصة لعقله للنقاش دون الانغماس في منزلق الأفكار الهدامة يعني إن يكون له معيار للقياس و الفهم و إن يكون مدركا تفهمه لتلك الثقافة و مناقشتها دون تشربها بلا وعي و إدراك . إن الشخصية التي تصنع معيار محافظ و متوجس لهو نقص في مكونها و التصادم قد يأتي من تفصيل الأشياء دون معرفتها جيدا و دون معرفة حاذقة و مع العلم انه يرفض كل جديد و إن فكريته بنيت على المحافظ و الموروث و أطرت بأطر محدودة غير قابلة للتمدد و المرونة . فالتوجس له دور في بنيان الفكرية إذ يملاها بالخوف من كل ما هو مغاير لتسمياته و مسلماته . فان هو عكف على مسلماته ليجدها مسلمات يدركها البسيط و المثقف على حد سواء و أنها أكثر ميولا لدين البسطاء دون تعقيب و نفض غبار أو تبديل ما هو غث بما هو ثمين أو ما هو قبيح بما هو جميل . و الجمال هنا يصبح أداة متكررة ليس فيها القدرة على الإحساس بجماليات المدرك الحسي و العمق الفكري و لا المدارك الغيبية الماورائية و التي تنمي المقدرة على امتلاك الحكمة .و نسبة للخوف من كلمة ثقافة تجعل هذا العقل لا يجازف بالإبحار في غمار الثقافة حتى و لو اتصلت بفلسفة التشريع أو فلسفة العقائد . فيصبح العقل محبوس في ثقافة الأخذ بالفكرة أحادية النظرة . فالثقافة اجناس متعددة وتعريفات شتى فالذي يدرك فلسفة الدين يمكنه إن يدرك محاور الثقافة و كيفية الحوار معها . و الذين يرفضون ثقافة ما قد ولدت في جو ما أو مفهوم ما هم الذين يرفضون التصور جملة و تفصيلا و التصور من مفاهيم الدين .عندما جاء ت دعوة الرسول الكريم محمد بن عبد الله إلي الكون , بدأت من مكة من مجتمع كان يعبد الأصنام و كان مجتمعاً مظلماً لكن دعوة الرسول الكريم للدين الجديد كانت مدعومة بالوحي و الصبر فلم تبنى الدولة الحديثة إلا بعد شق الأنفس في المدينة المنورة و التي كانت تحث على الأخلاق و الدين السمح . و إن كانت تلك جاهلية عظمى فالآن هذه جاهلية الثقافة و الدين و التدين. و نحن حتى الآن نبكي علي أمجادنا في الأندلس و نزرف الدموع هتانة على ذلك التاريخ . فالتصادم المطلق مع الحضارات الاخري لهو هدم للحوار الذي دعا له الدين الإسلامي . و لأن مفهوم الدين لدى البعض ارتبط بالنظري دون الحياة كافة فأصبحت المجافاة للتطور الفكري و الذي هو أمر طبيعي في الكون بل هو من سمات الكون و أشكال الحياة إن يأتي جيل بعد جيل و كل جيل يحمل أفكارا تدل على عصره و زمانه. و لكن أزمة الأمة الإسلامية تكمن في عدم الثبات علي المباديء و التحصن بالفكر السوي. و لو أنهم كانوا كصلاح الدين الأيوبي الذي شهد له الأعداء بالعدل و السماحة لنشروا الإسلام في أصقاع المعمورة بلا سيف أو بندقية . و لو إن الصراع القائم لم يزل قائما سوف يجعل الأمة الإسلامية بمثقفيها و عامتها في خط واحد منظرين و مثقفون كلاميون تتملكهم الهشاشة ويستبد بهم استحسان الفكر الغربي و الحياة الغربية و يجعلون الحياة في الغرب اقرب للإسلام منها في الشرق المسلم . و إذا طرق كل فرد الحديث في الدين العالم و العامي سوف لا يصبح هنالك فرق بين أفراد المجمع في تكاليفهم و ادوارهم. إن الحياة كلها دين و الثقافة و الحضارة من جسد المجتمع المسلم . أما الفهم القصوري و الاقصائي للذين يقولون بغضب الإنسان في الدين و عدم غضبه في السياسة فهذا قصور لان الغضب في السياسة هو ضد ظلم قد ارتكب و الظلم عواقبه وخيمة و أيضا قد يكون غضب ضد فعل سياسي و لكنه يدل علي فعل غير شرعي يرمي بالفتنة في أعباب الذين ينفردون بالدين كمفردات نظرية مفصول عن ضمير الشعب وتفكيره و ثقافته .فالذي يحمل القلم في هذا العصر بمثابة السيف بل اشد قوة و السيف الذي يحمله صاحب الأدب و الثقافة لا ينفي عنه صفة الإسلام فكان للرسول الكريم شعراء ينشدون الشعر في صحن الكعبة ووصفه بأنه كنضح الرماح على الكفار حينما انشد حسان بن ثابت و غضب عمر بن الخطاب.