كواليس حق تقرير المصير ( 1_3)
الوحدة والانفصال والموز الكاذب _1
( بل الإنسان على نفسة بصيرة )
صدق الله العظيم
فان كان مأخذ الإنسان لنفسه كقرينه داله لوجوده هي أساس الإيمان بقدرة رب تتعدى قدرته تصور عقل الإنسان لمعنى القدرة . فان الإنسان تحرك مخيلته معطيات ظاهرية اقرب ما تكون إلى حقيقة الشيء الكائن أو غير الكائن وابعد ما تكون إلى الحقيقة أحيانا أخرى ، وتدفع قوى باطنة في كنهه بضرورة التعامل مع الماديات على أساس نظرة العين المجردة في كثير من الأحيان ، فتكون النتيجة بناء فكر عائم على سطح لم تنفذ قواعده قاع الحقيقة بعد . وعلى ذلك كان الاعتقاد بألوهية الشمس والقمر والأصنام وبعض الكائنات اعتقادا جازما بالصحة لا لبس فيه إلى إن أوحى الله إلى نفر من عبادة أنبياء ورسل فأبانوا للناس الحق فأخذت تلك الاعتقادات من السذاجة بمكان .
فإذا أخذنا الإنسان كدالة في مجمل عمليات حساباتنا التحليلية وكشفنا على المعطيات بان الإنسان يولد على الفطرة وأول ما يشده في تعاملاته مع الحياة هو نزعة الانتماء إلى أحضان ألام ذلكم الكنف الذي أعطاه دون قيد أو شرط فيض من الحنان ووفر له الإحساس بالأمن والاطمئنان دونما منّ فصار ذلك الحضن هو المنتجع الذي يأوي إليه وكان هذه الصيرورة هي بؤرة تكوين الوطن . وفى اى معادلة تحكيمية إلى العقل والعاطفة وما دونهم تكون النتيجة هي إن يظل الانتماء إلية مقدسا ، والقداسة هنا ليست من منتوج اصطناعي تحيكة إرادة الإنسان أو تخلفة ظواهر الطبيعة وليست برهة أو ارتجال تلونها الطفرات ، كما وأنها ليست قيمة مكتسبة تحبكها إرادة السلوك والممارسات أو الفكر والاعتقاد . القدسية هنا جوهر الكيان إن كان ماديا ومعنى الحسبان إن كان معنويا أو روحيا وتسمو فوق هذا وذاك إن كان لا هذا ولا ذاك . ومن هذا نخرج بخلاصة إن كل النظريات والفلسفات التي فحصت جزيئات الكون والكائنات وما تأثر بها واثر عليها أو حللت أبجدياته وأعطتها صفات اعتبارية حرة التمايز جهلت عفوا أو تجاهلت عمدا الخصوصية الكونية لوجدان الإنسان ، وبذات الجهل أو لذاك الغرض تجاهلت قدسية هذا الكون العميق والفسيح وأصبغت صفة القداسة لدونيات تفتقد المعنى المراد جملة وتفصيلا .
1ـ كم تساوى قيمة الإنسان ؟
معطيات ( روح) مقامها التسامي والكبرياء وسياجها الكرامة والايباء
( قلب ) حب _ وفاء _ طهر _ نقاء .
( عقل) فكر _ عقيدة _ فطنة _ بصيرة .
(جسد) منعة _ قوة _ حسن _ جمال .
الإنسان هنا كوحدة منتقاة متميزة ومحدودة وليست عشوائية أو سائدة. أي وحدة منتزعة من متعدد مبنية على الفطرة .
2ـ كم تساوى قيمة الأرض ؟
المقصود هنا الأرض وما عليها من مكونات طبيعية دون البشرية وهى تمثل المعطيات في العملية الحسابية التي نحن بصددها
3ـ كم تساوى قيمة الوطن ؟
تجاهل الاعتقاد السائد بأن الوطن هو مساحة جغرافية مأهولة بالبشر وتتمتع بالسيادة على ما لها .
قارن بين القيم الثلاثة ؟
دعنا نبدأ المقارنة بين قيمة الإنسان وقيمة الوطن والقيمة هنا مطلقة .
فإذا دققننا النظر في طبائع الأحوال وصحبنا في معيتنا كل المعاير الحسية والمعنوية وبدأنا الوزن والقياس نجد إن نتيجة المقارنة تتراى وكأنها رسم بياني مبنى على محروى الحقوق والواجبات
الأخذ والعطاء توازى مزدوج بالمقابل
التضحية والفداء بدون مقابل
الأخذ فقط انتزاع بحق بدون مقابل
الأخذ فقط انتزاع بحق بالمقابل
العطاء فقط إسناد بدون مقابل
الأخذ فقط بالمقابل
بالمقارنة نجد إن الإنسان كفرد يمكن إن يدفع بروحة فداء للوطن
إذا الوطن هو الاغلى .....(1)
احسب قيمة الأرض ؟
قيمة الأرض ربما تساوى كذا مليون وحدة نقدية اى أنها تساوى مال نقدي معلوم ومحدد وفى كثير من الأحايين وهذة حقيقة واقعية عاشها التاريخ الحديث والقديم بأن بعض الدول باعت من أراضيها لبعض الدول الأخرى لحكم الضرورة الملحة للبائع أو المشترى ودونكم حلفا القديمة إذا أخذنا السودان كمثال . وأيضا نجد عملية بيع وشراء الأرض داخل الدولة الواحدة بين مواطنيها كما يشاءون دونما وأذع يحدهم ، وكثيرا ما يهجر الإنسان الأرض لاعتبارات متفاوتة تصب أجمالا في البحث عن البديل الأفضل وابتقاء مصلحته الذاتية . وان عدنا بذلك إلى مقارنة قيمة الإنسان بلا رض نجد إن نتيجة المقارنة تبدو واضحة كالشمس ، وياتى الترتيب بعد الأجراء العملية حسابيا كما يلي : ـ
الوطن ـ الإنسان ـ الأرض
لذلك نقول بان المفهوم الذي ساد وتربع على العقول بأن الوطن عبارة عن مساحة جغرافية تعريف جاف وجامد بل إن وطن بهذا المفهوم لا يستحق منا التقدير والاحترام والتضحية في سبيل ما هو ارخص تعد ضربا من مس الجنون وألا مسؤولية اتجاة ما هو أكرم واسمي .
هذه المقدمة أرتنا من خلالها الدخول في معترك الحاضر واستنطاق مآلا ته اخذين في الاعتبار مساجلات وتنظير الساسة والاكادميين في ميدان حق تقرير المصير لشعب جنوب السودان والمناطق الأخرى التي تسعى إلى تحقيق مصيرها ، اى الحصول على أداة قانونية تكفل لها حق الانفصال أو الوحدة مع السودان الشمالي .
بعد إن وافقت الحكومة السودانية بطلب الحركة الشعبية بحق تقرير المصير في ألمانيا ( 1992 ) صار هذا المطلب احد بنود مبادرة أيقاد (1993) واتفاقية الخرطوم للسلام في دستور التوالي الساسي المجاز (1998) ثم بروتوكولات مشاكوس (2002) وناكورو وأخيرا في خاتمة الاتفاق 9_يناير_2005 . ومنها انفتح الباب على مصرعية للحديث عن مالات السودان بعد فترة الست سنوات فيما إن كان سيظل موحدا أم تعصف رياح الانفصال بالوحدة الكائنة بعد استفتاء الجنوبيين في تحديد مصيرهم . انحصرت كل توقعات الذين تناولوا الآمر بالكتابة أو الحديث عن المؤثرات المادية التي يمكن إن تلعب دورا سلبيا أو ايجابيا في حالتي الوحدة أو الانفصال . تناولو مالات الوطن بمفهومه التقليدي الظاهري الذي يتكون من مليون ميل مربع ، اى مجموعة ذرات تراب منثورة هنا وهناك وما قام عليها من أملاك وظواهر طبيعية .
في اعتقادي إن أمري الانفصال والوحدة واللذان يمكن إن يترتب عليهما هذا المعطى يمكن إن يحدثا أمرا واقعيا معاشا ولكن لن يمس أمر الوطن من قريب أو بعيد ودونكم تجارب بائنه في حالات متعددة في دول العالم منها على سبيل المثال ألمانيا الشرقية والغربية سابقا والكوريتين وباكستان الشرقية والغربية واليمن الجنوبي والشمالي سابقا ، وهذا في حالات الانفصال والذي يمكن إن نعتبره محاولة انفصال غير حقيقي لشعب رأى إن هنالك رابط وجداني يتحكم في مصير بقائه موحداً أكثر من حسابات المصلحة الذاتية من خلال إجراءات التفككات الجغرافية والتي ترتبت عليها عمليات الانفصال ، فتدخلت الإرادة القوية والبصيرة المتطلعة إلى رد الأمور لطبيعتها في حالتي ألمانيا واليمن ومازال الوجدان تتجاذبة الامانى في كوريا والباكستان وبنجلادش . إما دول البلقان والاتحاد السوفيتي سابقا فكانت تحمل في معيتها صورة ناطقة لوحدة غير حقيقية فرضتها إرادة القوة الجبرية وإطماع الحكام ، وما إن ارتخى حزام المتحكم وتدلى صولجان الحاكم حتى صار كلُ ينشد تحديد ملامح حدودة التي ارتبطت وجدانيا بذاته، فتكبدت فيها شعوب تلك المناطق ملايين القتلى والجرحى في سبيل استقلال الوطن بمعناه الوجداني والجغرافي دون اى إضافة .
فاستنطاق فرص الوحدة أو الانفصال يحتاج منا تقصى المعنى الحقيقي لكلمة وطن في تنبؤات وخطب الوحدويين والانفصاليين وكذالك أدراج مهددات الوحدة أو الانفصال ويستدعى ذات البحث معنى كلمة وطن فمنها وبها تقاس الأمور وتفصل ، حتى لاتكون إبعاد القياس خطأ يحرفنا عن الصواب والقميس ضيقا حرجا أو متدليا يعثر مسيرتنا إلى الإمام .
يتميز السودان بتعددية ثقافية وعرقية ودينية وبمساحة جغرافية واسعة وتباين مناخي ، كما إن التباين في التنمية أهم ما يميز الصورة الفوتوغرافية له وبالأخص التنمية البشرية والتي في اعتقادنا تمثل العامل المساعد في تفاعلات المركب الوجداني ( الوطن ) .
نجد إن الكيان المسمى السودان حاليا يحوى ما يقارب (597) جماعة عرقية حسب إحصائية ( 1956 ) متفرعة من (65 ) جماعة اثنية و بدراسة متأنية لهذه الجماعات ومقارنة بالمعطيات التي شكلت حاضر السودان اليوم نجد إن الكثير منها استطاع إن يفرز تجاذبا وجدانيا وتكاملا روحيا في مجمل عمليات تفاعلاتة مع الأخر وبعضها مازال متعارضا متنافرا . وبما إننا في محاولة لاستنطاء مالات مستقبل السودان والبحث عن فرص الوحدة والانفصال ، فنرد إلى ذاك المستنقع الوعر .
ورغم إنني لست وحدويا كرها للانفصال أو لشيء في نفسي أو ولست انفصاليا كرها للوحدة ولكن محاولة لشخصي لأرد هذا المغار بشيء من المنطق والموضوعية وأيمانا منى بان الوطن هو مساحة وجدانية ERNEST HEMINGWAY once said that ( awriter writes about the country he know .and the country he know is in his heart )
فمحاولة لملمة إطراف من خارج محيط هذا الوجدان تبقى ضربا تخريفيا كما لا يمكن إن ينزع الوجدان من ما أحيط بة احاطة السوار بالمعصم فأمر الانفصال أو الوحدة ( تقرير المصير ) أصبح ألان أداة قانونية كما قلنا أنفا لجنوب السودان وآبيي وربما جنوب كردفان ( جبال النوبة ) وجنوب النيل الأزرق وذات الأمر قد يترتب مستقبلا على دار فور وكر دفان والشرق والشمال ، وكل هذا من الناحية الجغرافية إما من ناحية كيان الوطن قد لا يعنى شيا البتة وقد يعنى الحقيقة التي يواريها الكثيرون؟
إذا تناولنا هذا الأمر بعيدا عن لماسات الامانى وترضيات الآمال اخذين محور الجماعات العرقية المكونة للسودان كمادة بحث نجد إن كل القبائل المكونة لغرب السودان والقبائل المكونة لشرق السودان ووسط وشمال السودان بما فيها قبائل الانقسنا وجبال النوبة استطاعت دواخلها إن تتشكل لتكون بيئة معنوية مميزة ليست فقط مستعدة لقبول الأخر من اثنيات أو قبائل الجهات الأخرى المذكورة بل تكاملت لتكون كيان اجتماعي ذو نزعة وجدانية تكاد تكون مفطورة على إن هذا الأخر جزء أصيل لا تتجزء عنه ويتداعى بعضهم لبعض عند الشدائد ، وهذة حقيقة يؤمن عليها واقع الحال . فبرغم الجور والظلم الواقع على الكثيرين من أهل هذة البقاع لكن كل يراها عزيزة علية ، وبرغم الضنى والهلاك الذي طالهم تبقى الكرامة وشاح يدثرون بة اهاليهم . وكل هذا قد يسعد الإنسان إلى حين إن تأتية إلتفاتة فيجد إن هنالك جزء ربما قد يكون نشازا . فالغالبية العظمى من القبائل الجنوبية لم تستطيع إن تتعايش مع باقي قبائل السودان دعك من إن تصطف معها ثم تمتزج لتكون أيطار وجداني واحد ( وطن ). ربما تكون القبائل الجنوبية أكثر أمانة وواقعية مع نفسها ، أو إن الصدق يتداعى كرها أو طوعا . إذ لا مجلا للخداع في تلك العلاقة عند الوجدان أو النفس البشرية . وهنالك من يرون إن جزء من أبناء الجنوب لهم الاستعداد على التعايش مع بقية أبناء السودان والإحساس بكونهم جزء منهم ، لكن نقول إن القاعدة لا تبنى على الشواذ . وتبقى الحقيقة المرة التي تتجلى للناظر من قريب إن قبائل الجنوب وباقي قبائل السودان لم يجمعهم وطن واحد حتى الآن ، إما نواح المتباكين على مأتم من لم يولد بعد فهو نوع من السخف ولكن كلى أمل أن لا يعود اؤلئك بخفي حنين بحثا عن الوحدة بل أأمل أكثر أن يخذلني الأخوة الجنوبيين فيما رميتهم به من نفور اتجاه بقية شعب السودان ويردون صاع الحقيقة بأن الذي قد بدا من سلوك وأقوال أحيل خطئاً إلى الأصل الكائن وان مرده هو انعكاس طبيعي لرد الفعل الناتج عن تراكم مخالفات الماضي بكل ثقلها فأفرز ذلك فيما بعد الإحساس بضرورة الانفصال كحل مشروخ ولكن بعد إعادة النظر في الأمر مليا كانت النتيجة هي أن تقرير المصير المحتوم هو أن يظل الوطن بخطوط كنتوره المرسومة على الوجدان. ونواصل ،،،،
حسن الشريف عبد الله ـ القاهرة