ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
صدام .. العاطفة الفجة دعوة مبطنة لتكرار التاريخ – بقلم هاشم كرار
سودانيزاونلاين.كوم sudaneseonline.com 10/19/2005 4:30 م
صدام .. العاطفة الفجة دعوة مبطنة لتكرار التاريخ – بقلم هاشم كرار هو الاول عربيا‚ في كل شيء: الاول الذي اجتاح بلدا عربيا والاول الذي أسقطه اجتياح اميركي‚ والاول الذي يحاكمه شعبه!من غير ‚‚ صدام؟الملايين يشاهدونه اليوم‚ في قفص‚‚ مصفدا في مواجهة احد اغلظ الاتهامات التي يمكن ان تحاصر واحدا من البشر: الإبادة‚ذلك إذلال؟الذين يقولون بذلك لماذا لا يرون في ذلك إحقاقا للعدالة والقصاص؟تأخذنا العاطفة الفجة احيانا كثيرة حتى ازاء اولئك الذين تجردوا من كل عاطفة نبيلة ومن كل انسانية‚انظروا الى صور الضحايا واستعيدوا الاشرطة: أوليس هذا القتل بالجملة ويمثل طريقة صدام‚ شيء أكثر من مخيف ومقزز وحيواني؟هذا الرجل قتل حتى مجرد الأمل‚قصة الأسرة التي كانت تنتظر عودة ربها الذي غيبه ذات ليل عسس صدام قبل ما يزيد على العشرين عاما تقول بذلك: كانت تنتظر‚عيونها معلقة بكل طرقة على الباب‚ وفي ألسنتها سؤال حار تلقي به في أذن كل من تأمن إليه‚ وتستكين‚‚ حتى إذا سقط الرجل أو اسقط بالاجتياح ومرت سنوات سمعت طرقا سريعا على الباب‚كانت إحدى الجارات وكانت الجملة التي ظلت تبحث عنها الأسرة الكليمة: شاهدنا أبوكم في التلفاز!لن أتحدث عن الفرحة‚ تلك التي أعجز عن تصويرها في عيني الزوجة والشاب الذي كان في عمر الثلاثة أشهر حين غُيب الآبس سأتحدث فقط عن الحزن حين يهجم بكل عذابات انتظار السنين‚كان التليفزيون يعرض مشهدا من شريط الرعب: اعدام الخونة! أنظروا كيف ان صدام قتل حتى مجرد التعلق بالأمل‚ أي طرقة أخرى على الباب يمكن ان تنتظرها هذه الأسرة بقلب يدق‚ وعين تشهق بالمفاجأة؟تلك واحدة ‚‚ والقصص الشبيهة كثيرة‚ بكثرة الذين تكوموا في قبور جماعية‚ وبكثرة الذين لم يتكوموا إلا في بطون جوارح الطير‚الرجل‚ كان «كابوسا» ‚‚ وهو اليوم ذليل في القفص‚ تهجم عليه كل كوابيس الذين قتل‚ والذين يتم واللائي رمل وكل كوابيس اللأعين التي قرحّها بالدمع الساخن‚ والصامت ‚‚ وكل كوابيس الأكبد الرطبة التي مزقها مزقا‚ذلك إذلال للعرب؟الذين يتلون بذلك‚ ينسون ان الرجل هو من أذل في العرب‚ كل نخوة‚ وكل مروءة‚ وكل لسان لا يمد إلا ليقول «انج سعد فقد أهلك سعيد!» العاطفة الفجة ليست منغصة فحسب ‚‚ وهي ليست أيضا‚ فقط مجرد «اعتراض لطيف» على تمكين العدالة ‚‚ انها دعوة «مبطنة» لتكرار التاريخ البشع‚ والأمة التي لا تقابل تاريخها البشع إلا بالعاطفة الفجة‚ هي أمة لا تدرك ان المستقبل لا تصنعه بشاعة التاريخ ولا الأبطال البشعون الذين «صنعوا» ذلك التاريخ! «ولكم في القصاص حياة»‚ذلك قول من أحكم الحاكمين ينبغي أن نرطب به ألسنتنا اليوم‚ ونحن ننظر‚‚ ننظر إلى دكتاتور في القفص‚‚ أول دكتاتور عربي يحاكمه شعبه بالإبادة‚ والجرائم ضدالإنسانية!
