نقلت صحيفة الرأي العام السودانية في عددها ليوم الجمعة الرابع عشر من اكتوبر خبرا مفاده أن وزير العدل محمد علي المرضي ألغى التسوية التي أجرتها نيابة الجرائم الموجهة ضد الدولة مع (٣٢) متهماً بالتزوير والتلاعب في (٦٢٢) قطعة سكنية بولاية الخرطوم.وقال الوزير في تصريح خاص لـ «اس.ام.سي» إنه لا توجد مصلحة عامة تقتضي التسوية أو تبرر وقف الدعوى الجنائية. مشيراً الى أنه وجه بسحب البلاغ من نيابةالجرائم الموجهة ضد الدولة وإحالتها الى نيابة الأراضي لمواصلة التحريك وتقديم المتهمين للمحاكمة
زاد هذا الخبر مظنة السوء التي تجيش في صدور أبناء الشعب السوداني عن الدور الفعلي الذي كانت تلعبه هذه النيابات الخاصة وبالذات تلك النيابة المعروفة بنيابة الجرائم الموجهة ضد الدولة, فما كان الظن بهذه النيابات ومنذ تأسيسها الا أنها هناك لتصفية حسابات النظام مع معارضي توجهاته.
قبل أقل من أربع وعشرون ساعة من حل الحكومة السابقة وذلك من اجل تشكيل حكومة جديدة كنا نظن بأنها حكومة وحدة وطنية, قام وزير العدل المنصرم بحل نيابة الجرائم الموجهة ضد الدولة , لماذا؟ وأمر بدلا من ذلك بتشكيل ثلاث وكالات متخصصة لأمن البلاد واقتصادها وللجرائم ضد الانسانية.
غير أن مايلفت النظر هو أن السيد الوزير الحالي صرح بألا مصلحة عامة تقتضي التسوية أو تبرر وقف الاجراءات القانونية ضد من أجرم بحق السودانيين بالتعدي سواء على حق خاص أو عام. وهنا نتساءل , أين كانت وزراة العدل السابقة؟ ولماذا التزمت الهدوء؟ ولماذا لم تتخذ اجراءات لوقف هذه المهزلة؟ هل كان صمتها وتجاهلها اهمالا أم غضا للطرف؟ أم كان هذا الصمت دليل رضى على تصرفات المدعو محمد فريد الحســن وكيل النيابة المشهور؟
القراء الكرام , ان جريمة التزوير في حد ذاتها , هي جريمة حق عام , بمعنى أنه لا قانون ولا لوائح تجيز التوصل فيها لتسوية مهما كانت الظروف , وعلى مراحل التقاضي في مثل هذه الحالات أن تصل الى منتهاها حيث سوح العدالة والنزاهة احقاقا لحق وابطالا لباطل وردعا لشيطان مارد سولت له نفسه المريضة التعدي على حقوق الآخرين. ونتساءل مجددا كيف يمكن التوصل الى تسوية في قضية حق عام؟؟
وبالتأكيد على هذه النقطة مجددا أقول كاتبا أن جريمة التزوير في حد ذاتها هي جريمة حق عام فاذا قام من تم الاعتداء عليه نتيجة لهذ الجريمة بالقبول بالتسوية (في حالة الحق الخاص), قهذا سيسقط الحق الخاص ولكن كون أن جريمة التزوير قد وقعت وأنه لابد من أن يأخذ الجاني نصيبه من العقاب وفق القانون فهذا حق عام لايمكن التنازل عنه الا للسيد رئيس الجمهورية , أما اذا كان السيد وكيل نيابة الجرائم هو رئيس جمهورية بلاحقيبة كما هو حال العديد من الوزراء فهذا هو الشيء الذي لا نعلمه والذي لم يصدر له توضيح حتى الآن من قبل الجهات المسؤولة!!!
تخيل ياعزيزي القاريء أن وزارة العدل ألغت تسوية لـ ٦٢٢ قطعة أجرتها نيابة الجرائم الموجهة ضد الدولة مع ٣٢ متهماً بالتزوير والتلاعب في قطع سكنية بولاية الخرطوم. وللتحليل بصورة أشمل نقول أن عمر نيابة الجرائم الموجهة ضد الدولة هو ٧ سنوات وذلك منذ تاريخ تأسيسها , وبعملية حسابية بسيطة نجد أن هناك ٨٨٫٨٥ قطعة أرض قد تمت تسويتهم في العام الواحد وهذا يعني أن هذه النيابة كانت تجري تسوية لقطعة أرض واحدة كل أربعة أيام وبصورة متواصلة وبلا توقف لا للعيد ولا للعطلات ولا لرمضان, الطريف في الأمر أن معدل كل متهم في قضية تزوير وتلاعب هو مايقارب ١٩٫٤ قطعة أرض. ..
فهل كانت وظيفة نيابة الجرائم هي الوصول الى التسويات بخصوص قطع الأراضي؟ ألم يكن هناك أي قضايا أخرى تبحث فيها هذه النيابة؟ ثم ولماذا تبحث هذه النيابة في قضايا الأراضي ؟ أوليس هنالك نيابة متخصصة في قضايا الأراضي؟
تأمل أيها القاريء الكريم ,,,,نيابة تجري تسويات في قضايا تزوير وتلاعب في أوراق أراضي بمعدل قدره تسوية واحدة كل أربعة أيام ولمدة سبعة سنوات مع متهمين بمتوسط ١٩٫٤ حالة تزويرللمتهم الواحد.
فهل يجوز لنا بعد هذا أن نظن ونشتبه في وجود حالات فساد متعلقة بهذه النيابة؟
لماذا تقوم نيابة الجرائم بعمل تسويات في قضايا حق عام, قضايا تزوير وتلاعب؟؟ لقد صرح السيد وزير العدل الحالي بأنه لاتوجد مصلحة عامة تقتضي التسوية أو تبرر وقف الدعاوي الجنائية , اذا فلماذا التسوية؟ لماذا؟
ألا ينبغي فعلا تحويل مولانا محمد فريد الحسن الى تحقيق اداري من أجل محاسبته ؟ أم أن السيد فريد محصن ضد التحقيق؟ ألا ينبغي فتح كافة الملفات المتعلقة بنيابة محمد فريد الحسن بدأ من الأراضي والاستثمارات ونهاية بسوداتل وتعذيب أبائنا من شباب دارفور؟
يقول رب العزة والجلال في محكم التنزيل (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ (٧٨ ) كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ ) سورة المائدة الآيتين الكريمتين ٧٨ و ٧٩ .
على السيد فريد أن يمتلك الشجاعة ليوضح للرأي العام الحقيقة فيما يختص بهذه التسويات التي تمت فيما يتعلق بقضايا تزوير الأراضي, وذلك كما امتلك الشجاعة يوما لينتقد حكم القضاء عندما وصفه بأنه ضعيف فس قضية المحاولة الانقلابية المزعومة. اننا كرأي عام سوداني نطالب بمعرفة الحقيقة وهذا حق مشروع لنا.
ان الخطوة التي اتخذها وزير العدل الحالي هي وبلاشك خطوة في الاتجاه الصحيح.ولكن ينبغي أن تتبعها خطوات وخطوات.
متعكم الله بالصحة
د/ عمر عبد العزيز المؤيد