ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أكتوبر الأغر بقلم: هلال زاهر الساداتي – القاهرة
سودانيزاونلاين.كوم sudaneseonline.com 10/20/2005 2:53 م
أكتوبر الأغر هلال زاهر الساداتي – القاهرة تظهر في حياة الأمم معالم وضاءة تلوح كفجر ابلج يتفجر بالضياء والنور بعد ليل حالك السواد مفعم بالظلمة الداكنة , وقد جاءت ثورة أكتوبر بعد سنوات نحسات متخمة بأصناف العذابات والآلام التي كابدها شعب السودان في صبر جميل تنوء به الجبال الرآسيات ! فقد كان الشعب ضحية لعبث الساسة الذين انشغلوا بالمناصب وزهو السلطة , والجدل البيزنطي , والمناورات الحزبية , فقد انشغلوا بذلك عن واجبهم تجاه شعبهم والأخذ به ليرتفعوا به إلى مدارج الرفعة وتحقيق المعيشة الكريمة من تعليم وصحة وكفاية , وانشغلوا بالصغائر عن تعمير الوطن بنبش المكنون في باطن الأرض من ثورات للمعادن النفيسة , وزرع ظاهرها من النبات الذي يكفينا ويفيض خيرا علي جيراننا وللعالم ويجلب لنا الدينار والدولار , وهذا وما علي شاكلته من خيرات أفاء الله برحمته علي هذا القطر لا تستلزم سوي العزم والعمل والإخلاص . لكن ضيعنا فرصة العمر مثلنا كالابن السفيه الذي ضيع ميراث أبيه في اللعب واللعب والملذات العاجلة ! قنعنا أو أقنعنا أنفسنا بشعارات براقة مثل تحرير ولا تعمير و اعترتنا فرحة الأطفال برؤية علمنا مرفرفا علي السارية , وطربت أسماعنا بسماع نشيدنا الوطني , الانعتاق من قبضة الاستعمار وملئ الرئتين بهواء الحرية العليل , وولوج عالم الديمقراطية الرحيب قد أنعش فينا الآمال الساكنة و أيقظ التطلعات الغافية في أن نحيا الحياة رخية هنية في حدها الأدنى بلا حاجة أو هوان في رحاب العدل والكرامة , ولكن كيف يتأتي ذلك ؟ كيف تأتي الديمقراطية من أناس يلهجون بذكرها ولكن عند المحك والتجربة ينبذونها ويتنكرون لها فالزعيم أو رئيس الحزب هو الحاكم بأمره وهو القطب الذي يدور حوله كل الأعضاء والمريدين , وأيا من المعترضين أو المعارضين يكون مصيره الطرد بورقة مصدرة بعبارة – إلى من يهمه الأمر سلام – ثم يتبع ذلك (الفرمان) أمر الطرد من الحزب ! ثم كانت مهزلة المهازل وهي شراء وبيع النواب كما في أسواق النخاسة في الماضي , فقد رأينا النائب يمسي في حزب ويصبح في الحزب المناوئ له لقاء دراهم قبضها بليل , ومن هنا جاء الفساد والإفساد في العمل السياسي , وهذا السلوك المزري يذكر المرء بوفود القبائل التي تأتي بنحاساتها لتبايع كل عهد جديد وهم هم نفس الأشخاص ونفس القبائل التي بايعت أزهري وعبود والترابي والبشير , وقدموا عرائض الولاء الممهورة بالدم – دماء ذبائح بالطبع وليست دماءهم كما يدعون ! وتأتي علي قمة مأسآتنا الانقلابات العسكرية والتي قام بها مغامرون من شرذمة من العسكريين جمعت بينهم الصحبة أو المزاج أو المغامرة أو إطاعة أمر القائد و ربما فكر جماعة معينة وقاموا بانقلابهم والذي أسموه في كل الأحوال بأنه ثورة , وكانت (ثوراتهم) بلا استثناء وبالا علي البلاد والعباد , وعاثوا في البلد فسادا وافسادا , وخرابا ودمارا , وظلما وعسفا مما جعل الناس من الأحياء الذين عاصروا عهد المستعمر يترحمون علي ذلك العهد بما كان فيه من عدل ورحمة وشفافية . وكانت ثورة أكتوبر الشعبية بركانا تفجر فاكتسحت حممه أمامه و أحرقت جميع الظلامات والعذابات في العهد الأسود لعبود , كانت ثورة عبقرية لم يخطط لها مخطط ولم يشعلها أحد ولكن قام بها واشترك فيها جميع الشعب السوداني رجالا ونساء وأطفالا , خرجوا كالسيل الدافق وملأوا الشوارع ليلا ونهارا , وانبثقت من صفوف الثوار قيادات جديدة من الرجال والنساء ضمت أساتذة الجامعة والقضاة والمحامين والمعلمين والأطباء والمهندسين والعمال والموظفين وكانت دار اتحاد أساتذة جامعة الخرطوم هي قلعة إدارة النضال , وتكللت أكتوبر المجيدة بالنصر المبين واندحرت الدكتاتورية المستبدة . كانت أكتوبر الفتح المبين والذي سار علي هداه انتفاضة إبريل ضد دكتاتورية جعفر نميري , والمد الثوري سيتواصل وان تراجع في التوقيت فقد جابه الشعب السوداني أشرس نظام قمعي إرهابي تجرد من قيم الإنسانية في تاريخه وهو نظام الجبهة القومية الإسلامية , ولكن نقسم بأكتوبر الأغر إن هذا النظام سيذهب طوعا أو كرها وسينعم السودانيون بالحرية والامان والعدل من جديد . والسلام علي شهداء ثورة أكتوبر ومناضلي أكتوبر . [email protected]