الـــــــــــــــــــــــى : بائعة البخور .
غرقنا في الدم حتى ذابت اخمص اقدامنا في هذا السائل الاحمر فذابت فيه الحواس
ذوبان صاحبات الزأر و اصبح الدم عقدة اساسية في حياتنا و اصبح كل شيء احمر
مكروه لأنه لون الدم الذي يبشر بالموت و الذبح حتى لون النار احمر مخيف . اذا
لقد غرقنا في الجحيم منذ ان ولدنا و نحن نرى لون الدم و هو يسيل من ودجين
الخراف و هي تذبح للعقيقة و هي تذبح لقدوم الكرام و ايذانا بدخول الشيطان في
حلقات الزأر . اذا كل شيء يسبح في الدم و لكن رغما عن ذلك نقاوم . وعندها اصبح
السلطان الذي اتى من ازمان بعيدة يذكر بالعهود البالية و ذكريات القصص التي
ترويها الجدات للاطفال , فتقول الجدات : كان يا ما كان في قديم الزمان .....
الخ . و هذا السلطان الذي جاء من تلك العهود يحمل حزمة سياطه و يتبختر في وسط
المدينة بملابسه القديمة و التي لا تشبه ملابس سكان المدينة المعاصرين و
بافكار مقبوضة في ظلمة العقل الغميء . و لكن الناس تخاف منه لانه عظيم القامة و
الجسد له راحتان طويلتان و وجه دميم . و كل المدينة تهمس كمجمع الناس الخائفات
عند كل لقاء يتبادلن فيه ما خفى عن السلطان الظالم فينطلق الخبر من اكوابهن و
آنيتهن ثم يسري الخبر عن هذا الغريب الذي لا يعرفون عنه شيء . فينظرون اليه
الناس في خوف و حذر و عندما يبادلهم النظرات يتحولون الي قطع جليد متناثرة تحت
حرارة شمس الاستواء فسرعان ما تذهب شجاعتهم و يتوارون في اكاذيبهم و اغطيتهم
البالية ثم يغرقون في الدم . يدخلون المساجد ليؤدوا ما عليهم من واجب ديني و
في قلوبهم بعض خوف يخافون الجلاد صاحب السياط لأنه يجلدهم في الطرقات . تلك هي
المدينة التي لا تعرف ما معنى القيم الاخلاقية و لكنها تقدر القيم الثانوية
لبني الانسان . هذا الانسان الذي لم يكن الا روحا تقبض . و الذي يظهر ليس الا
شهوة يتلذذ بها بني البشر .
التـــــــــــــــــــــــــــــــــــــوقيع : ود محريب
(عراف المدينة)
الـــــــــــــــــرد (1)
الــــــــــــــــــــى : ود محريب (عراف المدينة)
لقد غمرنا الاسى و الالم لذا نحرق هذه الاعواد فتتصاعد دخاننا الى افق
السماء الرحيب فتنزلا مطرا يغسل هذا الدم من ايدينا من وجوهنا و من بعض المناطق
الخفية سوف تغسل كل عار . لقد اختلط دم العقيقة و الكرامة بدم الجريمة فاصبح
كل الدم يعبر عن الجريمة فهذه البهيمة تذبح تكريما للانسان و فداء له و لكن هل
يذبح الانسان فداء لاخيه الانسان ؟ و من سمح لنا ان نذبح هذا الانسان لكي اخيه
الانسان بالامن ؟ و في ذات ليلة مظلمة , دامسة , مبرقة و مرعدة تدفقت الدماء
في طرقات المدينة فسبح فيها الكثيرون فيهم الطارق و فيهم العابث و المجنون
لكنهم لا يعون ما معنى الدرس و فيهم من يذهب الى الجامع ليمارس واجبه الديني .
فاتاني شاب ذو بذة انيقة التمس عندي ان يجري الدم اكثر من ذلك و الدم لا يزال
يجري جريانه . و في ذات الليلة نزلت السماء مطرا امتزجت قطرات السماء بسحب الدم
الكثيفة و لكن لم يتغير شيء فما زالت الارض تغتسل بالدماء و هي تتشقق مشتهية
حلو الماء و الطمي و القناديل الجميلة و وطاة القدم الخشنة التي تدعب انوثة
الارض اللينة فتطمي فتحمل ثم تثمر . يبدو ان الارض كانت تحلم كمثيلاتها من
الكائنات في الفراغ الكوني بالسلام . فاصبحت السمة المشتركة بين الكائنات
الصماء و الكائنات الحية هي الاشتهاء الاخرص و الجرس الغامض فاصبحت سمتها الصمت
. فغالبت السماء الرغبة في الهطول و رحلت السحب سيارة من بقعة لاخرى تمني الناس
بالهطول و في اول الامر بدت باكية حزينة حتى الدموع اصبحت ضنينة . و لكنها
اشتهت البكاء فاندفقت السماء مقلة باكية طول الليل و امتدت الارض بكرا مشتهية
لتمارس عادتها الشرعية مع السماء لتنجب ابناء شرعيين . فهطل المطر و ذابت كل
السحب فاصبحت السماء جوفا فارغا و قعقعة السحب تدل على احشاء السماء الفارغة .
و لكن ماذا جرى للارض التي قد تثاقلت و اصبحت لا تقبل حتى حبيبات الرذاذ فطفح
الدم و ظهر الماء مخلوط بالدم حتى انعدم اللون الاحمر فحست الاشجار ببعض
الحرية و هزهت الرياح اغصانها تنفض منها غبار السنين و بعد قليل زقزقت الطيور و
اطلقت الحانا حزينة و لكنها تحس بالخوف فلا تبرح اماكنها . و الناس لا يبرحون
منازلهم المتهشمة و الخوف يملاهم وهم ما بين النظر الى السماء خوفا و رجاء و
كره الناس المطر و نسوا انه قرين السنابل و الخضرة و لكن يبدو انهم تعطشوا
للدماء . فانهارت المنازل و عاد الدم من جديد و ضجت المدينة من جديد بعد ما ان
كانت صامتة وامتلات المدينة باصوات المارة و الباعة وعادوا مرة اخرى للذبيح و
الطقوس .
التـــــــــــــــــوقيع : بنت الدر
مدينة الاساطير