تحليلات اخبارية من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

أبعاد وآثار الأدوار الأجنبية والإقليمية في المسألة السودانية بقلم مدينق ودا منيل شندوت

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
10/25/2005 10:26 ص


أخشى أن يتهمني البعض بالخيانة وعدم الوطنية لتناولي خفايا الدور الأجنبي والوطني في القضية السودانية، أتناول الموضوع منذ نشوء الدولة السودانية المعاصرة.
• تشكلت الدولة السودانية بخريطتها الحالية بقدوم محمد علي باشا عام 1821، وجد محمد علي باشا السودان في شكل ممالك ودويلات و إدارات أهلية، تتلخص أهداف محمد علي باشا لفتح السودان في تأمين منابع النيل أي الأمن القومي المصري، ثم التجارة مع السودان و جلب العبيد للخدمة في الجيش التركي المصري ....الخ.
• قيام الدولة المهدية 1882، وهذا من باب تداخل المصالح، قامت الدولة المهدية ضد هيمنة الدولة التركية و كانت ثورة وطنية، بل ما يهمني هنا كيف أثرت و تأثرت المهدية بالتدخل الأجنبي، من أكبر الأخطاء التى أرتكبتها الثورة المهدية غلو الخليفة عبدالله التعايشى إلى درجة أراد أن يغزو مصر و بلاد الأفرنجة ثم الحبشة الجارة المسكينة، ما الذي حدث بعد ذلك كان وبالاً على الدولة المهدية، بل كان بداية لنهايتها، حيث تدخل الأفرنجة و قضوا على الدولة الوطنية، ونشأ الحكم الثنائي بالسودان كما توسع السودان جنوباً حتى وصلت حدود السودان إلى منطقة (تروره) في داخل يوغندا.
• 1905 تم إتباع منطقة أبيي إدارياً من بحر الغزال الى كردفان لاسباب إدارية بحتة.
• 1924 علاقة ثورة اللواء الأبيض بالثورة المصرية و سحقها من قبل الافرنجة.
• 1922 /1928/1930 منشورات من قبل الإدارة البريطانية لتطبيق قانون المناطق المقفولة أي جنوب السودان وجبال النوبة وجنوب النيل الأزرق و آثاره السلبية والايجابية في العلاقات بين شطري الوطن شمالاً و جنوباً.
• الدور الأجنبي في تكوين مجلس إستشاري لشمال السودان عام 1943، و دور هذا المجلس في حكم الشمال، وقانون إدارة الدولة السودانية 1946 ثم الجمعية التشريعية 1948، وأخيراً مطالبته لمجلس إدارة الحكم الثنائي بإلغاء قانون المناطق المقفولة وتوحيد الدولة السودانية.
• مؤتمر جوبا عام 1947 الدور الأجنبي المتمثل في شخصية السير جيمس روبنسون الحاكم العام، و دوره في إنجاح المؤتمر.
• الحزبين الطائفيين الوطني الأتحادي وحزب الأمة و مدي إستعانة كل منهما بالطرف الأجنبي لتمرير أجندته، وقف المصريون مع الإتحاديين بحجة الوحدة بين مصر والسودان، كما وقف الإنجليز مع طائفة الأنصار لينال السودان إستقلاله دولة منفصلة، هنا إلتقت المصالح الأجنبية بالمصالح الوطنية.
• المائدة المستديرة 1965والدور غير المباشر لأصدقاء السودان، و خاصة دور جوليوس نيريري في إقناع زعماء الأنيانيا بالمشاركة في المؤتمر ثم الوجود المصري و الغاني والأثيوبي مراقبين.
• إتفاقية أديس أبابا 1972 بين حكومة السودان وحركة أنيانيا التى لعب مجلس الكنائس العالمي وذراعه في أفريقيا مجلس الكنائس الإفريقي دوراً أساسياً فيها، كما كان للإمبراطور هيلاسلاسي دور إيجابي علاوة على الضغوط من بعض دول الجوار.
• الوساطات الإجنبية في الحرب الأخيرة في السودان بين الحركة الشعبية لتحرير السودان والحكومات المتعاقبة، على سبيل المثال وليس الحصر، المبادرات الأمريكية العديدة وآخرها مبادرة جيمي كارتر، مبادرة رجل الاعمال البريطاني السيد/ تيري رولينغ، مبادرة أبوجا و مفاوضاتها، مبادرة الإيغاد التى توجت بأتفاقية السلام.
• المبادرة المصرية الليبية لحل القضية السودانية و ما تمخض عنها الى أن آلت لمصر و تم توقيع إتفاق بين الحكومة السودانية والتجمع الوطني الديمقراطي.
• مبادرة الإتحاد الإفريقي لحل قضية دارفور والتى توجت بمفاوضات أبوجا، ثم مبادرة الحكومة البريطانية لحل قضية شرق السودان ولا زالت في طورها الأولي.
• إتفاقية جيبوتي، ما قدمته دولة جيبوتي لتنقية الأجواء بين حزب الأمة القومي ونظام الانقاذ حينذاك،و الضيافة المحايدة من قبل دولة جيبوتي التي توجت أخيراً بالإتفاق.
أردت أن أسرد كل هذه الأحداث لكي نتعرف على الدور الأجنبي في الشؤون السودانية، حيث أصبح لفظ الدور الأجنبي سمة أساسية لنقد إتفاقية نيفاشا بأنها صناعة أمريكية ....إلخ وغيرها من الإتهامات، ذكر الإمام السيد الصادق المهدي بأن التدخل الأمريكي في السودان هذه المرة كان تدخلاً حميداً أي لمصلحة الشعب السوداني ....


السؤال لماذا يتدخل الآخرون في الشأن السوداني؟؟؟؟

الإجابة بكل بساطة أن هنالك مصالح بين الدول والشعوب لذا أصبح وبموجب النظام العالمي الجديد يصعب الفرز بين ما هو أجنبي وما هو وطني لعدة أسباب.
1. قضايا الحرب و آثارها على دول الجوار من حركة اللاجئين التى قد تتسبب في قضايا أمنية و إجتماعية بل حتى صحية و في بعض الأحيان ديموغرافية .
2. مشاكل الإغاثة و تعثر المجتمع الدولي و مثال ذلك حرب الجنوب و دارفور وشرق السودان و جبال النوبة والنيل الأزرق, أي أن ما يقارب نصف سكان السودان يعتمدون على المساعدات الأجنبية في معيشتهم وصحتهم و غيرها من سبل الحياة.
3. قضايا حقوق الأنسان وآثارها على المجتمع الدولي من إنتهاكات لحقوق موطني الدول المحتربة، وتأثر الدول من الهجرات وتدافق شعوب تلك الدول إلى الدول الغربية وأثر أولئك المهاجرين الجدد على تلك الدول ثقافياً واجتماعياً ودينياً.
4. الأمن الأقليمي والدولي و ما قد تتضرر به بعض الدول الكبرى في مصالحها مثل أمريكا و فرنسا وبريطانيا ....الخ
5. قضايا الأرهاب الدولي و تجارة المخدرات و مثال ذلك أفغانستان وكولومبيا , تجارة البشر كما حدث في سيراليون و ليبريا وبعض دول أمريكا اللاتينية ...غسيل الأموال و تجارة السلاح غير المشروعة و مثال ذلك دولة الصومال.
6. الأمن الغذائي العالمي من المجاعات والنمو السكاني وبعض الأمراض المستعصية والموروثة و صعوبة معالجة تلك الأوضاع خاصة في الدول التى تعاني من الحروب .
7. التدخل في شؤون بعض الدول كما حاولت الإنقاذ بأفعالها في محاولة تصدير برنامجها الذي أسمته بالتوجه الحضاري والأمثلة كثيرة لاحصرلها ,,, محاولة إغتيال الرئيس المصري حسني مبارك، دعم جيش الرب في يوغندا، دعم الجماعات الأصولية في كل من كينيا وتنزانيا و ملاوي، وما ترتب عليه من سوء العلاقات في بعض الأحيان مع تلك الدول .. مناصرة الحركة الإسلامية الأريترية ,,,, دعم العناصر الأصولية من الأفغان العرب و على رأسهم الشيخ أسامة بن لادن و استخدام هؤلاء ضد السعودية و دول الخليج العربي ,, دعم جبهة أرومو الإسلامية في أثيوبيا ,,,,هذا الخطوت ليست بعيدة مما أراد عبدالله التعايشي فعله لذا كان لهذه التصرفات العوجاء آثارها على السودان وبالتالي تسببت في تدخل القوى الأجنبية ذات النفوذ في الشأن السوداني لأن مصالحها أصبحت مهددة .

نعود إلى أتفاقية نيفاشا والدور الأجنبي :-

لاشك أن مبادرة الإيغاد كانت مبادرة إقليمية من طرف الرئيس المشير عمر البشير نفسه، حيث طلب من دول الإيغاد التوسط بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان، و قد وجد طلب الرئيس البشير صدى إيجابياً بين دول الإيغاد لأسباب ذكرتها آنفاً، لأن معظم تلك الدول تجاورالسودان وتتأثر مباشرة أوبصورة غير مباشرة بمجريات الأحداث في السودان.
كيف تدخلت قوى أجنبية أخرى؟ هناك عدة أسباب منها الداخلية والخارجية، لتلك الدول على سبيل المثال قضايا ذكرت منها الأنسانية ثم آثار الحرب من الدمار والخراب، ثم المنحى الذي اتخذته الحرب خاصة بعد ما اعتلت الجبهة الإسلامية القومية سدة الحكم وإعلانها للحرب الجهادية ضد أبناء الوطن الواحد، ثم ضراوة تلك الحرب ضد أناس يدينون بديانات أخرى غير الأسلام مما جعل منتسبي تلك الديانات في دولها يهتمون بالاوضاع في السودان خاصة المنظمات الكنسية واللوبي الأفريقي، في الولايات المتحدة كان لظهور لاجئيين سودانيين بالآلاف في تلك الدول مصدر للفت الإنتباه الشعبي.
دور الوسطاء في المفاوضات يتلخص في تقريب أوجه النظر في القضايا الخلافية و هذا أمر طبيعي، و يعزى ذلك الى الهوة الكبيرة وعدم الثقة بين الأطراف المتحاربة، لأن المفاوضات أخذت مدة أطول مما ينبغي لها أي منذ عام 1994 عام بداية وساطة الإيغاد.
الكثيرون ينتقدون قضية أبيي وخاصة الورقة التى قدمها القس دانفورث بأنها تدخل صارخ في شؤون السودان، كما ذكرت سلفاً بأن التدخل الأجنبي في قضية أبيي لم يبدأ من نيفاشا بل هو قضية شائكة و قد حاولت أتفاقية أديس أبابا حلها، أنظر كتاب السيد أبيل ألير(التمادي في خرق الإتفاقيات) وكتاب الدكتور منصور خالد (أهوال الحرب) لذا فإن مشكلة ابيي هي مشكلة قديمة منذ اتباعها لكردفان عام 1905 و الذي كان قراراً أجنبياً.
لماذا النقد اللاذع لمبادرة الإيقاد ووصفها بأنه أجنبية في حين القبول بالمبادرة المصرية الليبية وبأنها شاملة أليست هى أيضاً أجنبية، قصور مبادرة الإيقاد بين الحركة الشعبية والحكومة السودانية له مبرراته كونها مبادرة قطعت شوطاً في حل قضية الحرب في السودان بين الجنوب والشمال، بل ذهبت الى أبعد عن ذلك عندما توصلت الأطراف إلى إعلان المبادئ، لذا كان من الصعب أن تظهر مبادرة جديدة أخرى لتعالج القضايا برمتها في سلة واحدة، هذا أمر في غاية الصعوبة، وذلك لعدة أسباب منها المدى الزمني للمبادرة الجديدة، مصالح دول الإيغاد نفسها وشعورها بأن ما حققته يريد آخرون خطف ثماره بعد أن قطعوا الشوط، مخاوف بعض القوى الدولية من تدخلات جامعة الدولة العربية أن تنتهي بتمترس القضية السودانية في المحور العربي الشرق الأوسطي مما قد يتسبب في تعقيد الأمور بل ستكون عرضة للمساومات وقد يتم ربطها بقضايا العراق وفلسطين وغيرها من قضايا العالم العربي، وعدم ثقة أهل الجنوب بدور الدول العربية وشعورهم بأن تلك الدول و جامعة الدول العربية منحازة لحكومات الخرطوم .

الدور الأجنبي في الممارسة السياسية بالسودان:-

هل ظاهرة تبني السودانيين للأحزاب ذات الأمتدادات الخارجية ظاهرة صحيحة أم مفيدة؟
هنالك تداخلات يصعب على المرء تفاديها في التعامل مع المؤثرات الخارجية، لسبب بسيط بأن السودان ثقافياً وعرقياً ودينياً له تداخلات مع مجتمعات أخرى، لذلك كانت الدولة السودانية عرضة للتجارب الخارجية بل في أحيان كثيرة أصبحت حقل تجارب أيديولوجي و فكري، من تلك التجارب ما هو مفيد وما هو ضار للسودان، نأخذ بعض الأمثلة لتلك الأحزاب التي لها إمتدادت أجنبية وبالتحديد.
• الحزب الشيوعي السوداني وتأثيره أيديولوجياً في الشارع السوداني، ظهر هذا الحزب في حقبة الأربعينيات من القرن المنصرم و قد تغلغل في أوساط المثقفين والعمال و مزارعي مشروع الجزيرة وطلاب الجامعات وكان له دور إيجابي في الحركة الوطنية، لكنه أصطدم بواقع ديني في الأقاليم السودانية المختلفة إضافة إلى صراعاته مع الإسلاميين، مما أقعد الحزب عن وضعه الريادي بل تراجع بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة ويعود ذلك لعدة أسباب بعضها خاص ببرامج الحزب نفسه والبعض الآخر له صلة بالتقلبات السياسية في السودان ثم المتغيرات الخارجية ومنها إنهيار المعسكر الشرقي وتداعياته.
• حزب البعث العربي الإشتراكي جناحي العراق وسوريا، هذين الحزبين كانا نتاجاً طبيعياً لتطور النزعة العروبية والقومية في الشرق الأوسط لعدة أسباب منها ما يتعلق بالصراع الإسرائيلي العربي و التصدي للإستعمار والإمبريالية، وقد أصيب الحزب بالخمول، ولعل أهم الأسباب هو الوضع الداخلي في السودان خاصة في الأقاليم المختلفة التي لا تؤمن بالعروبة في السودان، والمتغيرات السياسية، والصراعات مع حركات الإسلام السياسي، وكذلك إضمحلال التجربة من دول المصدر أي سوريا والعراق لأسباب إقليمية ودولية.
• القوميون العرب والناصريون هذه المجموعات ظهرت في نفس الظروف التي ظهر فيها حزب البعث، بل هنالك تشابه كبيرفي الأطر العامة والمنطلقات الفكرية وكان للرئيس الراحل عبدالناصر دور في توسيع نفوذه زعيماً عربياً أوحد، ثم وضع مصر آنذاك قائدة للأمة العربية و أخيراً تراجع نفوذها إلى داخل مصر، خاصة بعد توقيع إتفاقية كامب ديفيد.
• الحركة الإسلامية أو جماعات الإسلام السياسي من الأخوان المسلمين والجماعات السلفية (أنصار السنة المحمدية)، الجبهة الإسلامية القومية (المؤتمرالوطني) و(المؤتمر الشعبي),
• أولاً مجموعة الأخوان التى أنشطرت إلى مجموعات متناحرة مصلحياً فهؤلاء من إنتاج مصري بظهور حركة الأخوان على يد الإمام حسن البنا، ظهر هؤلاء بنشاطهم في الجامعات و وسط المثقفين و بعض الطلبة من خريجي جمهورية مصر العربية، صعد هؤلاء مع صعود الحركات الأصولية في الشرق الأوسط والعالم الإسلامي وإستفادوا من الحرب الباردة التى كانت تدور في الخفاء، حيث صعدوا إلى القمة في افغانستان بالرغم من الحصار الذي فرض عليهم في بلادهم مثل مصر وبلاد الشام والمغرب العربي، بل إستفادوا من الجو الديمقراطي في المجتمع الغربي ذاته ونظموا أنفسهم في شكل خلايا في دور العبادات والمنظمات الإنسانية، واعتلوا السلطة في السودان الى يومنا هذا،المجموعة السلفية و هؤلاء بدأ يصعد مجدهم أبان وصول الإنقاذ الى السلطة بالرغم من أن الإنقاذيين حاولوا في بداية مشوارهم أن يعبثوا بهم ولكن لتطابق المصالح أخيراً حاولوا الإستفادة منهم في الحكم، عندما إنكشفت عورة الإنقاذ وكان على هاوية السقوط في أواخر التسعينيات، إستفاد هؤلاء من علاقاتهم المتينة مع السعودية و بعض دول الخليج كما إستفادوا من علاقاتهم مع هؤلاء مادياً وبدأوا يتغلغلوا في أجهزة النظام الحاكم في السلطة ممارسين نفس التكتيك الذي أتبعته الجبهة الإسلامية القومية أبان حكم مايو، أصبحت المجموعة السلفية الأن ذات قوة لايستهان بها في الجامعات والمعاهد العليا السودانية و غيرها.
• اللجان الثورية أي مجموعات الزعيم معمر القذافي، هؤلاء ظهروا في السودان أثناء النزاع بين الطاغية نميري والقذافي في حقبة السبعينات من القرن الماضي، و استفادوا من المخصصات المالية التى كانوا يتقاضونها من النظام الليبي وأرادوا أن ينشروا فكرهم في المجتمع السوداني مستغلين خاصة الفرصة التى سنحت لهم أيام الحكم المدني الثالث.

كيف تضرر السودان من المد الخارجي الحزبي والايديولوجي على مجريات السياسة
السودانية.

كان للأندفاع الذي شهدته هذه المجموعات في المجتمع السوداني أثر فعال إلى يومنا هذا في السياسة السودانية الداخلية وعلاقات السودان الخارجية، كما أثر سلباً على التعايش السلمي في السودان وأدى إلى التصعيد بل و تقسيم البلاد على أسس قومية عربية وأحياناً دينياً و إيديولوجياً.
كان لأهل الجنوب رأي صريح في ذلكن يرى الجنوبيون بأن أندفاع الشمال نحو الشرق الأوسط بهذه السرعة كان عائقاً على علاقات البلاد في الإتجاه الأخر أي صوب اعماق أفريقيا ، مما جعل أهل الجنوب يتوجسون من العلاقة بين الجنوب والشمال، والأدهى من ذلك شعور الجنوبيون بأندفاع الشمال نحو العالم العربي على حساب الوحدة الوطنية، إضافة إلى تكريس سياسات الإسلمة والتعريب،
مثلاً الدور السعودي في إقناع حكومة نميري بتطبيق الشريعة الإسلامية مقابل استفادة جعفر نميري من مبالغ مالية تدفع له مقابل تطبيق الشريعة، تأزم الوضع بحكومة نميري بعد أن تخلت عنه أمريكا في آخر أيام حكمه.
التدخل الليبي المباشر في دعم اللجان الثورية في السودان بشكل أموال للترويج للكتاب الأخضر أي ما أسماه القذافي بالنظرية الثالثة .
الدعم الذي تحصل عليه الجبهة الإسلامية القومية من البيوتات المالية في السعودية الذي ظهر في شكل مصارف إسلامية مما أثر ذلك على الإقتصاد الوطني.
مشروع الوحدة بين مصر والسودان وليبيا، والتكامل المصري السوداني و الإتفاقيات الدفاعية بين مصر وليبيا مع السودان، ثم إتفاقيات الدفاع المشترك كما جاءت في ميثاق جامعة الدول العربية ، هذه الإتفاقيات جعلت أهل الجنوب يشعرون بالخطر، لأن تلك الإتفاقيات كانت سيفاً سلط على رقابهم، و قد ظهر ذلك في آخر 21 عام من عمر الحرب، كيف تعامل الطيران الأردني في مناطق الكرمك وقيسان أبان الحكم المدني والدور المصري والليبي في الحرب و حادثة الطائرة الليبية المشهورة التي هبطت في منطقة قناة جونقلي عندما نفذ منها الوقود والوساطة اليوغندية لإطلاق سراح الطيار والطائرة و تسليمها للعقيد القذافي، دور الطيارين العراقيين الذين كانوا يقودون طائرات الأنتنوب و قذفهم العشوائي للقرى في الجنوب و آخرها حادثة طائرة الرائد شمس الدين نائب وزير الدفاع في حكومة الإنقاذ.
أحزاب البعث ودورهم من الدعم الذي كان يتحصلون عليه من كل من العراق وسوريا للوقوف مع القضايا العربية المحورية و تأثر السودان من ذلك في توازنات في السياسة الدولية.
الناصريون والقوميون العرب أذرع مصر في السودان ودورهم في تغيير الأنظمة الديمقراطية في السودان، وكان لمصر دور محوري في تغيير الأنظمة في السودان لدرجة أصبح السودان شبه ولاية مصرية تحكم بوصاية من مصر.
دور هؤلاء في الصراع الداخلي في السودان، جعل أهل الجنوب والمهمشين يشعرون باضطهاد من قبل هؤلاء خاصة دور الجامعة العربية المخزي في الوقوف بجانب حكومات الشمال ضد العناصر السودانية الأخرى دون مراعاة لخصوصية السودان، وقد ظهر ذلك جلياً في حرب الجنوب وجبال النوبة والنيل الأزرق ثم حرب دارفور الحالية.
ظهرت نزعة القومية الأفريقية في الجنوب و في بعض مناطق السودان أي(Pan African Trend ) بعد نشوء هذا التيار في عموم أفريقيا خطوة لمقاومة الإستعمار، شعر الجنوبيون بأن أولوية القومية السودانية ليست من أهتمامات الطرف الشريك في الوطن بل أصبح الحديث عن دور السودان الريادي في أفريقيا مصدر سخرية لبعض الشماليين من أصحاب التوجه العروبي بأدعاؤهم بأنه ليس هنالك قومية أفريقية، بل الحديث عن وجود البيض والسود و العرب في أفريقيا لذا ليس هنالك قومية أفريقية موحدة، هذا أمر يحتاج لنقاش منفصل، لأن قضية القومية أمر شائك و متشعب تحتاج إلى دراسات متفحصة ومحايدة دون اللجوء الى الأحكام المسبقة.
وفي الختام رسلت للذين يزعمون بأن نيفاشا إنتاج أجنبي، فأقول لهم أنه صنع سوداني بأدوات أجنبية ولمصلحة السودان، وأن الدولة السودانية الحديثة صناعة أجنبية من إنتاج تركي/ مصري /عربي/ إنجليزي/ ممزوج بخلطة أفريقية، شئنا ذلك أم أبينا. فها هو السودان أبوجا ومنبر الشرق والقاهرة كلها ستكون أجنبية ولمصلحة السودان.
لذا ليس كل ما هو أجنبي هو صناعة الشيطان، و ليس ما هو كل وطني صناعة الملائكة، الأهم في الأمر هو كيف نتكيف مع الظروف الدولية والإقليمية والمحلية و نوظفها و نسخرها للمصحلة الوطنية مع مراعاة الدور الوطني و خصوصية الأجندة الوطنية، وذلك بدلاً من دفن الرؤوس في الرمال و التعلل بأن ما حدث ليس إلا إملاءات، لسنا أحسن من رواندا ..بوروندي..ساحل العاج ..سيراليون..موزمبيق..أنجولا..الصومال..ليبريا..جنوب أفريقيا..تيمور الشرقية..بوسنيا..كوسفو..لبنان..الخ كل تلك الشعوب حلت مشاكلها بسند أجنبي، وكان للمجتمع الدولي بصمات واضحة، ومن المؤسف تبرير البعض و تفسيرهم لبعض الأدوار الأجنبية في الشأن السوداني بأنها دور للأشقاء والآخر دور للأصدقاء أما الباقي فدور إمبريالي.
ليعلم الجميع ليس كل أشقاء و أصدقاء الشمال من الضرورة أن يكونوا أشقاء للجنوب أوأصدقاء له, و العكس كذلك صحيح.
لنترك الكل و نحتكم إلى الواقع السوداني و نعالج مشاكلنا بمساعدة الأطراف التي تحدب على مصلحتنا وتتميز بالقدرة على تفهم أوضاعنا السودانية ذات الخصوصية متخذة مواقف متجردة وحكيمة والأهم من ذلك أن تتسم بالعملية و إمكانية تطبيقها على أرض الواقع.

الجوال 5802130
[email protected]
[email protected]
الدوحة -قطر

للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved