عروبة السودان بها (إنّ و أخواتها)، وقد جلب لنا العار و إنعدام وطناً ننتمي إليها.
بقلم ذيو بول شبيت.
لأ أشك أبداً في أن إتفاقية السلام الشامل التي وقعت في نيفاشا في مستهل هذا العام قد زاد في أوهام الجبهة الإسلامية وشعورها بالأمن و الأمان على رأس حكومة السودان القديم. وقد شهدنا مؤخراً إنطلاق كوادر و أقلام الجبهة الإسلامية من أمثال أبو مصعب و محمد منصور في إعلان ما تبقى من مشروع السودان القديم الحضاري (البائدة) ظناً منهم بأن (الوراء مؤمّن) فبدأوا يرمون (قدام). وفي الحقيقة أنا من (المرتاحين) جداً للإخوة من السودان القديم وعقليتهم الحالمة دوماً في صراحتهم على إطلاع الناس على مشاريعهم الحضارية الوهمية و ذلك بالإعلان عنها كلما ظنوا أن الفرصة سانحة و مواتية أمامهم. و بالرغم من أن معظم الجلابة في السودان القديم (مثل حزب الأمة و البعث العروبي) أعلنت إنسحابها و تنازلت عن حلم و فلم عروبة الدولة السودانية، و حتى رئاسة الجبهة الإسلامية (بجناحيها الشعبي و الوطني إضافةً إلى تنظيم الأخوان المسلمين) إنسحبت (تكتيكياً) عن المشروع العروبي و الإسلامي و سمحت لأول مرة في تاريخ (السودان القديم) بأن ينوب (جنوبي كافر) عن رئاسة الدولة الإسلامية المزعومة وذلك بالسماح لسلفا بوضع علمين (للسودان القديم) على سيارته ذاهباً للقصرالجمهوري، عندما سافر عمر البشير إلى القاهرة ليستشير حسني مبارك في موضوع إصرار الحركة في قيام وزارةً للنفط في جنوب السودان (المستقل). إلا أن أبو مصعب ضرب عرض الحائط بإنسحاب قيادات الجبهة التكتيكية عن المشروع العربي (القذر) و تسّاءل حالماً عن ما بعروبة السودان؟
و على الرغم من أن (الأخو) مصعب إعترف بخجل من أن دولة لبنان (الصديقة) أعلنت رفضها صراحةً عن زعم السودانيين الإنتماء للمعسكر العربي، إلا أنه عمد إلى عدم ذكر إعتراض بقية الدول العربية و خاصة دول الخليج العربي و على رأسها العراق و السعودية. و كانت مصر هي الدولة الوحيدة التي هددت بالإنسحاب من جامعة الدول العربية إن لم تتقبل الدول العربية (إستعراب) السودان. و بما أن العرب كانوا في أشد الحاجة إلى قوة مصر العسكرية في مواجهة دولة إسرائيل (الشقيقة)، والتي أقسمت على تحرير كل شبر من آراضي شعب الله المختار من بيت لحم إلى الدجلة و الفرات، إستسلم العرب إلى الضغوطات المصرية في قبول السودان عضواً (تحت العادة) في الجامعة العربية!!! وإذا جاز المقارنة، فقبول السودان كانت على شاكلة قبول تركيا في الإتحاد الأوروبي – أي فقط لموافقتها على محاربة الإسلام الإرهابي! و في حالة السودان، موافقتها على محاربة المسيحية من عدم الدخول لدول الخليج، و خاصةً السعودية، عقر دار الإسلام و العروبة. ووعدت مصر العرب في دعم و مراقبة السودان في تنفيذ تلك السياسة و ذلك بإحتلال جنوب السودان و إعلان الجهاد فيه لغرض الإستعراب و الأسلمة بالقوة ومن ثم التوغل داخل القارة الإفريقية لنشر الإسلام و الثقافة العربية المبنية على التفرقة العنصرية و علوم العصر الحجري!!!
و إذا حاولنا الإجابة على سؤال أبو مصعب عن ماذا جلب العروبة للسودان؛ فنجد أن هذه (الجنسية – أو سميها أي شيئ) قد أتانا بالزيلية و العار و العبودية و كل شيئ محتقر!!! فوصول هذا القوم من الناس كان البداية في تدمير أعرق حضارة إنسانية قائمة على وجه الأرض، متمثلة في حضارة النوبة العريقة. و هدم العرب كنائس دنقلا في محاولة لإسكات و قتل تعاليم المسيحية التي هي أساس حضارة النوبة والمساهمة في النهضة الإنسانية في الكرة الأرضية ككل. و حتى الإسلام، فقد أسسنا (نحن الأفارقة) ممالك تميزت بالعدالة و إحترام حقوق الإنسان في السودان قبل مجيئ الأعراب هاربين من الجوع و الفقر من صحاريهم، فجاءوا وتمكنوا من الدخول في عمق الممالك بعد أن زوجونا بناتهم و خربوا هذه الممالك بسياسات التفريق بين الشعب الآمن و أحتلوا الآراضي و طردوا السكان الأصليين إلى ما يعرف اليوم بالهامش. و جنت السودان من إنتماءها للعالم العربي إنصراف الشعوب الإفريقية والعالم عنها، و بالمقابل عدم إعتراف العرب بهم و إستحقار شعوبها للسودانيين، و حتى المصريين الذين وعدوا بدعم إنتمائنا (المشكوك فيها) للعرب، أصبحوا أول من يسمي و يشبه السودانيين بالقرود (و أقصد هنا السودانيين القدامى أمثال مصعب و محمد منصور) وذلك لإختلاف لونهم و حتى ثقافاتهم (حديثهم، أكلهم و شرابهم، لبسهم) عن العرب. و بما أنني أشكر الرب في أنني لم أزر أية دولة عربية في حياتي، إلا أنني أذكر إحراجات كثيرة وقعت فيها و وقع سودانيين كثيرين فيها بسبب الإنتماء العربي المزعوم. ومن أشهر الإحراجات في التاريخ القريب الإحراج الذي وقع فيه الرفيق الشهيد د. جون قرنق و زميل له من السودان القديم. قيل أنه خلال دراسته في الولايات المتحدة كان له زميل واحد من شمال السودان، و كانت إدارة الجامعة تجتمع الطلبة (الأجانب) كل فترة لمناقشة أمور تتعلق بدراستهم و سبل عيشهم في الولايات المتحدة. و كان الإجتماع تتم حسب القارة التي تنتمي إليها أي مجموعة من الطلاب. فإجتمعت الإدارة بالطلبة الأفارقة و العرب (بصفتهم ينتمون إلى قارة آسيا)، و اللاتينيين و الأوربيين ...إلخ. إنتظر د. جون و زميله (السوداني القديم) إلى نهاية القائمة و لم تأتي دورهم!!! إستغرب الإداري و سألهم عن هويتهم فقالوا إنهم سودانيين، و ضمت إدارة الجامعة إلى القائمة مجموعة السودانيين منذ ذلك التاريخ!!! ونجد أيضاً أن إنتماء بعض السودانيين للعالم العربي المنهار هو السبب الأساسي في التخلف الذي يعاني منه السودانيين اليوم و ذلك بالتخبط السياسي الذي لازم الدولة نتيجة سياسات التفرقة العنصرية و الحقد الذي كان أساسه الإنتماء العربي البغيض. و نتيجةً للعقلية العربية المستعمرة و المحتلة (أو قول المختلة)، حاربت الدولة أبناءها من السكان الأصليين بغرض إستعمارهم و إحتلال أراضيهم تحت مسميات شتى. و يبدو أن مستعربي السودان القديم كانوا على يقين من أن الشعوب المهمشة ستصحوا يوماً ما و يعملوا على إيجاد وطناً ينتمون إليه في السودان، فعملوا منذ زمن بعيد لإستقطاع أجزاءً من أراضيهم لتصبح جزءاً من دولتهم المنتمية للعرب في الخيال!!! حتى آهالي دارفور الذين أوهموهم بالإنتماء العربي لمحاربتنا، إستقطعوا أراضيهم و ضموها للدولة الوهمية، و ها المفاوضات تتعثر في أبوجا لمطالبة أهل دارفور بأرضهم المسلوب و المحتل. كل ذلك جلبه إلينا إنتماءكم للعالم العربي المتخلف يا أبو مصعب!!! ولم تسعفكم إستعدادكم لخدمة أغراض الأعراب القذرة في أن يشبهكم العرب بالقرود و يرفضوا الإعتراف بكم كأخوان لإنكم لستم منهم!!! فأقرب الناس إليكم هم نحن (خيلانكم) كما تزعمون!!! و إن كنا حقيقةً (خيلانكم)، فأجزم ان أختنا التي هي جدتكم (المزعومة) كانت من بناتنا اللآى رفضن الأنصياع لقوانين أسرتنا فشردت من البيت و قابلها جدكم الملعون في (العشش أو شوارع و حواري أمدرمان القذرة). و أنتم نتاج طبيعي لمثل تلك الجدة. و أذكرك بتعليق الشهيد الدكتور عندما وقعتم على سلامكم (من الداخل) مع مجموعة الدنانير، حين تقدم أحدهم وقرأ من الكتاب المقدس ما معناه (طوبوا لصناع السلام، لإنهم أبناء الله يدعون)، علق الشهيد الدكتور قائلاً؛ إذا كان هؤلاء هم أبناء الله، فأن ذلك الله ليس إلهنا. وقد قلت الحقيقة في خلاصة مقالك حين قلت: إذا رفض العرب إنتماءكم إليهم، فليجدوا لأنفسهم جنساً آخر لأنكم ستظلون عرباُ حتى إذا رفضوكم. فالحقيقة في تلك الخلاصة هي إنك (إستعجلت) و سبقت العرب في ما كانوا يريدون قوله بالضبط وهو، إذا كان السودانيين عرباً، إذاً فهم ليس عرباً.
الإنتماء للعالم العربي لأ و لن يأتي للسودان القديم بأي مكسب، بل و سيجعل السودان أضحوكة العالم الحديث، فالعرب لهم من المشاكل ما يكفيهم و لأ أظنهم على إستعداد لتقبل دولة إرهابية كالسودان القديم ليزرع فتناً زيادة على ما هم عليها. لذلك أقترح على مفوضية الإيقاد بالضغط على الحركة الشعبية لتحرير السودان للقبول بحق تقرير المصير لشعوب السودان القديم في التصويت بالوحدة مع السودان الجديد لعلهم يجدون دولةً ينتمون إليها بعض أن رفضهم أسيادهم و إستغنعوا عن خدمتهم!!! و ندعو حكومة و شعب السودان الجديد في العمل على جعل خيار الوحدة جازباً لأبناء أختهم (فطومة) لإنقاذهم من الزل و الهوان الذي وقعوا فيها بالإنضمام للجامعة العربية المنهارة.
و في الخاتمة، سأظل مستغرباً في لماذا يصر الإخوة في السودان القديم على (حشر) أنفسهم في الإنتماء للعرب الذين رفضوهم لعدم إنتماءهم إليهم؟ و لماذا يصر أمثال مصعب الأمين و محمد منصور في زج أناس كالموريتانيين، و التشاديين، و الصوماليين، و الفور في الحذو حذوهم؟ هل ذلك حتى يشاركونهم في إستحقار العرب لهم، أم يا ترى لهم (السودانيين القدماء) أطماع في بترول السعودية و العراق و بلح و تفاح الأمارات؟ القرون القادمة ستجيب على هذه الأسئلة و أسباب الهجرة المروعة للشماليين للعمل كخدم الأماراتيين و السعوديين.
عاشت السودان الجديد حراً مستقلاً و مفخرة للشعوب السودانية الإفريقية، و عاشت إفريقيا وطناً شريفاً لأبناءها الأحرار، و الخزي و العار للأعراب و خدمهم المستعربين.... سودان جديد ويييييييييييييي!