استمرت معاناة ومأساة اللاجئين السودانين لتدخل اسبوعها الثانى واستمر الاعتصام بجوار مكتب المفوضية السامية لشئون اللاجئين بمصر وسط تكتم اعلامى يرقى لدرجة التواطى من قبل وسائل الاعلام المقروءة والمرئية خاصا العربية منها .حيث يزداد عدد المعتصمون يومياوليصل العدد الى 2500 او اكثر حيث التدافع باعداد غفيرة الى مكان الاعتصام .
نساء واطفال وشباب افترشوا الارض والتحفوا السماء فى حديقة تطل على شارع جامعة الدول العربية (احد اشهر شوارع القاهرة حيث يقصدها اثرياء الدول العربية لقضاء فترة الصيف ) فى انتظار قرار المفوضية لحسم اشكلاتهم حيث اوقفت المفوضية اجراءات اللجوء للذين التمسوها فى بداية العام 2004 ايضا رفضت العديد من الطلبات واجرت الكثير من التوطين المحلى دون ان تقدم اى تسهيلات للاجئين الذين تم توطينهم فى مصر , حيث ترى المفوضية ان الوضع فى السودان يتحسن كثيرا وبدات فى اعلان العودة الطوعية وسط اصرار اللاجئين ومناشدتها للمفوضية باستئناف اجراءتهم واعادة تطوينهم بدولة ثالثة لان الحديث عن استقرار الاوضاع التى هربو منها فى السودان مازالت قائمة حيث الحرب لم تضع اوزارها حيث دارفور مشتعلة وتتناقل وسائل الاعلام بصورة منظمة اخبار الاغارات على معسكرات النازحين والقتل و الاغتيلات والاهم ان مرتكبى تلكم الجرائم مازالو طلقاء لم تطالهم يد العدالة.
اما الوضع داخل الحديقة الصغيرة فهى تنذر بكارثة حقيقية فارضية الحديقة مبللة اغلب الوقت من جراء سقاية الحشائش مما جعلتها عالية الرطوبة ولذا فهى تشكل تهديدا خطيرا على الاطفال حتى بدات تظهر بعض حالات الالتهابات الرئوية التى قد تنتقل سريعا لتكون وباءا واسع الانتشار .ايضا التزاحم الشديد على دورات المياه فى المسجد المجاور للمكان كذلك جعل الوضع اكثر خطورة وتشهد درجات الحرارة انخفاضا ملحوظا فى هذه الايام خصوصا ان الشتاء على الابواب .ايضا غياب كل اشكال الدعم العنوى او المادى حيث يعتمد هؤلاء اللاجئون على بعضهم فى توفير وجبة افطار بعد يوم شاق من الصوم حتى المسيحيين منهم فهم شبه صائمين تضامنا مع اخوانهم فى الوطن والماسأة.
اما ما يشغل بال هؤلاء اللاجئين فهو ما هو ات وهل سوف يكون هناك حل عاجل لمأساتهم ,حيث تلاحقهم نظرات الاستنكار و التساؤلات من بعض المصريين (هو فى ايه) وتصل بعضها الى (قرفتونا مليتو البلد) ولكن اكثرها بعدا عن هذه الكارثة هناك من يطالب بترحيلهم من هذا المكان لانهم يشوهون وجه المدينة .رغم ان السلطات المصرية لم تتعامل بعنف حتى الان الا الاتى قد يكون اسوأ لانهم يتعاملون حتى الان بسياسة التكتم الاعلامى وضبط النفس ولكن الى متى ؟؟!
يبقى الشئ اللافت للنظر ان هذا الاعتصام تم تنظيمه وترتيبه تطوعيا من اللاجئين النشطين حيث تم تقسيمهم الى لجان منها لجنة للتسيير ومتابعة الحالات الطارئة وتوفير بعض الاكل و لجنة للتفاوض مع المفوضية او الجهات الرسمية ولجنة للامن وحفظ النظام لاحتواء اى انفلات قد يحدث بواسطة اى لاجئ ايضا اخرى لاستقبال المراسلين الاجانب والتصريح بما يخص الاعتصام واخيرا لجنة لتنوير المعتصمين عما يستجد من وقت لاخر وحثهم على الصمود والتماسك.
هناك تجد العديد من الماسى التى تسعها هذه الصفحات فى وصف اوضاع هؤلاء اللاجئين الذين اجبرتهم الظروف السيئة الى اللجوء ويعيشون فى اوضاع لا انسانية ولا صوت لهم ولا امل لهم سوى ان يهاجرو الى اوطان اخرى قد تعيد لهم كرامتهم التى امتهنت ومستقبلهم ومستقبل اطفالهم الذى يضيع امام اعينهم قد يختلف الكثيرون على ما هى الجهة او الجهات التى تتحمل مسئولية ما قد يحدث لهؤلاء اللاجئين هى المفوضية التى لجأوا اليها ام الحكومة المصرية التى اوتهم ام الحكومة السودانية الى شردتهم ام حظهم العاثر الذى اوقعهم فيم هم فيه الان ولكن يبقى الاتفاق قائما على انهم ضحايا ويحتاجون للمساعدة وبصورة ملحة.فهم الان كالهاربون من الجحيم الى الجحيم.
محمد احمد النور – القاهرة
mohmedelnour@gmail .com