النهضة والتقويم داخل حزب الأمة القومي.. لماذا وكيف؟
من الذي اختطف حزب الأمة؟
أبوهريرة زين العابدين عبدالحليم- واشنطن
[email protected]
فذلكة:
لقد استهلكت كلمة الإصلاح حتى فقدت معناها واصبح معنى الكلمة مطابق للإنشقاق والتآمر. ولكن عملية التجديد داخل اي جماعة سياسية تطمح في أن تتولى شأن العباد يجب ان تكون عملية مستمرة ويجب ان يكون هناك تطوير يواكب التطور الذي يلازم حياتنا اليوم وفي كل المجالات. فلو لاحظنا في مجال الادارة والاقتصاد والتكنولجيا وفي كل شيء نجد ان هناك ثورة وثروة كبيرة اصبحت متاحة للأجيال الجديدة فإذا لم تواكب احزابنا يكون الموت مصيرها وسوف يملأ هذا الفراغ باحزاب جديدة وباجيال جديدة.
البعض يعتقد إن عملية الإصلاح عملية شعاراتية ثورية سريعة يمكن أن تتحقق بعمل فوقي. فحدث نوع من الإفتتان بهذا الاسلوب. والبعض الآخر يعتقد إن صياغة المذكرات والسخط والإنفعال ايضا يعني الإصلاح. ولكن ماذا يعني الإصلاح والتجديد داخل الحركة السياسية عموماً وداخل الحزب السياسي؟
الإصلاح من اصلح، يصلح وهو إصلاح اي إصلاح العطب عندما يكون هناك خلل. بينما التجديد من جدد يجدد، اي تجديد الشيء القديم البالي واصلاح عطبه وتلميعه حتى يصير جديداً حديثاً. ما هو الخلل في حزب الأمة؟ ولماذا التجديد؟ بالمعنى اعلاه هل انه ضد القديم. ام بمعنى أن هناك خلل في الجوانب التنظيمية والسياسية والفكرية ينبغي اصلاحه.
المشاكل اياها:
المشاكل التي تعاني منها احزابنا الكبيرة معروفة ومحفوظة، التنظيم والتعبئة، الإعلام، والمال. زائداً مسائل تجلب المشاكل مثل الترقية التنظيمية للكوادر وهل هناك آلية لاستيعاب الكادر بطريقة لا تجلب السخط وحفظ الأدوار. وأيضاً وضع الأسر التاريخية داخل الحزب والموازنة ما بين العملية التنظيمية وتفريخ الكوادر ودور هذه الاسر وابناؤها في تولي المواقع الحزبية القيادية والوسيطة.
قديم حزب الأمة خير من جديده:
كما هو معروف منذ أن اسس حزب الأمة كحزب للأمة عام 1945م كان يمثل المرآة السياسية للأنصار ويدير الشؤون السياسية اليومية لجماهير الأنصار وغير الانصار والتعبير عن مصالحهم وكان عبارة عن تحالف عريض يجمع الأغلبية من ابناء الأنصار وتقوده صفوة مثقفة "عبدالله خليل، المحجوب" تقود الجانب التنظيمي والسياسي اليومي ويكون إمام الأنصار كراعي لهذا الحزب، هذا في مرحلة، وتدرج الأمر إلى مراحل اخرى في ايام الإمام الصديق والإمام الهادي إلى أن وصل الأمر إلى أن تكون هناك هيئة لشؤون الأنصار تدير شؤونهم واستمرت العلاقة ما بين الكيان والحزب بأشكالها المختلفة كما ذكرت إلا ان وصلت إلا ما وصلنا اليه اليوم.
عدد كبير من الكادر معجب بالطريقة التي ادار بها ورعى بها الإمام عبدالرحمن الحزب واهتمامه بالجوانب المختلفة للحزب، لأن الحزب يعني انشاء كيان سياسي يعبر عن مصالح جماعة بعينها تجمعها مباديء ومواثيق في اطار تنظيمي محكم ويدار كمنظمة جماهيرية، وبجهاز سياسي وتنفيذي عليه القيام بالعملية السياسية والتنظيمية اليومية وذلك حسب فهمي لمفهوم الحزب السياسي.
فلقد اهتم الإمام عبدالرحمن والجيل الذي قاد العمل التنفيذي والسياسي اليومي بهذه الجوانب وكان هناك تنظيم محكم ومربوط بالقيادة وبرغم ظروف النقل والمواصلات في ذاك الحين وكانت المنشورات تصل الى جميع وحدات الحزب في اقاليم السودان المختلفة والمتخلفة في ذاك الاوان. اضف إلى ذلك الجانب الإقتصادي والذي ادرك الإمام عبدالرحمن بحسه السياسي العالي انه لا عمل سياسي بدون مال. بل أنشأ دائرة المهدي فبرغم أن هناك جدل كبير حول الدائرة وملكيتها إلا أننا نجد أنها ساهمت بشكل كبير في نشاط الحزب ولم تكن للحزب أية مشاكل من هذا القبيل كالتي نعايشها اليوم.
وإذا رجعنا بالتاريخ القهقهري في ظل الدعوة والدولة المهدية نجد أن الأمر ايضا كان في غاية التنظيم وما زال النظام الإداري للدولة المهدية يدرس إلى اليوم وكان الإمام المهدي يرسل المنشورات الى كل اعوانه في السودان وإلى خارج السودان، إلى امبراطور الحبشة وإلى الملوك والأمراء حول العالم. هذا بالإضافة للتنظيم والتعبئة فهي بلا شك عملية كبيرة، زائداً روح الجهاد والتضحية والتي ما زالت موجودة لدى الكثيرين من ابناء حزب الأمة وكيان الأنصار والتي نخشى عليها من الموت في ظل ظروفنا الراهنة.
هذا قديم حزبنا اما جديده فحدث ثم حدث، اصبحنا نكتفي باعداد المذكرات التفصيلية، مذكرة تلو مذكرة واقامة الورش ورشة تلو ورشة حتى فقدت الورش والمذكرات معناها وقبل أن ننفذ اي من التوصيات للورشة الأولى نتبعها بورشة اخرى حتى اصبحت نذير شؤم علينا واصبحنا نتفرج وتاريخ البلد يصاغ امام اعيننا، اتفاقات سلام، وتقاسم سلطة وثروة، ودارفور تموج موجا، وقيادات تتمرد وتلحق بالسلطة قيادة بعد قيادة، وحزب الحركة الجماهيرية سادر في نومه إلا من نتظير اجوف والبحث عن تحالفات كسيحة تحالف بعد تحالف، وكأنما اصبحنا نبحث عن من يقوم باداء دورنا بالإنابة عنا، تارة نبحث عن ذات اليمين وتارة ذات الشمال وضاعت بوصلة الوسط منا وضاع حزب الوسط وغرق وسط جماهيره وتململ الكادر وعم السخط الجميع الا الأجهزة والتي كأنها تشارك اهل الكهف نومهم وتحاول أن تخرج من حين إلى حين بعملة قديمة صدئة لا يعرفها الجيل الجديد، يحاولوا أن يبعثوا احدهم بورقهم القديم إلى المدينة الجديدة فوجدوا مدينة الجيل الجديد فاتتهم بأذكى طعاما واتوهم به ولكن دائماً يرفضوه.
الخط السياسي للحزب:
ليس كل الماضي شر حتى نغسله باسم الإصلاح والتجديد والتغيير ولكن ينبغي أن ننهض بحزبنا، ولكن كيف يكون النهوض في اطار الواقع المعروف لدينا جميعا وبتشابكاته المختلفة في اطار النظام العالمي الجديد واطار الوضع السياسي في الدولة السودانية اليوم. هل المشكلة في الفكر؟ هل هناك مشكلة في التنظير والخط الفكري؟ لا والف لا.
هل هناك مشكلة في الخط السياسي للحزب؟ هنا ربما يكون الإجتهاد، وربما يختلف البعض مع مواقف الحزب في مرحلة من المراحل ومنذ مجيء ما يسمى بنظام الإنقاذ. مثلاً لقاء جنيف وضرورته وهل اجهزة الحزب على علم به! لقاء جيبوتي وما دار فيه واعلان نداء الوطن. هل درسته الأجهزة ووافقت عليه قبل التوقيع علي؟ هل درست الأجهزة عملية الرجوع وحل جيش الأمة ومصير افراده؟ وهل كانت هناك رؤية واضحة وخطة مدروسة للمسألة برمتها. ام تركت المساءل للحظ وصالح الدعاء وللقيادة تتصرف بالطريقة التي تراها.
إذن ما نحتاجه للنهوض بحزب الأمة في الجانب السياسي هو إصلاح بعض الجوانب السياسية، كيف؟ فبرغم وضوح الخط السياسي للحزب إلا أن المواقف التكتيكية هي التي تحتاج الى مراجعة من حين إلى آخر، ونحتاج لتفعيل دور المؤسسة ولا ينبغي ان تترك المؤسسة المنتخبة واجبها وعملها لاي فرد ولا حتى رئيس الحزب. لأن هذه هي المسؤولية التي القيت على عاتقها وفوضتها الجماهير للتعبير عن مصالحها.
فمثلا كما ذكرت اعلاه تمت بعض الإتفاقات الكبيرة والتي اثرت وتؤثر على مسيرة الحزب التأريخية بدون الرجوع لأجهزة الحزب إلا في مرحلة لاحقة. لذلك فالمشكلة ليست في القيادة ولا ينبغي أن نصب جام غضبنا على القيادة وحدها ولكن على الأجهزة وفي كل المواقع. لأن هذه الأجهزة اذا لم تترك مسؤوليتها وتتنازل عن حقها لما وجد اي فرد فرصة في تجاوزها. أما أن تكون المؤسسات مجرد "ديكور ديمقراطي" للتباهي به وأن الوضع كله عند فلان فهذا ما لا ينبغي ان يمر مرور الكرام.
هل يترك التنظير السياسي لفرد واحد، ومن الذي يكتب برنامج الحزب؟
ايضاً فيما يتعلق بالتنظير السياسي هل يترك الأمر كله لفرد واحد؟ ام انه يجب أن تكون هناك جهة مسؤوله في رسم الخط السياسي للحزب وتحديد استراتجياته وتكتيكاته، كمركز دراسات استراتيجية مثلا ام تكليف لجنة من الخبراء كل في مجاله وبعد ذلك تناقش وتجاز هذه الأوراق من قبل الجهة التشريعية كالمكتب السياسي مثلاً.
كل دول العالم المتقدمة تعتمد على ذلك، فمثلاً امريكا لديها مثل هذه المراكز الأستراتيجية مثل مركز الدراسات الدولية الذي وضع الخطة لحل مشكلة الجنوب وهو ايجاد دولة واحدة بنظامين. فعملية اعداد التقرير/ الخطة واسميه كذلك، لانه هو فعلاً كذلك، استغرقت وقت طويل وساهم فيه عدد مقدر من الخبراء، وقد قاموا بزيارات مختلفة لمواقع النزاع والتقوا بالمسؤولين وبعامة الناس وجمعوا استقراءاتهم وبياناتهم وعادوا بها إلى واشنطن وبعد ذلك كتبوا توصياتهم. لذلك فتحديد الخط السياسي للحزب ينبغي ان يراعي واقع جماهير الحزب وماذا تريده فيما يتعلق بالتنمية والتطوير وفي المجالات المختلفة وينبغي ان يكون من هذه الجماهير وممثليها الحقيقيين.
ايضا يجب ان يكون للحزب استراتيجين، والتي تتمثل مهمتهم في رسم الخط الاستراتيحي والتخطيط للحزب في الجوانب المختلفة، على سبيل المثال، برنامج الحزب وملامحه، مصالح جماهير الحزب وصياغتها في شكل برنامج سياسي، التخطيط التنظيمي والاعلامي، دراسة وضع الجماهير وتقسيم الدوائر وقراءة اتجاهات رأي جماهير الحزب وغيرها. اعتقد ان هذا الامر بالاهمية التي يجب ان يكون لحزبنا استراتيجين يخططون للحزب في المجالات المختلفة وليس بالضرورة ان يكونوا مفرغين ويمكن ان يكونوا منتشرين حول العالم ولكنهم متخصصون في مجالات محددة نحتاجها ويمكن ان تكون هناك فئة قليلة مفرغة تجمع كل ذلك وتصبه في برنامج الحزب ومد القيادة بشكل يومي والتخطيط للحزب في كافة المجالات. فمثلاً الآن التحالف مع الشعبي او دخول الشعبي في التحالف الجديد فإن اغلب كوادر الحزب وقيادته ضده إلا القيادة لوحدها التي تريد ذلك، فإذا كان هناك جهاز استطلع رأي اغلب رأي كوادر الحزب وجماهيره لكانت النتيجة لا للتحالف او دخول الشعبي في التحالف الجديد او حتى لا كبيرة للتحالف الجديد.
لذلك ينبغي أن يكون برنامج حزب الأمة نابع من جماهير حزب الأمة ومن ابناء الحزب في المواقع الجغرافية المختلفة وأن تجمع كل هذه البيانات والمعلومات وبعد ذلك تضع في اطار برنامج يمكن تطبيقه ويجاز من قبل المؤتمر العام في عمومياته ومن قبل المكتب السياسي في تكتيكاته. أما أن يكون الأمر تهويمات فلسفية وكلامات منمقة بعيدة عن واقع الناس لا تحكي واقعهم اليومي وماذا يريدون وتكرار لنفس المسائل ورقة بعد ورقة ونقطة بعد نقطة فإنه امر ينبغي أن يعاد النظر فيه وينبغي ان ترجع سلطة ذلك إلى الجهات الشعبية ولجانها المختلفة بالتعاون مع استراتيجي الحزب.
لذلك سوف يكون الإصلاح فيما يتعلق بالخط السياسي بهذه الطريقة من الجماهير ومن واقعهم ومن لجانهم المحلية في القرى والمدن، وليس بالطريقة التي اسميتها بالفوقية، والتي تتمثل في، طريقة المذكرات، الطريقة الإنقلابية والإنشقاقية، و طريقة الذي يغلق عليه الابواب ويكتب كلام لا علاقة له بالواقع المعاش لهذه الجماهير. ويجب أن يكون الأمر من اسفل إلى اعلى وليس العكس لأن السلطة والتفويض الشعبي يجب ان تكون كذلك إلا في اطار الأنظمة الشمولية فهي تصب من اعلى الى اسفل صبا كالماء ينحدر من اعلى إلى اسفل.
الآن هناك كوادر مثقفة ومتعلمة وموجودة في المواقع المختلفة، وعلى سبيل المثال لا الحصر هنالك احد ابناء البقارة من منطقة جنوب كردفان فهو متعلم ومثقف وبدأ يقوم بدراسات فيما يتعلق بعلم جديد للرعاة والظواهر الايكلوجية والسيكلوجية والباراسيكلويجية للرعاة ودراسات لتطوير واقع الرعاة، لا يمكن لشخص بدون ان تكون له الدراية والمعايشة او قام بدراسات ميدانية في ان تكون له المقدرة في القيام بذلك. فمثلا مشكلة مشاريع النيل الأبيض الزراعية معروفة لكل ابناء المنطقة، ما هي مشكلة الحواشات، وكيف يعمل نظام الإصلاح الزراعي؟ وكيف تحرق وتعطش هذه المشاريع والماء على مرمي حجر منها؟ مشاكل من هذا النوع يمكن ان تكون حلولها بتوصيات من لجان الحزب في مناطق النيل الأبيض وابناء تلك المنطقة المثقفين. وهذا ينطبق على مشاكل مشروع الجزيرة ومشاكل جمع الصمغ العربي وتجارة المواشي والرعي والزراعة المطرية. زائدا امر التعليم واهمية أن يكون مجاني والعلاج ومجانيته. اما البرنامج الذي يكتب من فرد واحد لا علاقة له ولا معرفة له البتة بمشاكل من هذه النوع فسوف لن يحل اي مشكلة وسوف يولد ميتاً لانه بعيد عن واقع الناس ومشاكلهم وسوف يكون حذلقات فلسفية تصلح لطلبة العلوم السياسية ولكنها سوف لن تحل مشاكل الواقع المزريء لجماهيرنا الكادحة.
لذلك فالإصلاح فيما يتعلق بخط الحزب السياسي ودور اهلنا واللجان في صياغة البرامج ينبغي ان يكون بهذه الطريقة ومن واسفل إلى اعلى كما ذكرت ولكن ان يجلس اي شخص في اي مكان ما داخل غرف مغلقة ويحاول أن يحل قضايا بهذا التعقيد بهذه الطريقة الفوقية "مذكرات، او انشقاق، او تنظير معزول" يكون الأمر حرث في البحر وكل ما اذكر كلمة الإصلاح الفوقي هذا ما اعنيه بذلك، لذلك فنحن ندور حول انفسنا حتى دار عقلنا وفقدنا البوصلة وكل هذه الاشكال مرفوضة وسوف لن تحل المشكلة.
لقد ذكر رئيس الحزب أن هناك عدد من المستنسخين منه حوالي عشرين لغما، والمشكلة في هذا الاستنساخ في أن بعض الكوادر والقيادات بدأوا يقلدون رئيس الحزب واقتنعوا ان العمل السياسي كله يكون بأن تتحدث في ندوة او تكتب في جريدة او تقيم ورشة واهمل العمل التنظيمي والنضالي اليومي، لانه مجرد اقامة ندوة او ورشة او كتابة ورقة فإن الامر لم يحل، بل يجب ان يتبع الامر بعمل حقيقي وفقاً لتخطيط مسبق ووفقاً لبرنامج الحزب، لذلك ينبغي ان نوقف ذلك العبث الفكري، ونبدأ في عمل تحتي كل واحد وواحدة منا في موقعه داخل وخارج السودان واذا ساهمنا كلنا والى انعقاد المؤتمر العام للحزب وارسلنا منادبينا وفقاً لتصورات وبرامج نابعة من الواقع ومن تشخيص امراضه يمكن أن تكون لحزبنا رؤية حقيقية نابعة من جماهير الحزب وتعبر عن مصالحهم. وايضا يجب أن تكون لدينا معايير لقياس الاداء ولا يجب ربط الامر بالشخص الذي يتولى المنصب ومن هو، وانما يجب ان يكون الامر ماذا انجز الشخص وفقا للمقاييس الموضوعة فإذا اصاب فقد قضي الأمر، وإذا فشل ومهما كان اسمه فيجب أن نسمي الأشياء بمسياتها اي أن الشخص الذي يتبوأ المنصب الفلاني قد فشل وفقاً لمعايير ومقاييس الاداء التي وضعها الحزب بصرف النظر عن اسمه وبذلك سوف ننفي القداسة عن المنصب وربط الأمر بالانجاز والمقدرة على انجاز المهام الموكلة من قبل جماهير الحزب وممثليهم ومن المؤتمر العام.
المؤتمر العام كوسيلة للنهضة الحزبية:
ايضا ينبغي ان يعاد النظر في كيفية الاعداد للمؤتمر العام للحزب ودور الاوراق التي تقدم فيه والمناديب ويجب اعطاء فرصة حقيقية للناس ليعبروا عن قضاياهم ولا يجب أن يكون مكاناً للتآمر والحصول على القاب ومناصب اثبتت التجربة ان الذين حصلوا عليها "وقف حمار شيخهم في عقبته" ولم يستطيعوا ان يتجاوزوا الأضواء وشكليات المنصب حيث انعدم الإبداع الحقيقي في كثير من الأحيان.
ما فائدة السياسي إذا كان لا يستطيع أن ياتي بالهواء من قرونه، كما يقول المثل، اي مقدرته على الابداع وحل المشاكل وايجاد معادلات تصلح لمعالجة قضايا الواقع المعقد. فبدلا ما نقول والله مشكلتنا في المال وفشلنا في ايجاده ينبغي أن نقول فشلنا ونفسح المجال للغير. لأن المال عصب العمل وبدونه لا يمكنك أن تسير جمعية ادبية ما بالك حزب بحجم حزب الأمة. لذلك فالمؤتمر العام هو الأداة الأساسية للتغيير والإصلاح وهو الجهة الوحيدة الشرعية التي يفسح فيها المجال لكل الأصوات وعبره يمكن أن يقدم الجيل الجديد رؤيته في حل قضايا اهلهم، لذلك فالتحضير للمؤتمر العام ينبغي ان يتم ومن الآن عبر اللجان في المواقع المختلفة داخل وخارج السودان.
الإعلام ثم الإعلام:
ايضا من المواضيع المعقدة موضوع الإعلام لا افهم كيف يكون حزب بحجم حزب الأمة بدون صحيفة وكما يقول اهل اليسار الحزب مطبعة ورفيق، اي اعلام وكادر فاذا انعدم ذلك لا يمكن ان يكون هناك حزب وحتى لو وطأت قدما قيادته ارض الصين بحثاً عن ندوة أو تحدثاً في ندوة أو تظاهرة اكاديمية. لا ادري لماذا لا تولي قيادة الحزب اهمية ان تكون هناك صحيفة لسان حال الحزب، وحتى يعبر الحزب عبرها عن رأيه في كثير من القضايا وحتى يتداول الكادر في القضايا المختلفة وحتى يسمع صوت غير الصوت الواحد اياه. ويبدو اننا اكتفينا بالاوراق التي يكتبها رئيس الحزب واصبحت تمثل بديلا عن جهاز اعلامي حزبي كامل، واكتفينا باللقاءات الصحفية والمقالات الاسبوعية التي يكتبها الرئيس ايضا، واصبح من الصعب التمييز ما بين حزب الأمة ورئيس حزب الأمة، وما بين مواقف الرئيس ومواقف الحزب في اجهزة الاعلام، فاصبح حزب الأمة هو رئيسه، ورئيس حزب الأمة هو حزب الأمة كله، وما يكتبه الرئيس هو البرنامج السياسي وهو خط الحزب الذي ينبغي على الجميع اتباعه ولا ادري اذا كانت هناك اي جهة حزبية تراجع ما يكتبه الرئيس، لا اعتقد ذلك. لذلك ينبغي ان نميز بين مواقف الرئيس ومواقف الحزب ولكن الأمر في غاية الصعوبة ويحتاج الى سحر موسى ولا ادري كيف تحل هذه المعضلة. ايضا هناك تحالف قبلي اسري جهوي يسيطر على مفاصل القرار في الحزب وهذا ما ادى الى ابتعاد اغلب الكادر والقيادات واختطف حزب الأمة من قبل رئيسه ومن قبل هذا التحالف ولا ترى في الاعلام الا صدى وترديد لصوت الرئيس وصوت هذا التحالف القبيح.
دور الاسر التاريخية:
هذا الموضوع اثير غبار كثير حوله ولابد من معالجته معالجة موضوعية علمية ولا ينبغي ان ندفن رؤوسنا في الرمال ومهما كانت التصريحات في انه ينبغي ان يفصل حزب الأمة عن الاسر التاريخية المساهمة في الكيان والحزب. ينبغي ان يحدد عدد محدد لا يتجاوز نسبة محددة ولا ينبغي ان تزيد النسبة وحتى لا يحدث خلل في التركيبة الحزبية وتركيبة المكتب السياسي، فلا يعقل ان يكون هناك اكثر من خمسة افراد ومن بيت واحد في مكتب سياسي لجهاز حزبي يحترم نفسه، ويريد من الآخرين ومن الشعب السوداني ان يحترمه، ومهما كانت تضحيات هؤلاء الافراد فهذا يؤدي الى خلل في التركيبة الحزبية وكيفية اتخاذ القرار داخل هذه الاجهزة.
الممارسة الديمقراطية الحقيقية للأجهزة:
لذلك ولذلك كله، ينبغي أن يكون الإصلاح والنهضة الحزبية من اسفل إلى اعلى، ولا ينبغي ان يسمح لاي فرد ومهما كانت عنده من مقدرات أن يصادر ارادة جماهير الحزب ويكتب برنامج الحزب او التنظير للحزب لوحده. نحن في عصر العولمة والمعلوماتية لقد انتهى عهد الكاريزما والزعيم الاوحد. لذلك لابد من التحضير للمؤتمر العام للحزب قبل سنوات كافية من اجل كتابة الاوراق وتدواولها والاعداد الجيد للمؤتمر حتى لا يكون مؤتمر احتفالي ينتهي امره عند نهاية "اللمة".
أيضا الحديث الكثير عن الديمقراطية بدون ان تصاحبها ممارسة ديمقراطية حقيقية وبدون فاعلية هذه الاجهزة التي افرزها المؤتمر نكون ازاء مشكلة كبرى. فمثلا موضوع اللجنة المركزية التي لم تجتمع ابدا لا ادري كيف يحل هذا الامر وكيف ينظر له، والتفسير الوحيد الذي اجده اننا مفتونون بكلام اننا حزب ديمقراطي وعقدنا مؤتمرنا، ولكن بعد ذلك فحدث بلا حرج، وموضوع اللجنة المركزية بالاهمية الكبيرة التي يجب ان تجتمع في مواعيدها لتنظر في مشاكل المكتب السياسي والجهاز التنفيذي وسكونه ونومه العميق.
فإذا عجز رئيس الحزب وعجر المكتب السياسي والجهاز التنفيذي فلندعو اللجنة المركزية للاجتماع، فإذا لم يحل الأمر عندها يصبح عقد مؤتمر عام للحزب امر حتمي وحتى تقرر جماهير الحزب ومناديب الجماهير ما ينبغي ان يكون. ويجب ان يكون مؤتمر حقيقي باوراق حقيقية ويعبر عن جماهير الحزب اما اذا اريد له أن يكون مؤتمر احتفالي تأمري قبلي مصلحي، فيمكن ان يكون ولكن سوف لن يولد غير تآمر وأزمة اخرى تضاف لأزمات الحزب الأخيرة.
خاتمة:
هذا هو التحدي الذي يواجه حزب الحركة الإستقلالية، فإذا فشلنا في لملمة حزبنا وفشلنا في مراجعة كل القضايا التي تعوق الاداء الجيد للحزب ومراجعة اداؤنا السياسي، ورسم خط الحزب، وهل يخضع لمزاج القيادة وتغلباتها، ام يكون الأمر بدراسة حقيقية تعبر عن مصالح جماهير الحزب بالشكل الذي ذكرته، سوف نواجه محنة انهيار حزبنا وتآكله وعندها سوف يظهر جيل جديد بافكار جديدة وربما يحدث ائتلاق ما بين مثقفي الحزب وعماله ومزراعيه وطلابه وتشكيل حزب يعبر عن مصالح الأنصار بطريقة تعبر عن مصالحهم الحقيقية، وربما يكون ذلك حزب الخضر الأنصاري مثلا، يهتم فقط بالجوانب الزراعية والأيكلوجية والتنموية ونتمنى ألا يحدث ذلك ولكن اذا استمر الحال فسوف يكون التنبأ بالمستقبل في غاية الصعوبة. لذلك من الافضل التفكير في ايجاد وسيلة للنهضة والإصلاح الحزبي بشكل واقعي لا شعاراتي، وعلى قيادة الحزب أن تفسح المجال لجماهير الحزب لتعبر عن مواقفها، ولنوقف قصة ليس بالإمكان احسن مما كان وان قيادة الحزب تشارك في مؤتمرات كثيرة ودولية ولذلك فالوضع على مايرام. لا والف لا، فالوضع ليس على ما يرام ولابد أن يرجع حزب الأمة كما كان حزباً للأمة بدلا من حالة الاختطاف الراهنة للحزب من قبل رئيسه ومن قبل تحالف اسري قبلي جهوي قميء.