كنت قد عزفت عن الكتابة زهاء الشهريين متتالين ، نسبة لبعض المشاغل الخاصة . ولم تكن هنالك مستجدات تغري برغبة التعليق خلال هذه المدة من الأحداث الداخلية أو الأحداث المقاربة لحُمي السودان من أنفلونزا معادية! سواء أن التشاور الثنائي لتكوين حكومة وطنية إنتقالية بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية المفجوعة ، تمخضت دهرا .. فولدت فأراً .. بجينات إنقاذية أحادية مستحوذة ، وبشوارب رفيعة تحسسية للحركة الشعبية ! استشعارا بحتمية الانفصال !؟ ومن الناحية الاخري فان الضغط التحقيقي لمقتل الحريري ! .. أفضى الي إنتحار وزير داخلية النظام السوري .. حين عادت الأحداث لمكأفاة وزير الداخلية السوداني المستقيل أخلاقيا ! الي توزيره وزيرا للدفاع ؟! ولا أدري دفاع عن ماذا .. لان الوطن ما عاد فيه شبر غير محتل !
أيضا من المفارقات المقاربة أن نزاهة وبراعةالرفس الكروي الرياضي قد تحمل النجم جورج ويا الي سدة الحكم في دولة ليبريا ونحن شعب لانملك براعة في الرفس ليريحنا من هذا العك السياسي الفارغ ! ومن هذا الدواس الذي لم يراوح مكانه ونتجه برهاناتنا الي ابطال الرياضة ! ممتلئة شباكهم بالهزائم والاخفاقات . ولم أفرغ من إستيعاب كل هذه الاحداث، الي أن داهمنا رمضان ، فوجدتها سانحة للعزوف عن كثير مما يقال ومما يكتب .؟
وبدعوة كريمة ! من الجمهورية الانقاذية الثالثة ؟ علي إثر تسرب ورقة مهندسها الاقتصادي ومنظر الخصخصة السودانية الحديثة ،السيد عبدالرحيم حمدي احمد وزير المالية الاسبق والمستشار المؤتمن للمؤتمر الوطني ، دعوته المسربة للافطار الاستثماري على ما تبقي من عوامل تشكل وحدة السودان ، قبل أن ينفرط عقده كدويلات القوقازوتكوينات يوغسلافيا الغابرة .
فرأينا العزوف عن الرد والتداول حول الورقة صوما في غير محله ، وتجاهل مصيبة عن خبث ولؤم مستتر يطل برأسه بين الفينة والاخري من رموز هي مفاصل ( جمهورية المؤتمر الوطني ليمتد..) علي قرار جمهورية أفلاطون المثالية .
وقد سبقني بعض الاخوة الكرام علي دعوة الوزير حمدي ، وجنحت بعض الردود الي مسايرة المثل الشعبي الشايع في السودان .... ( تشوف الفيل وتطعن في ظله ... ) فذهبوا الي قرص الرجل .. وما هو إلا ظل باهت لفيل الانقاذ ! الذي مضي في العربدة يحطم ويقلع كل المؤسسات الوطنية ويستحوذ عليها بدواعي الخصخصة حتي هابه الجميع من أن تخسخسهم الي خس مخلل بالخيار( أو الاختيار ) لسلطة رمضان ..!!!
والبعض الاخر .. خاصة أبناء الهامش أخذتهم الحمية والغبن الي المضي والافصاح جهاراً نهاراً .. ( بيدي لا بيد عمرو ) بانفصال الغرب . قفزاً على أبسط أبجديات حملة السلاح والوعي السياسي للهامش الذي أضحي خطوطه تتقارب في وجل الي التحرر من هذا الاستحواذ والاستفراد والاستعلاء المقزز .
ونفر ثالث آثر صمت الجاهلين ، أوتغاضي العارفين بأن الرؤية تفصح عن شجون وتواطؤ متواتر ومتفق عليه من قبل نخب جلابة السلطة من الشمال النيلي ، حتى لا تطال سهام ظننا الشمال الجغرافي بتنوعه الثقافي والعرقي وتباينه الجيو سياسي .
بدءً أشير أن الورقة التي بين يدي ليست مؤرخة ، ولكنها نشرت في المواقع الالكترونية ( سودانيز أون لاين ) تحت عنوان ( مستقبل الاستثمار في الفترة الانتقالية ) في مؤتمر للحزب الحاكم بقاعة الصداقة دون ذكر التاريخ .وهكذا نفترض وجود أوراق أخرى ... وما خفي كان أعظم .
من صياغة الورقة تبدو أنها إعداد لبرنامج معتمد بتكليف من حزب المؤتمر الوطني ، وهذا يدفعنا عن البحث والكشف عن باقي برامج المؤتمر الوطني وخاصة الامنية منها والخاصة بوزارتي الدفاع والداخلية ، ووزارات السيادة . ومسألة المواطنة والهوية .
( 1 ) في مقدمة منهج المعالجة بالنسبة للورقة نستشف خلاصتين وهما :
1/ أن التنمية السياسية تعني إستحواذ المؤتمر الوطني علي السلطة وفق ( نيفاشا ) والعمل من خلال هذه المحاصصة والمعادلة للسيطرة علي الوزارات السيادية وخاصة التي تتحكم في الاموال والثروة لتقوية نفوذها وبرامجها الي آمد بعيد قد يقترب الي قرن من الزمان ... أي هذا الجيل الانقاذي وجيل المؤتمرجية القادم .
2/ تقديم العمل الحزبي على التكليف الدستوري من قبل الدولة ، وهذا يعني الحنث باليمين الدستوري ! والبر بالقسم الحزبي .... أي بمعني أوضح أن الحزب تعني الدولة والمواطنة ؟! والدولة الوحدوية لاتساوى شيئا مقابل بقاء حزب المؤتمرجية في السلطة .
(2 )وفي قراءة الفرضيات الاساسية نخلص الي :
أ/ يأس الحزب الحاكم من السيطرة والتحكم في التدفقات المالية القادمة من منبر ( أوسلو ) أي من الدول الغربية المانحة وإستسلامها ضمنيا بالسماح للمفوضيات التي تتحكم فيها المصالح الغربية بلعب دور رئيسي في توجيه التنمية الاقتصادية والسياسية والبشرية في مناطق ( الجنوب الجغرافي بحدوده السياسية المعروفة ، زائد جبال النوبة ، زائد جنوب النيل الازرق .
ب/ الاتجاه الخبيث بنية مبيتة للتحكم في التدفقات المالية القادمة من الدول العربية والاسلامية لصالح الشمال النيلي فقط .
ج/ ربط العلاقات الشخصية والرسمية لنخب الشمال النيلي لتوجيه دفة التنمية لصالحهم ( وهنا يبرز التواطؤ منذ أمد الاستقلال في استنزاف ثروات الوطن وإستغلال القومية لصالح جهة جغرافية بعينها ، وهكذا يبرر سرعة إنجاز طريق الانقاذ الشمالي ، وسد مروي والمطارات والمرافق الخدمية الاخري من مشاريع قمح .. وكلها مشاريع عديمة الفعالية الاقتصادية قياسا بحوجة بعض مناطق السودان والفائدة الاقتصادية والتنموية المرجوة منها لو إتجهت هذه الاستثمارات اليها حسب الاولوية والحاجة الوطنية ... وهنا يتم الافصاح وبسفور صارخ عن روح العنصرية والجهوية الذي كان يتم لفها بعباءة القومي .. والوطني بشكل فاضح .
ج/ التركيز علي القوة التصويتية ... أي بمعنى أشمل العمل لشراء صوت الناخب من الأن بتوفير الخدمات وزيادة تخلف الهامش التنموي . وهذا الجزئية تمهيد للصراع السياسي الشمالي الشمالي وفق صيرورة الاحداث بافتراضية إنفصال الجنوب وتعنت الغرب والشرق.
د/ دارفور عبارة عن مستوعب أقتصادي وخط ناقل للاقتصاد تجاه الشمال أو العكس حتى في حال تأزم الامور والمنادة بالانفصال السياسي أو الاقتصادي ... أي أنه غير كامل النمو .. من حيث الوعي السياسي وتحمل مسؤلايات السلطة .. ولابد من رعاية الجلابة له وتسيير أمره وهنا لابد أن نلحظ الدور المنوط للشريف احمد بدر وزير الاستثمار ومجذوب الخليفة في توجيه دفة الاحداث والمفاوضات في ملف دارفور ! .
ط / إتفاقية الجنوب أبانت أن الشمال النيلي او المركز كانت تسرق وبخبث فائق ما نسبته65%100 من إستحقاقات أهل الهامش في التنمية والتعليم والصحة لصالح قلة في الشمال غير منتجة من حيث الموارد الزراعية أو الطبيعية داخل الارض . وهنا يبرز قضية بعض المحليات في دارفور والجنوب تم الحاقها قصرا بالشمال النيلي .
خطورة الورقة أنهاتضع وحدة السودان ومستقبله السياسي رهناً بمصالح المؤتمر الوطني وبقائه في السلطة.
* * نظرة المؤتمر الوطني ورغبته الجامحة لتكوين دولة ( جمهورية المؤتمر الوطني ليمتد)
رهن ثروات الوطن الاستثمارية والمالية والتي في باطن الارض تحت تصرف وارادة وتوجيهات وتوجهات حزبيةضيقة .
* * توجيه الموارد المالية العربية والاسلامية المتدفقة للاستثمار، للتاثير في الهوية والعرق والادلجة السياسية.
** القناعة المطلقة من قبل حزب المؤتمر الوطني بان الجنوب سوف ينفصل ، وايضا انقسامات قد تشمل الشرق والغرب والعمل الجاد لتكوين دولة ذات ايدلوجية قابضة وفرز عرقي بغيض.
وبين السطور ونهاياتها الدراماتيكيةنتوقف على منعطفات تستوجب النقاش والدراسة الهادفة :
1!الفساد الاخلاقي والسياسي الناتجة عن رغبة المؤتمر الوطني باستثمار الحاجة و الفاقة في شراء اصوات الناخبين ( مساكن شعبية والافراج عن بعض السلع ودعم بعض المرافق الخدمية العامة ، مع الابقاء على الخصوصية والتميز لطغمة الحزب الحاكم في الاستحواذ والاستمتاع بمقدرات الوطن .
2/ مآلات الاستحقاقات التاريخية والنهب المنظم من قبل نخب السلطة لثروات الهامش منذ الاستقلال .
3/ العلائق المائية .. وعلاقات الجوار المهددة لدولة النخبة المرتقبة ؟
4/ الموقف من التجاوزات الادارية التي ضمت أطراف الاقاليم المرشحة بالانفصال السياسي أو الاقتصادي ،أو كليهما نسبة لموقعها الاستراتيجي أو ثرواتها .
5/ العلاقات العربية والاسلامية مع شعوب القارة الافريقية علي ضوء الخطاب الايدلوجي الصارخ لتكوين هكذا دولة عرقية بدعم صناديق الاستثمار العربية والاسلامية . ؟
6/ الموقف والتوجه المصري من نشؤ دولة وفق هذه المفاهيم .؟
خلوصاً الورقة رجحت إنفصال الجنوب، ودارفور بنسب من الاحتمال المتفاوات , وهنالك تأرجح في معطيات شرق السودان ،واحتواء وبسط ممكنان علي كردفان وجنوب النيل الازرق .
همس الوداع
أقترن لفظ الشيخ في أذهان العوام من أهل السودان بعلماء الدين والطرق الصوفية ، قبل أن يجنح السيد الصادق المهدي بالصاق الامامة بالافندية ! وزعماء السياسة ! فخلع المرغنية لفظ مولانا وهي كلمة مرادفة للامامة والمشيخةفي القاموس السياسي الديني علي زعيمهم المرغني. وفي ادبيات الحركة الاسلاميةخلع الدكتور الترابي عباءة الدكتورة ! ليمضي شيخاً انقاذيا ومنظراً .
بعد تباين الخط الاسلامي السياسي وأختلافهم ... رأيتهم يجتهدون إعلاميا بالحاق المشيخة بالاستاذ والنائب الثاني ( علي عثمان طه ) وهذا باصرار احمد البلال الطيب في برنامجه في الواجهة ؟! وبقدر ما أحاول فهم هذه المعضلة مع إطلاق صراح الشيخ الترابي أجدها وأسعة شوية !! إلا اذا حاولنا فهمها وفق ( مملكة المؤتمر الوطني المتحدة ) علي غرار مشيخات وممالك العالم العربي والاسلامي .وفي في هذه الحالة يصح إطلاقها على كل مؤتمرجي فهلل مكواش !!!
احمد الحسكنيت الرياض 17/10/2005م