لا احد عاقل في بلدنا هذا ، بامكانه التنكر لحجم الاختلال الضارب بجذوره لدى مواعين السلطة والإدارة والحكم،ولدى الثروة القومية وافق الاستفادة من الموارد باختلافها بشرية وطبيعية وتنميتها على مستوى الاقتصاد القومي والمجتمعي ومواريث الحياة الثقافية في بلد كالسودان ، قارة ، وهو ما ينطبق بمعايير محددة على الجزء الجنوبي من تلك القارة ، بينما ينطبق بمعايير مغايرة على أجزاء أخرى هامة مثل دارفور والشرق والشمال السوداني ذاته بل وينطبق على الوسط النيلى أيضا ،حسب رايى ومشاهدتي ومعتقدي البسيط، لكن البعض من المثقفين وكتاب الراى ينتحون جانبا لاختزال الأزمة في الحكم فقط ، بدافع الثأر السياسي ضاربين بعرض الحائط (التأريخ) بما فيه من العبر والعظات والشواهد التي لا تزال أثارها باقية ، ويتغابون الحقيقة الجوهرية أن اى حركة تنعتق للإصلاح السياسي وتأخذ على عاتقها رؤى الثورة البناءة يجب أن لا تبدأ انتقائية للحظة تاريخية معينة بفرضية أن الوضع المعيب تاريخيا يبدأ من نقطة معينة.
هذا الاختزال ونهج الإنتقائية قائمان الآن، مما تضيق معهما فرص معالجة الأزمة (الاختلال فى الموازين العامة والمسئولية الجماعية من تاريخنا وممارساتنا القائمة) بل إن هذا يعمق دوما الملامح والتجارب السيئة الناتجة والمتراكمة تاريخيا ، مما يعيد إنتاج الأزمة بتعبير أدق .
هذا يحدث تحديدا مع بعض الكتاب والسياسيين من الأخوة الجنوبيين ، المندفعين والمتحمسين لأطروحات الحركة والجيش الشعبي بالرغم مما فيها من التناقضات والمثالب طيلة سنوات نزوعها العسكري المتمرد والى يوم مجيئها إلى السلطة ، الأطروحة القائمة بالأساس على الافتراض الخطأ بوجود شىء اسمه سودان قديم وآخر أطلقت عليه الحركة (السودان الجديد) ، ومن هنا تبدأ ، والى هنا تنتهي كل المحاولات لفلسفة حقائق التأريخ آنفة الذكر، وهى الاختلال فى الميزان العام للبلد ، مما يستدعى الأخذ بالحلول العلمية (الأمينة) لمسببات التصارع فى أقاليم السودان المختلفة بعيدا جدا عن المؤثرات وطوابع الخلاف السياسية والأيديولجية.
وسعت الحركة الشعبية إلى إنهاض فلسفات فارغة تقوم على وهم السودان الجديد بإذكاء عوامل النزاع بين الأطراف كافة فى الشرق والغرب ، والى تأطير المشروعات على قائم العلمانية ، كشرط تراه آو ميزة تراهن عليها فى إنجاح مشروع السودان الجديد ككل ،بمعنى انها ترى نصرة القضايا فى سودانها الجديد يجب أن تتم بمنأى عن تأثير الدين " العامل القديم " والحؤول دون حاكميته فى الحياة العامة ، وهو بالطبع ما عبر عنه الراحل الدكتور جون قرنق وبعض تلامذته وأوردته فى مقال سابق أثار حفيظة الأخ البينو اكون إبراهيم ، يقول الفقيد د.جون بان : السيطرة العربية والإسلامية هي أساس أزمة الحكم فى السودان " ، القول الذي يمكن اعتباره تلخيصا لشامل الفلسفة السياسية للحركة والجيش المتمرد السابق ، حتى وهو يقبل على المشاركة فى ذات الحكم ، والحركة ظلت تنظر طيلة مراحل الحل السلمي - لدى المشكل الجنوبي- بعين واحدة لا ترى فى الإنسان السوداني غير الضعف والهوان فى مقابلة السيطرة العربية والإسلامية ، لتطرح نفسها البديل المناسب ، ومشكلة السودانيين أنهم يظلون فى خانة المتفرجين منذ 50 عاما هي عمر الاستقلال والسيادة الوطنية ، وتترك المجال واسعا لحركة التعبير الجزافي ولأغراض السياسيين فى الحكم والمعارضة على حد السواء.وللتأكيد على أن الغرض كان واضحا فى خطابات الحركة حتى وهى تحاور أوردنا فى ذات المقال ما جاء على لسان زعيمها الكبير وقائدها الملهم : ما يحدث فى دارفور سببه استراتيجية خاطئة وخبيثة للحكومة السودانية ، لقد كان التصريح بمثابة تمهيدا حقيقيا لولوج المعترك ، وفى خضم التفاوض من اجل السلام الجنوبي ، وللضغط على الطرف الثان (الحكومي) ، فأبرزت صورة ذهنية تريد تعميمها من شاكلة سيطرة المشروع العروبى والإسلامي ، وهو ما يفسر بان الحركة تمنى نفسها بالانتقال إلى مربع القومية الشاملة، للقبض على المقاليد المستقبلية ومن ثم بناء السودان بالكيفية والنموذج الجديد.
ولكن الحركة ذات الأيدلوجية الماركسية والسلوك (الليبرالي) فشلت فى إبراز تلك الصورة بتمظهر العنصر العروبى والمشروع الإسلاموى فى وضع النخبة الحاكمة ، عندما اندفعت إلى المشاركة فى الدولة عقب اتفاق نيفاشا الشهير ، ولم تعد لأطروحتها ذات البريق القديم ، أيام حمل السلاح والعناد الرهيب، والا فإننا سنضطر إلى إطلاق صفة الازدواجية واللوثة على قاعدتها العريضة التي يفترض (جدلا) انها قامت عليها ومنها تستمد طاقتها وقدرتها فى التأثير على الساحة السودانية.
فالحركة تشارك بفاعلية فى حكم تصفه بأنه محور تمركز العنصر العربي والإسلامي كنخبة حاكمة وحيدة ومسيطرة دوما على مقاليد الأمور، الله وحده يعلم ما هو المدى والكيفية التي ستوفق بهما وتعالج تلك اللوثة، آم أن سنوات حكم الإنقاذ والجبهة الإسلامية ولت كما هي فى مخيلة رجال الحركة الشعبية الذين رضوا أخيرا بالمقاعد الوثيرة فى سراي الحاكم العام (العربي والإسلامي).
فالجبهة الإسلامية ما عادت هي نفسها التي أصبحت وحتى قريبا (فوبيا) وصراعا نصفيا لرأس الحركة وداعميها وأنصار سودانها الجديد فى الداخل والخارج، فهي – اى الجبهة- أصبحت منقسمة على نفسها لأسباب سياسية وخلافات فكرية هجين بين هذا وذاك، ومن الصدف العجيبة انها صارت فى المعارضة بقدر ما هي فى الحكم تماما ، وتستحضرني هنا الطرفة التي تروى بواسطة إحدى الجماعات الفنية فى الخرطوم ، مما يمكن إسقاطه على واقع الحركة والجبهة اليوم ، وهى : أن هنالك شخص ما يدعى (روب) طويلا وهو يغط فى نوم عميق عندما اراد احدهما إيقاظه ليجد مكانا وسط الظلام لينام عليه فكان كلما يتلمس مكانا فى الظلام يجد فيه (روب) فما كان منه إلا أن سخر قائلا : (أنت يا روب انكشحت ولا شنو؟)، وبذات القدر فان الحركة الشعبية وقى العلمانية الأخرى فى صراعها مع الإسلام السياسي كلما توجهت وجدت روب الجبهة الإسلامية مكشوحا هناك ينتظر.
وبالعود فان إقحام دارفور ضمن أطروحة الحركة الشعبية والسودان الجديد تحت شعارات نصرة المهمشين ، كان محاولة أخرى للخصم من رصيد شعبوية الإسلام ولتبديد قاعدته العريضة ، إذ أن دارفور تمثل فى الأصل إرثا تأريخيا لصالح الإسلام ، ولذلك يجب البدء بها فى تطويق المشروع العربى والإسلامي المتوهم ، واشتعل القتال الضاري بدفعة من الحركة الشعبية حين اعتلت الحركة من اجل تحرير دارفور (السودان لاحقا) للقمة الجبلية وهى الجناح العسكري لها فى المنطقة ، فبدأت أول هجماتها بضرب مكاتب المشروع الزراعي ليتم تصفية مديره المهندس يوسف ممد آدم وجميع أفراد عائلته ، وحتى لحظة كتابة هذه الأسطر تصر الحركة الجناح العسكري على خيارات العمل المسلح بمهاجمة السكان وترويع الآمنين ن وبالطبع فان هذا لا يغطى على مسئولية الدولة وتقصيرها الواضح فى دارفور، وبالطريقة نفسها فان الحركة فتحت مجال علاقاتها الدولية لمصلحة الحركة الناشئة فى دارفور والتي نجحت بقيادة شريف حرير والعربيد منى اركوى مناوى فى استثمار حالة الغبن وسوء الفهم لترويج مشروعية الحركة فى التعبير عن تطلعات البسطاء فى العيش والمشاركة العادلة فى الحياة العامة،لقد كان أمرا فظيعا وينطوي بكل صراحة على روح انتقامية وسلوك انتهازي بين ، فضلا عن أن الحركة تملكتها نزعة التفكير السلطوي فمكرت بالوجهة إلى إضعاف دور الجيش السوداني فى إقليم دارفور ، وهو ما حدث فعليا للأسف الشديد ، فالجيش الذي ظل يقاتل وحده نزعة الانفصالية في الجنوب على مدى أكثر من نصف قرن ، وبإمكانيات ذاتية يستمدها من سنده الشعبي فى مقابل دعم وإسناد دوليين للتمرد انتقل معظمه الآن للاستفادة من تناقضات المشكل فى إقليم دارفور ، فالقوى الدولية التي مكنت لمشروعات النصرانية والصليبية والفصال بين الشمال والجنوب هي نفسها التي تقتحم مجال دارفور لتفك عرى التواصل بين المنطقة وبقية السودان(القديم) ، والنتيجة هي سودان جديد قائم على التمزق والحروبات الأهلية والقطيعة الاجتماعية بين أبنائه كافة.
لكن الحركة خابت مساعيها فى الجنوب، فهي ستواجه الآن بمعارضة قوية وشركاء شرسون من أبناء جلدتها ومن فعاليات المجتمع الجنوبي نفسه ، وبالرغم من وقفة المجتمع الدولي معها كداعم لمناهضة المشروع العروبى ومحاصرته فى السودان ، لتضع جانبا الأجندة الحربية فى الجنوب ولتفتح كوة من نار القتال على دارفور المسلمة لتفت فى عضد الدولة والشمال العربي والمسلم ، وطعنا فى خاصرة أية مشروعات من هذا القبيل يفترض أنها ستتجه إلى العمق الإفريقي .
أن التخلف الإقتصادى وعلى مستوى البنية السكانية الفقيرة المعدمة ، واللاعدالة فى التعامل مع قضايا منطقة من السودان بمساحة دولة اوربيه هي فرنسا ، يعد حقيقة ماثلة من العار إنكارها باى حال من الأحوال، ولذلك ليس صحيحا أن الحركة الشعبية هي نصير المهمشين فى أطراف السودان وفى دارفور ، فالسودان كله لا يختلف فى شكله العام ، فالشرق والشمال والوسط النيلى نفسه (مزارعو الجزيرة مثلا) كلها مناطق تعانى الجهل والمرض والحرمان من الدخل القومي اللهم إلا حفنة مشروعات من اجل الدعاية السياسية ولتعميق الولاء فى مناطق بعينها وبخطى محسوبة.
شيء مهم يجب الإشارة إليه ، فان اتفاقية السلام الجنوبي الذي يعتبره البعض كسبا تاريخيا ولربما انتصارا للحركة الشعبية ، ما هو فى الحقيقة إلا نتاجا لإرادة الشعب الغالبة ، فلا الحركة ولا حكومة المشير البشير سنؤدى لهما الشكر وفروض الولاء والامتنان ، على طريقة بعض الكتاب و(المطبلاتية) فى تمجيد طرفي الاتفاقية ، وشخصيا فان المسافة بيني واى من طرفي نيفاشا مثل المسافة والبعد بين الأرض والسماء ، على عكس تماما ما يروج له البعض ومنهم الأخ البينو اكون إبراهيم فى المقالة المنشورة على صفحة سودانيزاونلاين (تعقيب على محمد منصور .. بتأريخ 4/10/2005م ، 8:11مساءا) .
فمن رايى أن الحكومة أخطأت بنزوعها إلى العمل العسكري المضاد من اجل إخماد الحركة فى دارفور ، فى وقت اجزم فيه أنها لم تدرس حتى التركيبة الأيدلوجية والدوافع السياسية وراء بعض الشخصيات أمثال شريف حرير وعبد الواحد محمد النور فضلا عن قفل مساحة التسلل على هؤلاء بالتوصل إلى صيغة مثلي لإنفاذ التنمية الاقتصادية فى البني التحتية والاجتماعية على مستوى الحواكير والمراحيل ، وهى المنافذ التى اتخذت منها الحركة من اجل التحرير تكئة للتحريض على القتال ونسف الاستقرار تماما ، ولذلك وحتى عندما جنحت جميع الأطراف المتنازعة إلى السلم وللتفاوض فى أبوجا منذ 15 سبتمبر الماضي ، لا زالت الحركة من اجل التحرير تصر على المواجهة المسلحة كخيار أوحد !! ولو عدنا فان الحركة والجيش الشعبي تضع دارفور فى دوائر عملها الإستراتيجي والسياسي ، وتخطط لأن تكون كسبا لها على المدى البعيد ، فيتحقق الهدف الدولي بتطويق الانتماء الديني والبعد الثقافي والإجتماعى لإطلاق الإسلام على القارة الإفريقية ، باعتبار أن الشعب الدارفورى بكل تأريخه فى الدفاع عن القيم الإسلامية بمثابة الركيزة الأساسية للمشروع العربي والإسلامي فى المنطقة الإفريقية المتاخمة ، ولذا انهال الدعم الدولي عسكريا وسياسيا على الحركة التى تعهدت بوأد هذا المشروع ، تحت ستار أن له استراتيجيات خبيثة وخاطئة على غرار ما صرح عنه ونجح فى إيصاله الراحل الدكتور جون قرنق ، ولمكافحة إيواء المشروع نفسه لقوى وأقطاب النشاط الإرهابي فى العالم.
وبالرغم من أن الحركة اتخذت خيار المشاركة فى الحكم عندما توصلت مع السلطة القائمة تحت الضغط الشعبي لاتفاقيات السلام التى أقرت قسمة ضيزى للسلطة والثروة فى السودان ، فان الحركة والجيش التابع لها استبطنا مقاومة المشروع العروبى بإثارة الكراهية والطبقية المصطنعة بحيث يفهم ذوى الأصول الأفريقية ويستوعبوا أنهم الطبقة الدون اذاء الوجود العربي فى الشمال ، وهو برنامج يمكن تلمح أن له ميكانيزم عاملة من خلال التجمعات وشكل ومضمون الاجتماعات الثقافية والدينية لأنصار الحركة الشعبية ، الأمر الذي يوضح النوايا الانفصالية داخلها ، ونوايا الإضعاف (حتى) للشمال العربي والمسلم بالفت فى عضده وإشعال فتيل النزاعات والفوارق الطبقية والجهوية.
وحاولت الحركة فى وجود بواق وثلل من اليسار السوداني رفع شعارات الآفريكانية والزنوجة فى السودان الجديد ومحاولة الترويج للقصور الحكومي (الجبهوى) أمام بعث الحضارات القديمة على شاكلة الدولة المسيحية القديمة وامتداداتها فى شرق السودان وشماله القصى ، والحديث عن التنوع الثقافي فى أصقاع السودان المختلفة للعصف بالرابطة الدينية الحالية بين أكثر من 80% هم قوام الدائنون بالإسلام من مجموع آخر تعداد سكاني.. وبذا توهم يسار الحركة الشعبية ويمينها الأصولي المتحكم فى السيطرة على السودان خصما على رصيد المشروع العروبى والإسلامي فى السودان.
وفى الحقيقة ومما يجب الوقوف عنده ، أن قضية دارفور التى تحاول الحركة النفاذ عبرها والأخذ بزمام المبادرة لتحقيق تطلعاتها السياسية ، فان النجاحات فى لفت أنظار العالم إعلاميا وعرض المظالم السياسية والاقتصادية مما اكسب الحركات الدارفورية القائمة تعاطفا دوليا ، تعود فى الأصل إلى ولوج الحركة من اجل العدالة والمساواة والتي تفجرت من جماع بعض الإسلاميين المنشقين عن نظام الحكم من أبناء الإقليم وأنصار الشيخ الترابي زعيم حزب المؤتمر الشعبي ، بمعنى أن هذه الكوادر هي التى ساهمت فى بناء الجوانب الفكرية والسياسية والإعلامية التى ارتكزت عليها الحركات ، وانبنى عليها الموقف الدولي مما يحدث فى دارفور ، وبالبعد الإعلامي وبالذكاء السياسي استطاعت الحركات تصيد أخطاء وسقطات الحكومة وتفسير سلوكها الميداني فى دارفور فى اتجاه مضاعفة الإدانة الدولية ، المقصود أن ولوج الحركة من اجل العدالة كان إعادة للتوازن فى ميزان الصراع من جهة وللتقليل من نزعة العمل العسكري الهدام إلى المعارضة السلمية ما أمكن من جهة أخرى ولتحصيل المكاسب لدارفور ، وهو فى النهاية ما سحب البساط من تحت أرجل الحركة الشعبية وربيبتها الحركة من اجل التحرير فى دارفور!!!
ثم إن ذات الحركة هي التى تشارك الآن تنفيذيا فى إدارة مواعين السلطة والحكم ، بمعنى أنها أصبحت الآن فعليا من حيث تدرى آو لا تدرى جزءا من النظام القائم تتحمل وزر سياساته أيا كانت وتدافع عنها فى دوائر حساسة، وهو ما يحث باعتماد الحراك الجديد (القديم) للدبلوماسية السودانية التى قبضت الحركة على تلابيب وزارتها المختصة وعينت عليها الدكتور لام أكول ، وهو ما يدفعنا لنسأل عن كيفية إسهامها البناء فى حل أزمة دارفور حتى لا تكون الحركة حقلا للتناقض والانقسام على نفسها بسبب هذا الملف ، وبالإمارة قلنا أن "الحركة الشعبية بما تمتلكه من خيوط الأزمة لقادرة على لعب دور مغاير لدورها التأريخى" فى تأجيج الصراع وتفكيك عرى البنى الاجتماعية فى السودان وبالأخص الشمال المسلم ، بل إن كل السودانيين فى أصقاع الوطن يتطلعون لأن تلعب قواعد الحركة دورا مماثلا ومسايرا للوثوق بإمكانية ركز التعايش السلمي والوحدة الوطنية والضميرية فى النظر إلى التحديات الجسيمة الملمة ببلادنا ، عوضا عن أسلوب تعميق المشكلة وإثارة روح الطبقية والكراهية على نحو ما حدث يوم الاثنين الأسود المشأوم والذي أزهقت فيه أرواح بريئة ( لا ناقة لها ولا جمل فيما يتصوره أنصار الحركة الشعبية ويعتقدونه من أوهام ).
والمؤسف أن البعض نظر إلى جملة سياسات الحركة وبرامجها الإستخبارية (يوم الاثنين كان عملا بوجهة نظري استخباريا من الدرجة الأولى ولجهة الراى العام ) لتحقيق كسوبا سياسية لمصلحة التيار المسيطر عليها حاليا بالتأليب على الوجود الإسلامي فى السلطة (آو المعارضة) وبالتقليل من أهمية الوحدة بوضعها (فيفتى .. فيفتى ) على قدم المساواة مع احتمالات الفصال.
دعونا فى خاتمة هذا الجزء أن نتنبأ بان القاعدة الفكرية للحركة الشعبية قاصرة وفى طريقها إلى التناقض والانقسام على نفسها ، إذا وضعنا فى الاعتبار عجزها عن التواصل والحوار مع قوى جنوبية بارزة ومؤثرة ولها وجود ، وأنها تدخل نفق الجنوب بنفس لاهف فى حين تتطلع – يا للعجب-إلى ادوار اكبر من طاقاتها الحقيقية والإستراتيجية المخزونة، أن الحركة بعد موت قرنق ، والموت لا شماتة فيه ، وليرحم الله قرنق أحسن آم أساء إلى السودان ، تحتاج إلى المراجعة الشاملة حتى لا ياتى يوم تعلن فيها إفلاسها العام ، ولنا حق العودة بتحليل دلالات هذا الادعاء من واقع آخر اجتماعاتها (قبل الرحيل المفاجىء) والتي جرى تسريبها إلى الصحافة السودانية باعتباره (خفايا وأسرار اخطر اجتماع للحركة الشعبية برومبيك) وبها من العظات والعبر ما يصلح للإشارة اليه ..
.. محمد منصور
8اكتوبر2005م