فى ابوجا، هل يستقيل القاضى / محمد سعيد الابكم ؟1
أبو نمو وادي [email protected]
قناعة الكثيرين فى السودان ان عدم جدية حكومة الانقاذ فى التعامل مع المسالة الدار فورية هى وراء استمرار المشكلة بلا حل وبالتالى استمرار مأساة اهل دار فور .عدم جدية الحكومة تكمن فى انها دائما تسير وفق مخططها المرسوم لمعالجة المشكلة منذ اول يوم لاندلاعها (وهىالمعالجة الامنية البحتة) وليس وفق ما يتمخض من مستجدات فى اطار تطور المشكلة وتعقيداتها والمستحقات التى تفرضها الاتفاقيات الموقعة مع اطراف الصراع ، مثل اتفاقية وقف اطلاق النار والاتفاقيات اللاحقة الاخرى الموقعة مع الحركات المسلحة . هذا الاسلوب فى ادارة الصراع ، بالاضافة الى الى انه اسلوب عقيم فانه يثبت للاطراف الاخرى على الدوام عدم حسن النية من قبل الحكومة وبالتالى عدم تعاطيها الجاد مع الاسباب الحقيقية لاندلاع الثورة فى دار فور ومن ثم محاولة معالجتها بصورة صحيحة .
لفك طلاسم هذا الكلام المعمم يجدر بنا ذكر الامثلة التالية بعدم جدية الحكومة فى التعامل مع ملف دار فور :
1) عندما حشدت الحكومة كل الامكانيات العسكرية فى دار فور واعلنت الحرب على "التمرد " ، وادعت انها قضت على الجماعات المتمردة هناك ، دعت الحكومة بعدها مباشرة الى عقد ما سماها " بمؤتمر دار فور التحاورى" فى داخل السودان ودعت اليها ممثلين للحركات المسلحة (الذين قضبوا نحبهم حسب ادعاء الحكومة ) ، وكل ذلك ليس لحل القضية حلا جزريا ولكن فقط لاعطاء القضية صبغة محلية ولجعل هذا المؤتمر فى حقيقتها مقبرة للقضية التى رفع الثوار من اجلها السلاح ، ولكن هل قام هذا المؤتمر ؟ لعلنا لسنا فى حاجة الى سؤال السيد / عزالدين السيد (رئيس المؤتمر الذى لم يكتب له النجاح ) عن سبب فشل قيام هذا المؤتمر .
2) عندما ضغط المجتمع الدولى على الامم المتحدة لتكوين لجنة تقصى حقائق فى الجرائم التى ارتكبتها جيش "الانقاذ " ومليشياتها العميلة فى دار فور ، استجابت المنظمة الدولية وكونت اللجنة وبدأت عملها فى دار فور ، الا ان الحكومة ولمعرفتها المسبقة بتائج هذه اللجنة الدولية ، استبقتها وكونت لجنة شبيهة محلية برئاسة مولانا / دفع الله الحاج يوسف ، لتأتيها بنتائج وفق رؤيتها وقد كان ، ولكن هل لجنة دفع الله
"الحكومية" وصلت الى نفس نتائج اللجنة الدولية ؟ بالطبع لا ، وهل ساهمت النتائج التى توصلت اليها الى حل القضية ؟ بالطبع ايضا لا
3) عندما تم تسليم المظروف الخاص الذى يحوى على اسماء 51 شخصا، المتهمين بجرائم حرب دار فور للمدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية من قبل كوفى انان، للبدء فى اجراء التحقيقات اللازمة لاكمال ملفات المتهمين لمحاكمتهم ، هرعت حكومة الانقاذ ايضا الى تكوين محكمة شبيهة سماها " محكمة جرائم الحرب فى دار فور " واوكلت رئاستها الى القاضى المعروف / محمد سعيد الابكم . لم يحن الوقت بعد بالطبع Premature لاصدار الاحكام بنجاح او فشل محكمة " جرائم الحرب فى دار فور" ، ولكن حتى نوضح للقراء علاقة الفريق / آدم حامد بالقاضى محمد سعيد الابكم يجدر بنا ان نذكر القراء بالتحفظات التى ابداها بعض العارفين باسلوب " حكام الانقاذ " وفى نفس الوقت المشفقين على سمعة القاضى المذكور عندما تم تعيينه رئيسا لهذه المحكمة ، ثم ناتى اخيرا لتقييم اداء المحكمة السودانية " لمحاكمة مجرمى حرب دار فور" وفق بعض المعطيات الآنية .
نقل المقربون للقاضى المذكور عند تعينه مخاوفهم من صعوبة نجاح المهمة الموكلة اليه لانه لا يضمن الاستقلالية والصلاحيات المطلوبة لمثل هذه المحكمة الخطيرة فى ظل نظام اغلب قادته متورطين أو على الاقل متهمين بالجرائم التى ارتكبت فى حق شعب دار فور . ولكن يقال انه اخرصهم على مضض وقال لاصدقائه ومعارفه "المشفقين " انه فى حالة تدخل اى جهة فى سبيل عرقلة العمل الموكل اليه فانه لا يتردد فى تقديم استقالته فورا . بالطبع مثل هذا القول يعتبر قولا شجاعا واسلوبا مهنيا راقيا لا يختلف عليه اثنين ، ولكن حديث "المدينة " هذه الايام يتداول بكثرة ومفاده ان القاضى / محمد سعيد الابكم , وفى اطار التحقيقات التى يجريها مع " المتهمين المحتملين " استدعى الفريق / ادم حامد ، والى ولاية جنوب دار فور السابق واحد اعمدة مليشيا الجنجويد المعروفة ، وذلك للتحقيق معه ولكن " جهات غاية فى العلو " قد تدخلت ومنعت القاضى من اتمام مهامه النبيل . اذا صحت هذه المعلومات ما الذى ينتظره الابكم ولماذا لا يقدم استقالته ؟ وخاصة وقد ذكرت الانباء يوم امس ان سعادة الفريق / آدم حامد قد اتجه الى مدينة ابوجا النيجيرية مكلفا من قبل الحكومة لتمثيل الجنجويد فيما يسمى ب " مفاوضات ابوجا " الجارية الآن بين الحكومة من جهة وحركة العدالة والمساواة وعبد الواحد محمد احمد