اسوق هذه المقدمة كمدخل للتعليق على حديث الكثير من الاقلام فى الصحافة الالكترونية حول التشكيلة الوزارية الجديدة لحكومة الوحدة الوطنية حيث ركز اكثرهم على الشخصيات فمنهم من قال انها نفس الوجوه القديمة و لاتغيير هناك "احمد وحاج احمد" , آخرون قالوا انها ابعدت صناع السلام والمفاوضون ومجموعة ثالثة رات انها ترضيات وموازنات ليس الا , الا اننى اختلف تماماً مع الآراء الثلاثة واقول ان مشكلتنا ليست فى تغيير الوجوه فاذا اتينا بوزراء من كوكب غير الارض ولم نغير اسلوبنا وطريقة تعاملنا وسلوكنا وعاداتنا فلن يكون هناك تغيير ابداً "لا يغيرالله مابقوم حتى بغيروا ما بانفسهم" , فالوزراء هم جزء من منظومة كبيرة هى المجتمع الذى يوجد بين جنباته خلل قديم لا بد من الوصول اليه واستئصاله والا فلن تقوم لنا قائمة الى يوم الدين , فالامر ليس مؤتمر وطنى او شعبى او اخوان او شيوعيون , كل من يصل الى سدة الحكم فهو سودانى و مشبع و ممتلئ بعادات وسلوك غير حميدة , مجاملات ضد المصلحة العامة ,, كسل , خمول , لا قيمة للوقت , لذلك لابد من البحث فى العلل والبحث فى طرق علاجها فمثلاً اذا قرانا برامج الاحزاب المختلفة من اقصى اليسار الى افصى اليمين فستجدها نعِم البرامج فهى تدعو الى الوحدة الوطنية وتدعو الى السلام والمحبة وتدعو الى التنمية البشرية وتدعو الى التنمية المتوازنة بين الولايات وتدعو الى البناء والاعمار وتدعو الى علاقات دولية ممتازة مع كل الدول وتدعو الى محاربة الفساد والمحسوبية وتدعو الى رعاية الشباب والاطفال والمرأة وتدعو الى الاحتكام الى الى ديانات الناس واعرافهم ومعتقداتهم , نعم انها برامج ولا يستطيع شخص ان ينتقد حزب واحد فى برنامجه الموضوع , الا ان السؤال من الذى سيطبق وينفذ هذه البرامج ويجعلها واقعا فى العمل لبناء الوطن ؟ اهم نحن ام غيرنا ؟ نحن الذين تربينا على سلوك وعادات غير حميدة .. تدعو للكسل و الخمول وكثرة الانس .. ومحاربة العمل ... وكثرة التصريحات المجافية للواقع , كيف بنا ان نبنى وطننا ونحن قد غذينا منذ الصغر بامثال شعبية ( ضل الضحى يطول العمر) , كيف بنا ان نصنع جيلا تربيه وتعلمه من يقال فى حقها ( لو كانت فاس مابتشق الراس ) , كبف بنا ان نلوم سفراءنا اذا قاموا ببعض الاعمال خارج الوطن ونحن نعلم ان فى مخيلتهم ومنذ الصغر (بلداً مابلدك انطلق فيها عريان).
ان الانحطاط السياسى والانحطاط الادارى الذى حدث فى ظل الانظمة المتعاقبة على الحكم منذ الاستقلال حتى الآن سبه الاساسى عدم النضج الحضارى والثقافى للمجتمع او هشاشة البنية التحتية لهما, وعدم النضج السياسى والثقافى اعنى به التمسك طوال السنين الماضية بسلوك وعادات غير حميدة , كسل , خمول , اتكالية , مجاملات ضد القانون والمصلحة العامة , عدم اهتمام بالزمن , عدم اهتمام بالنظام ... الخ من العادات المنتشرة بيننا , فاذا نظرنا الى اى حضارة قامت لوجدنا ان اهم شيئ يتميز به اصحابها انهم نبذوا العادات والسلوكيات غير الحميدة واستبدلوها باخرى قويمة , فاذا اخذنا العمل كمثال نجد اننا لانحب العمل ولا نعرف ماهو العمل قبل القيام بالعمل نفسه , فكيف بنا ان نلوم المسئولين والقادة والوزراء وهم بعض منا تغذوا وشبعوا من هذه العادات والسلوكبات لذلك كل عملهم هو التصريحات الخيالية التى تجافى الواقع الحالى والمستقبلى كما اننا نجدها فى احيان كثيرة تجافى حتى المنطق فأول مايبدأ به المسئول " اننا سنكون اول دولة فى العالم فى كذا وكذا .. " و " سنصدر الى افريقيا والوطن العربى ... " و سيكون هذا الامر طفرة لم يسبق لها مثيل .. " وهلمجرا .. ( حاشية : عليك الله ياسودانير سفريتين فى الاسبوع الى جدة بانضباط فى الزمن وانضباط فى التعامل وانضباط فى الوزن , اليست خير من "" سنقطى العالم ,, نيودلهى ,, لندن ,, القاهرة ,, باريس ,, وكل دول غرب افريقيا "" ولا نستطيع ,, فتصبح سودانير موصوفة بعدم الوفاء بالمواعيد وخلافه ولم ولن تقوم لها قائمة حتى ولو تم تغيير اداراتها ومضيفيها وطاقمها اذا لم تغير فى منهجها واسلوبها ) .
ايها الاخوة وزراءنا الكرام دعونا " يهديكم الله " من التصريحات الخيالية فالذى نريده ان يصرح المسئول حسب مايطلبه الجمهور , فالجمهور تهمه لقمة العيش ومسكن متواضع يستظل تحته , اما تغطية افريقيا والعالم العربى وسلة غذا ء العالم فلا يهمنا الآن لاننا فى حالة يجب ان يكون تفكيرنا وتصريحاتنا فقط " قدر لحافنا " , لذلك بدل التصريحات والوعود التى يستحيل تنفيذها ادعو الحكومة الى اربعة تصريحات فقط :
اولاً صرحوا لاعادة الناس الى ديارهم ..
ثانياً صرحوا لتامين استقرارهم وتوفيرالمسكن ولقمة العيش ..
ثالثاً صرحوا لتامين الطمأنينة لهم وبادلوهم الثقة سيشاركوكم فى بناء الوطن ..
ثم بعد ذلك رابعا ً صرحوا بما شئتم لتصدروا الى افريقيا والوطن العربى والعالم ..
صلاح الدين حمزة الحسن
[email protected]