ورقة عبدالرحيم حمدي التي قدمها للقطاع الاقتصادي للحزب دعت بصورة
صريحة بأن تركز خطة الاستثمارات الآنية والمستقبيلة لتنمية ماسماه محور دنقلا
سنار زائداً كردفان !! والسبب علي حد زعمه لأن هذا المحور قابل للاستيعاب
والتفاعل مع الرسالة العروبية والاسلامية !! ومن ثم يمكن أن يصبح المحور
المزعوم سنداً انتخابياً للمؤتمر الوطني في مواجهة المناطق الاخري التي تناصبه
العداء السياسي والثقافي والعرقي والتاريخي في كل من الشرق ودارفوروالجنوب وهذا
محتوي الورقة صراحة وضمناً وعليه يمكن قراءتها علي ضوء العقلية الانقاذية التي
يئست من جدوي طموحاتهاالرسالية فظلت تنكمش باستمرار بدءاً من العالمية إلي
الاقليمية ثم القطرية والجهوية والعنصرية واخيراً رست بها امواج اليأس عند
المحورية الحمدية !! وحتي هذا المحور نراهن علي انه سوف يبرز منه مالا يسعدهم
من انتفاضات فكرية وثقافية لينزوي منظرو المؤتمر كل على ذاته !! فالورقة أقرت
وإعترفت صراحة بوهم الانقاذ الزاعم للبراءة القومية وانها جاءت لتنقذ البلاد من
التفكك والتشظي الجهوي فاذا بها أخيراً وبعد ستة عشر عاماً أقرت بانها لايمكن
ان تمثل كل السودان وانما تقلصت علي هيكلها المحوري المزعوم واعتبرت كل من
الجنوب والشرق ودارفور مناطق عاقة عربياً واسلامياً لايرجي منها عشم للمشروع
الحضاري !! لذلك لايعول عليها المؤتمر الوطني في ظل منافسة انتخابيه حره وشفافه
لان الحزب يعلم انه لم يقدم نموذجاً وطنياً وافضالاً مثالية واخلاقية يمكن
حصادها عن طيب خاطر في نهاية الفترة الانتقالية في ظروف ديمقراطية نزيهة !!
وأكثر من ذلك يدرك الحزب الحاكم أن بينه وبين تلك الاطراف ملفات حمراء لم ينفض
منها الغبار ولم يكتمل قصاصها بما فيه الكفاية حتي تشفي صدور قوم مغبونين !!
كما أن تلك الورقة تناقض روح اتفاقية السلام المنقوصة والتي تنص علي تنمية
المناطق المتأثرة بالحرب في كل من دارفور وجبال النوبة والنيل الازرق وشرق
السودان حتي تستوي كتوفها الحضارية مع المركز ، فكيف تأتي ورقة حمدي لتدعوا علي
تكرار التهميش التنموي ومضاعفته !؟ ومن ثم فإن الورقة تنسخ ضمناً عملية الوحدة
الطوعيه للجنوب والتي تدعوا لجعل الوحدة جاذبة له من خلال التنمية الاسعافية
المركزة ، فكيف أذن سيوفق المؤتمر الوطني للقيام بمهمه ترغيب الجنوب وهو مشغول
بالرشوة الانتخابيه لتركيز الاستثمارات في المحور الاسلاموعروبي !؟ ونفيد ان
مزاعم حمدي تناست ان تدفق الاستثمارات الموعودة نحو البلاد موجهة أصلاً للمناطق
المهمشة كمساهمة من المجتمع الدولي لخلق بيئة تنموية متوازنة حفاظاً علي تماسك
وحدة السودان ، فكيف بالمؤتمر الوطني يخرق عهده مع المجتمع الدولي بتوجيهه لهذه
الاموال الي غير وجهتها المتفق عليها!؟ بحيث تؤدي لخدمة الدعاية الانتخابية
للحزب الحاكم ! وكما نتسآل عن حكمة الانقاذ في إكراهها للاطراف المنكوبة بدفعها
الي هاوية الانفصال. وذلك بزيادة الفواصل الطبقية والهوة الحضارية بينها وبين
المركز المحوري !؟ مع العلم ان هذه الاطراف مازالت ملتهبة بسبب انعدام التنمية
والسلطة المتوازنة ! فهذا يعني صب للزيت علي النار المشتعلة ودعوة لتفتيت
البلاد ليجد المؤتمر الوطني ولايته الفاضلة والخالية من دعاوي التهميش والتمرد
علي العروبية والاسلام الانقاذي ! وكما نلاحظ ان الورقة إقتصرت تفعيل الاسلمة
الانقاذية علي محور جهوي محدود في معزل عن الشرق ودارفور المسلمتين ! وهذه دعوة
تنطوي علي نزعة يهودية! الاسلام برئ منها وذلك من خلال محاولة حصر الدين الحنيف
علي اللونية العروبية دون الاصول الزنجية في الشرق والغرب والجنوب ! وهذا في حد
ذاته يؤكد الافلاس الفكري للنظام وهروبه الجبان ومحاولة تحوصله في رحم جيناته
الاولية ! وكما لانريد لدفوعاتنا هذه أن تظهر الحزب الحاكم وكأنه الوصي الشرعي
علي المحور المذكور والذي يستحق كل دواعي التنمية والتحديث ونعتبره ركيزة اصيلة
في البنية الوطنية وانما اردنا أن نعري النزعة التامرية بإسم المحور البرئ من
مزايدات حمدي السوقية في سبيل غسيل السياسات الحزب السابق والتي تعمل بأنانية
فليتمزق رحم أمي بعد خروجي ! ونلاحظ ان الورقة في غمرة سكرتها التخصيصية لم
تحترم مشاعر عضوية المؤتمر الوطني من أصول الشرق ودارفور والجنوب والنيل الازرق
الذين مازالوا يعملون تحت المظلة القومية ! فماهو مصير هؤلاء فهل سيعطون اللجؤ
السياسي في المملكة الفاضلة لمحور حمدي!؟ كنوع من الامساك بالمعروف وفاءاً لهم
أم سيسرحون باحسان !!؟ ونلاحظ ايضاً اطروحة عبدالرحيم حمدي اظهرت تأثره بجلافة
تخصصه الجاف لانه لم يفصل بين المادي والروحي والانساني وتعامل مع الوطنية
والافكار كعوامل وادوات للعرض والطلب والربح والخسارة ! وذلك من خلال رهن تنمية
محوره المزعوم بالكسب السياسي للحزب وهذا سلوك يعكس مقدار العشوائية المؤسسية
التي يعيشها الحزب الحاكم ! وأخيراً رغم هلامية المحور المزعوم نري أن اضافة
كردفان مجافية للواقع السياسي والثقافي لانها أقرب للتهميش منه للمركزية شأنها
شأن الاطراف الاخري!!.
الاستاذ/
ابوفاطمة أحمد اونور محمود