واحدة من مقاييس إرتفاع درجات الوعي في المجتمعات، ان تختفي ظاهرة تقديس الاشخاص، و الإنحياز الاعمى الذي يجعل من النقد، و التقييم محرماً.
المجتمعات التي ترتفع فيها درجات الوعي، يتم تقييم الإنسان بما انجز، و لا توجد مساحة للعاطفة، او المجاملة علي حساب المصالح المحسوبة بالدقيقة، و الثانية.
الإنسان المدرك لقيمة الحياة، و يقدسها لا ينتظر ليجرب، او بالاحرى ان يسمع كلاماً إنشاء، و وعود، و خطابات جوفاء، و حاله يغني عن السؤال، حيث الفقر، و الجوع، و المرض، و العوز، و الفاقة.
السؤال..
هل سمع السيد حمدوك من ايّ مسؤول غربي في البلاد التي عاش فيها لعشرات السنين بأن وعد شعبه بنور في آخر النفق؟
يا العشا ابو لبن، السياسة "بنت النهار دا" بمعني نريد ان نعيش اليوم، اما الغد فهو لأجيال اخرى، و اناس غيرنا من حقهم ان نخطط و نضع الإستراتيجيات لتصلهم الحياة في الطريق الي آخر النفق حيث الضوء الذي لم تضاء له شعلة بعد!!!
لفتت إنتباهي كلمة يرددها السيد حمدوك بمناسبة، و بدون مناسبة، بعد ان يُحي شهداء الثورة، يُثني علي الثورة التي "جعلت هذا ممكناً"
قالها حتي في خطابه في لقاء قائد مليشيا الدعم السريع، السيد دقلو في قيادته، و وسط اركان حربه، و جنوده.
يا السيد حمدوك، الثورة التي جعلت هذا اللقاء ممكناً لم تنجز بعد ملف العدالة في كل القضايا التي قامت لأجلها، و اولها جرائم الإبادة الجماعية، و السرقة، و النهب، و تقسيم البلاد، و تفسخ المجتمع بالعنصرية، و الجهوية، و زرع بذور البغضاء، و الكراهية بإدوات الدولة، و إشعال الحروب، و آخرها دماء شهداء ديسمبر المجيدة.
واحدة من تلك الجرائم تؤدي بكل رموز النظام البائد الي المشانق بعد جلسة محاكمة ثورية واحدة يقف خلفها كل الشعب السوداني، و ساعتها سيخرج الجميع طارحاً الغبن، و تبقى المظالم، و تسويتها بآليات العدالة الإنتقالية التي إرتضيناها ممكنة.
الثورة التي جعلت هذا ممكناً ظهرت وزيرة اتت بها الثورة خانعة راكعة امام جلاد، مجرم، حرامي لص، نهب، و سلب، و سب، و شتم، و اظهر كراهيته للشعب السوداني صاحب الثورة، و الذي اتى بها، و بك، و بكل العواطلية، و المتنطعين.
الثورة التي جعلت هذا ممكناً لم توفر الحياة الكريمة للمواطن البسيط، فكل قوته، و مقدراته، و حليب اطفاله، و حياته لا تزال لعبة في ايدي السماسرة، و سدنة النظام البائد.. لك مثال لا الحصر.
غاز الطبخ..
يُعتبر من السلع الإستراتيجية في كل دول العالم، و لا يمكن لدولة ان تجعل منه مادة للسمسرة، او التجارة في يد طبقة من المجتمع، او اشخاص.
غاز الطبخ في كل دول العالم نظام واحد، لا احد يسألك لأي شركة تتبع اسطوانتك، و ما لونها، او قبيلتها!!!
في هذه البلاد التي جعلت ثورتها كل شيئ ممكناً عدا تغيير نمط، و طبيعة حياة الإنسان الذي لا يزال يرزح تحت وطئة الحرامية، و اللصوص، به اكثر من نظام لإسطوانات غاز الطبخ، ما يعني الإنتهازية، و الإحتكار في ابشع صوره، و الدولة غائبة تماماً.
اسطوانة الغاز في الخرطوم العاصمة بمبلغ 1000 جنية، و علي بعد 80 كيلو من وسط الخرطوم يتضاعف سعرها الي 2000 جنيه، اما بقية الولايات البعيدة فحدث، و لا حرج، حيث يتم التهريب من العاصمة الخرطوم، اي والله.
بلد فيها المواطن يعيش حد الكفاف، فلابد له من إمتلاك اسطوانات غاز بعدد شركات الكيزان، و السماسرة حتي يضمن إستمرار الخدمة حسب ما تجود به مصالح هذه الشركات الكيزانية البغيضة، في سباق، و رحلة اشبه برحلة الشتاء، و الصيف، في البحث، و التنقيب عن اسطوانة غاز وزنها غير مطابق ايضاً ما يعني اللصوصية، و غياب المسؤولية في اقبح تجلياتها.
البلد التي جعلت ثورتها كل شيئ ممكناً عدا حق المواطن في العيش الكريم مع سبق الإصرار، و الترصد، و إستهداف كل شيئ، و آخر حلقات التآمر، و العبث بالامن، و إشاعة الفوضى، ليصبح القتل في الشارع امراً عادياً.
اجزم، و ابصم بالعشرة ان من يكتب خطابات السيد حمدوك تفوّق عليه كاتب خطابات السيد حميدتي الذي قالها في احد خطاباته عندما إستعصت عليه المفردت، فعاد الي حديثه العفوي، لا اعرف هل غيّر الرجل كاتبه، ام حسن الكاتب من ادائه، لينسجم حميدتي في قراءة الاسطر بثقة، و ثبات اكثر منها عند رئيس ثورتنا الذي إدعى ذلك عبثاً ففضحته عبارة " الثورة التي جعلت هذا اللقاء ممكناً"
في الاصل كان يجب ان يكون هذا اللقاء غير ممكناً، ما لم توضع خطة واضحة المعالم، حيث الزمن، و التوقيتات، لهيكلة الجيش، و تحريره من عصابة الكيزان، و دمج الدعم السريع، و الحركات المسلحة في جيش وطني موحد بعقيدة محترمة، قبل ان نصل الي جحر الضب، او النفق الكريه.
العام الثالث من عمر الثورة فترة كافية لرسم معالم الطريق، و تمليك كل الشعب السوداني خطة التغيير باليوم، و الساعة، و الدقيقة، و الثانية لتصبح كل الاشياء ممكنة بأمره، و إرادته.
السؤال..
ما هي الصعوبات التي كانت تقف امام هذا اللقاء الذي اصبح ممكناً رأي العين، و كل مطلوبات التغيير، و الثورة في " كف عفريت"؟
كسرة..
كلام الطير، في الباقير، ان يصير كل شيئ ممكناً، و العجز يحاصرنا من كل إتجاه..
كسرة، و نص..
كم في المية من المال العام خارج ولاية وزارة المالية اصبح ممكناً بفضل الثورة، و عاد لمصلحة المواطن كما ذكرت "بعضمة لسانك" بأن 82 % من المال العام خارج ولاية المالية، و ذلك في خطاب مرور عام علي توليك للمنصب، هامزاً، و لامزاً لإستثمارات الجيش الذي لا يزال قلعة حصينة لسدنة النظام البائد؟
كسرة، و تلاتة ارباع..
كم نصيب مليشيا الدعم السريع من نسبة المال خارج ولاية وزارة المالية، و كم المال المسترجع لولاية الدولة، و اصبح ممكناً، بدل لقاء بلا معنى، اقل ما يوصف به " لقاء مهبب" ؟
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة