في بلادنا تتراكم المصائب، و البلايا، و الخطايا لعشرات السنين، ثم الغضب فالثورة، فيسقط نظام، و يتسلق آخر، و يتكرر المشهد وكأنه سُنة كونية لازمة الحدوث، والتكرار.
في المجتمعات المتحضرة الثورة سلوك، و سلطة يمارسها المواطن في كل حركته، و سكونه بسلاح يُعرف ب ال feedback.
فهي إحدى ادوات الدولة المدنية الفعالة، و تعني مراقبة الاداء، او الملاحظة.
في المجتمعات المتحضرة تجد في كل مؤسسات الدولة صندوق لتضع فيه ملاحظاتك عن الاداء، و تتدرج من الاسوأ الي الممتاز، و لهذا الصندوق سُلطة مباشرة تساعد متخذ القرار علي تجويد الاداء.
بل إن رأيت تجاوز، او خلل في اداء الموظف فلك الحق ان تطلب منه ان يوصلك برئيسه، و تُبدي ملاحظتك في الحين و التو.
في المؤسسات التعليمية الطالب له سلطة علي المعلم، و المؤسسة بشكل عام، حاشاها لم تكن كسلطة الدبابين، و المهووسين في بلادنا، و يمنحوا الدرجات الإكرامية، و تقام الإمتحانات الخاصة، بل هي سلطة ال feedback عبارة عن ورقة صغيرة يدون عليها الطالب إنطباعه، و ملاحظاته عن المعلم، والمؤسسة دون ان يكتب إسمه.
حتي المحلات التجارية، و المطاعم تعطي الزبون الحق في تقييم الاداء، فإن اردت ان تعرف مستوى الجودة عليك بالدخول علي موقع المتجر او المطعم، و قراءة ال feedback ملاحظات و إنطباع الجمهور، و تقييمهم للاداء دون تدخل صاحب العمل، و عليه تقرر إن كان يناسبك او لا.
حتي المؤسسات العسكرية للفرد مساحة لمراقبة الاداء و تقييم مرؤوسيه، و اداء المؤسسة.
ففي الدولة المدنية المحترمة لا يمكن للمواطن ان ينام و هو مغبون، فله سلطة يعلم مدى نجاعتها، و لا غُبن يتراكم، ولا مظالم، و بلايا، او خطايا.
إنها الثورة في السلوك المدني في ارقى، و ابهى المعاني الإنسانية التي تجعل من المواطن الحاكم الفعلي لكل حركة المجتمع بشكل مستمر.
اعتقد نحن بحاجة لتنزيل ادوات الدولة المدنية، و تفعيلها في كل مؤسساتنا بشكل فوري، و اهمها علي الإطلاق ال feedback لتكون سلطة مدنية فعلية علي الجميع.
نرى القصور، و تدهور الاوضاع، و صلف الحكام، و فسادهم عياناً بياناً، ولا نملك حتي حق النقد، بل و يُعتبر التعبير عن الغضب، و عدم الرضى خيانة، و عمالة، و عدم وطنية، و يذهب البعض مبلغ التحريم إن خرجت علي الحاكم، لنمارس الذُل علي انفسنا.
تفعيل اداة ال feedback تعبد الطريق امام الدولة المدنية، وتنزع الغُبن، و تضع الكل تحت مجهر المسؤولية فينعكس ذلك علي تجويد العمل، و دقة الاداء.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة