عنوان المقال ضجت به قروبات، و مجموعات الضباط، و زملاء العميد جمال الشهيد، و بدأت تتصاعد الحملة في وسائط التواصل الإجتماعي.
يجب ان نفتح ملف المعتقلات بعد الثورة، و كيف نحن في الطريق إلي دويلات داخل الدولة السودانية بعد الثورة، و كيف اصبحت مراكز القوى تتسابق من اجل قتل القانون، و إضعاف الدولة، لأجل حماية الذات، و المكاسب، و المنظومات خارج الأُطر الرسمية...قبل ذلك ابدأ من الآخر بالعميد جمال الشهيد، و من هو.
هو العميد جمال محمد احمد حمزة، من ضباط الدفعة 41، الملقب بجمال الشهيد، نسبةً لوالده الراحل المقدم بالقوات المسلحة، و لديه اخ من ضباط الدفعة 35، و آخر من ضباط الدفعة 34. يُعتبر جمال الشهيد من ضباط الصف الاول الإسلاميين في القوات المسلحة.
كتبت من قبل عن الميل اربعين، و عن الملازم الذي وجد جهاز الملاحظة، فاحدث فرق في المعركة، التي نُسبت الي جهة معلوم الغرض منها، و لم اشر له بالإسم من قبل، فهو جمال الشهيد، الذي زوجه الفريق السنوسي بنته تكريماً له، بهذه المناسبة، و إستمر هذا الزواج لبضع شهور.
ابرز الوظائف التي عمل بها..ملحق السودان العسكري بجمهورية افريقيا الوسطى، و آخرها قبل إحالته للتقاعد بعد ثورة ديسمبر مديراً لأمن المعلومات بجهاز الإستخبارات.
تم إعتقاله في 29 يونيو قبل المليونية بتهمة التدبير لإنقلاب، مع عدد من الضباط، اعتقد اغلبهم ضباط متقاعدين تغلب عليهم صبغة التيار الإسلامي، لا احد يؤكد صحة الإتهام، او عدمه.
مراكز القوى هي الخطر الذي سيفتك بالدولة السودانية، و في احسن الاحوال لبننتها، كما تعرضت لذلك في المقال السابق.
الآن هناك اكثر من جهة في الدولة السودانية تمتلك حق الإعتقال.
* جهاز الامن و المخابرات.. و الذي قيل عبثاً تغيّرت عقيدته ليكون اداة الدولة في رصد و جمع المعلومات، و تحليلها، و تقديمها لمتخذي القرار، كما يحدث في كل بلدان العالم المتحضر، و المحترمة.
الآن جمال الشهيد و رفاقه، محتجزين لدي هذا الجهاز، بغض النظر عن الجرم الذي إرتكبوه، فمن حقهم ان يُعرضوا علي النيابة، و القضاء، فهذه هي الدولة التي ننشدها بعد التغيير، و من حق الرأي العام معرفة ملابسات الإعتقال، و شفافية التحقيق، و من حق اسرهم الإطمئنان علي سلامة صحتهم، و زيارتهم.
* جهاز إستخبارات الدعم السريع.. للأسف قبل الثورة لم تكن لديه صلاحية الإعتقال، او الإحتجاز، فالمعروف ان عدد من الضباط معتقلين لدي الدعم السريع، علي خلفية جريمة فض الإعتصام، ابرزهم اللواء الصادق سيّد، و حتي تاريخه لم يطلع احد علي مجريات التحقيق، او حقيقة التهم الموجهة لهم، و ايضاً يقبع الزعيم القبلي موسي هلال في معتقلات الدعم السريع بدون محاكمة.
* جهاز الإستخبارات العسكرية.. و هذا الجهاز يتبع للقوات المسلحة بشكل مباشر، حيث يعتقل عدد من الضباط ابرزهم رئيس هيئة اركان الجيش السابق الفريق عبد المطلب، و ايضاً لم يتم التحقيق بشكل شفاف، او تنوير الرأي العام بالحقيقة، برغم إعتراف عبد المطلب بولائه للحركة الإسلامية في تسجيل مصوّر، و لم تتم محاكمته حتي الآن، و حسب معرفتي بالقوات المسلحة، و قوانينها.. هذه التهمة تقود الي الدروة في جلسة محكمة عسكرية واحدة، وهي الخيانة العظمى باداءه قسم الولاء الي تنظيم سياسي، و هو ضابط في خدمة القوات المسلحة.
عبد المطلب، و رفاقه من الإسلاميين يُخصص لهم يوم في الإسبوع لقضاءه مع اسرهم، في مشهد اشبه بالرحلة الترفيهية داخل مباني جهاز الإستخبارات، و توفر لهم سبل الإتصال، و كل ما لذّ و طاب.
اعتقد بدأت تلجأ مراكز القوى لإعتقال، و إحتجاز كل من ترى انه يمكن ان يهدد وجودها، و امنها، و يظهر ذلك في خلفية الإعتقالات، و لا يأبه احد بأمن الوطن، و ما يدور في كل اقاليمه يُثبت ذلك.
وآخر هذه المظاهر المؤسفة تصريح والي ولاية نهر النيل، حيث تم سحب كل منسوبي القوات النظامية من مرافق الدولة، بما فيها اللجان المختلفة المعنية بتسيير حياة المواطنين.
لا يمكن ان يحدث هذا إلا في بلد ذاهب في طريقه الي الإنقسام، و التفكك، و الفوضى.
وسط كل هذا غابت الدولة كجهاز واحد، يمتلك اجهزة مهنية لإنفاذ القانون، و منظومة قضائية محترمة يمكنها ان تحقق العدالة بشكل مطلق.
لا يعقل ان نرى هذا المشهد بعد الثورة، فعلى الكل تحمل المسؤولية، و علي قوى الثورة، و التغيير التنبيه لهذا الخطر، و سرعة العلاج، لصالح الدولة المدنية، و حقها الحصري في إمتلاك القوة.
الإعتقالات بلا تحقيقات شفافة، او محاكمات علنية تُعتبر ردة تعيدنا إلي عهد الظلام، و التخلف، و الرجعية.
اعتقد جازماً ان الإعتقالات و التحقيقات التي تقوم بها كل من الجهات الثلاث هي لمصلحتها لأن كل المعتقلين لديهم ما يدين القيادات الحالية في كل هذه الاجهزة، فأُلبست ثوب الامن الوطني، و المصلحة العامة زوراً، و بهتاناً، لذلك ننبه الرأي العام للخطر القادم، و تحمل المسؤولية.
و اختم بفرضية إعتقال جمال الشهيد الذي تولى اهم الإدارات في جهاز الإستخبارات في اعقد مراحل الثورة، بما فيها فترة جريمة فض الإعتصام كمدير لأمن المعلومات بجهاز الإستخبارات.
اعتقد جازماً بما رشح من معلومات مؤكدة ان هناك صراع داخل هذه المنظومات الثلاث، و الجميع يتسابق لفرض النفوذ، و حماية النفس، و المكتسبات، فالوطن، و الدولة تُقتال امام الجميع في مشهد تراجيدي عبثي، و قوى الحرية و التغيير تتصارع بلا جدوى!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة