ليس من حقنا ان نتحدث عن كيف تدير مصر شأنها، او تعمل علي مصالحها، ولكن يجب ان تعرف كيف لها ان تتعامل معنا، و ذلك لمصلحة البلدين، لا اقول بالاسطوانة المشروخة، مصير عربي مشترك، بل هو مصير الجوار، كباقي الإخوة الاشقاء في الجوار من بقية الدول الافريقية.
ظللنا منذ عشرات السنين نردد في مسامع الإخوة المصريين، ان الزمان ليس هو ذاك الزمان في التعامل مع الدول الافريقية، والسودان بوجه الخصوص.
منذ امد بعيد كان التعامل هو من منطلق امني مطلق لا تحكمه ايّ اعراف دبلوماسية، لإدارة الشئوون المشتركة من مصالح، ومنافع، بين البلدان، ولا يزال.
و تبنت الانظمة المتعاقبة في مصر فكرة ان السودان سيظل الحديقة الخلفية، والمخزون الإستراتيجي للامن القومي المصري، في الارض، والمياه، والموارد.
حتي الآن يوجد ما يسمى بملف السودان في جهاز امن الدولة المصري، كملف قطاع غزة بالضبط، يديره ضابط لا علاقة له بالدبلوماسية ولا العمل الدولي، وليس للخارجية المصرية اي دور تجاه السياسة السودانية، إلا عبر بوابة جهاز الامن.
نتج عن ذلك تجهيل تام عن السودان كدولة في الوجدان المصري، لدرجة ان الإنسان العادي البسيط لا يعرف سوى ان فاروق ملك مصر والسودان، وان السودان هو في الاصل يتبع لمصر، وكرست الدراما والنخب، المختلفة، ثقافية كانت، اوسياسية، لذلك المفهوم.
وفي الاصل والتاريخ جميعنا في الهوى سوى، وقعنا في الإستعمار العثماني بقيادة محمد علي باشا الالباني، او الإستعمار الإنجليزي.
كنت اشفق علي الإخوة المصريين، لاني واثق انهم سيفيقون من هذه الوهدة علي حقيقة ان الكل سينفض يده من كل قديم وبالي، لنواجه الحقائق العصرية المجردة، التي كم هربت منها الحكومات المصرية، لتجد نفسها قد احكمت الطوق علي عنقها.
شئنا ام ابينا هناك اجيال لا يمكن ان تُحكم بعقلية الحقبة التحررية، حقبة زعيم الامة المفدى، ومخلصها، والشعارات الجوفاء التي عفى عنها الدهر..
نعم توجد بقايا من هذه الحقبة في السودان، متمثلة في الناصريين، و الإشتراكيين، والقوميين العرب، بكل فئاتهم، وبفضل الدعم الإستخباراتي، وتوفير المال والنفوذ، ظلوا ابواق لهذه الحقبة المقبورة، ردحاً من الزمان، الآن تآكلت هذه العينة، وعصيّاً عليها ان تجدد نفسها، واجزم ان اقلهم عمراً الآن يزاحم السبعين، وذلك مؤشر ان واقعاً جديداً سيفرض نفسه وإن كان من طرف واحد..
استغرب من إمتعاض الإخوة المصريين من موقف السودان تجاه بيان الجامعة العربية تجاه موضوع مصر مع ازمة سد النهضة..
الطبيعي السودان دولة ذات سيادة يقف في الارض، والمساحة التي تحقق مصالحه، فلا يجب ان يُحشر في القضايا كما في السابق حشراً ،كحالنا في الجامعة نفسها التي لا تشبهنا لا شكلاً، ولا مضمون.
هناك معادلة جديدة يجب الإعتراف بها، والعمل عليها، بالتواضع علي اسس المصالح المشتركة، و الإحترام المتبادل، وفق الاعراف الدبلوماسية، وإلا ارض الله واسعة، واممه كثيرة، ومتنوعة في الإحترام، والمصالح التي تدار بالندية لا الانانية، وحب الذات..
ارجو صادقاً من النخب، والحكومات المصرية ان تبني قواعد جديدة، للتعامل، وذلك ليس لمصلحة احد غيرهم..
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة