المفهوم ان ازماتنا السياسية المتراكمة عبر الحِقب، و التاريخ افرزت سياسيين من طبقة لا تنتمي الي الشعب السوداني في سلوكه، و مفاهيمه، و حتي مفرداتهم عصية علي الفهم البسيط.
نجد التعالي، و الغطرسة، و في الغالب السياسي من هذه الطبقة يخاطب ذاته، ليرضي غروره، و حاجة النفس المريضة بداء التكلس في محطات التاريخ، و الماضي السحيق كالح الظلام.
كلمة إستعمار التي ذكرتها وزيرة الخارجية التي اثارت جدل واسع في منصات التواصل الإجتماعي، اعتقد في كل حواملها، و مدلولاتها كلمة غير موفقة، لوزيرة خارجية في بلد مُتخم بالصراعات الحدودية، و الحروب التي لم تُحسم بعد.
الإستعمار الذي تقصده المنصورة في حدود عمارة الارض التي تنقصها الموارد البشرية، و الخبرات لا ينبقي ان يكون في الهواء الطلق، و تطلق الكلمات، و العبارات علي عواهنها.
البلاد المحترمة التي تنقصها الخبرات، و تعاني نقص في المورد البشري تفصل بين حاجتها، و السيادة، و الارض.
هناك برامج للهجرة، و إعادة للتوطين توضع ضوابطها حسب الحاجة بدراسات، و بحوث مدعومة بخطط، و خرائط إقتصادية و مؤشرات للتنمية، في الحاضر، و توقعات المستقبل، تستحضر الماضي، و العثرات.
للأسف السودان اكبر دولة مصدرة للبشر في الكرة الارضية بلا رابط، او ضابط بسبب الحروب الاهلية، و الازمات الإقتصادية، و كأننا إستنفدنا كل الممكن لنستجدي الحلول مقابل الارض في صورة بائسة إن دلت علي شيئ إنما تدل علي قلة حيلتنا، و تواضع ساستنا، و حكام غفلتنا.
السودان في حاجة فعلية الي حلحلة معضلات التنمية المرتبطة بهيمنة المركز النخبوي الذي يفرض شروطه، و ضوابطه للإقتراب من دوائر الحكم، و صنع القرار الذي تحكمه قوانين البيوتات، و الشللية، و جوقة المثقفاتية المنتفعين الذين تحتم مصالحهم كيف تكون إتجاهاتهم، و ميولهم، في سوق نخاسة العمل السياسي بلا مبادئ، او ضمير، ادواتهم الطبل، و المزامير.
تفتح الدول العظمى في العالم برامج للهجرة، و إعادة التوطين حتي الإنساني فيها تحكمه ضوابط بقوانينها، و إرادتها حسب الحاجة بحيث لا تتعارض مع الامن، و السيادة، و الارض بعيداً عن تصريحات الساسة في المنابر الجوفاء، تحكمه مؤسسات عميقة مرتبطة بالامن القومي، و مصالح الدولة العليا.
إن كنا فعلاً نحتاج الي ان نستعمر ارضنا فحاجتنا الي بشر، و خبرات، و عقول، فيجب مناقشة امر فتح باب الهجرة بقوانيننا، و إرادتنا، حسب حاجتنا للتنمية بعيداً عن المساس بسيادتنا، او المساومة علي الارض، و الكسب الرخيص.
كان السودان ثالث المستعمرات الواعدة مثل كندا، و استراليا، فكانت تُباع الإقامة الدائمة ال "green card" فيها للمستثمرين قبل سبعين عام بمبلغ 25 الف جنيه إسترليني.
شاء من شاء و ابى من ابى تصريح مريم المهدي غير موفق شكلاً و مضموناً، و ينم عن فقر سياسي، و خواء ظللنا ندور في فلكه منذ ميلاد الدولة الوطنية المدعاة عبثاً.
نقول للذين يجيدون قرع الطبول، و النفخ علي المزامير ..لا يوجد في هذه البلاد سياسي او مُفكر محترم قدم لهذه الامة لتكون محترمة بين الامم.
فإن كان كما ندعي عبثاً فحدثونا هداكم الله عن الإنجاز، أهي الدولة التي ينقص شعبها الخبز، و غاز الطبخ، و الوقود، و يعيش في الوحل، و ظلام العصور الوسطى؟
ام هي البلاد التي يعاني شعبها الإنقسام علي نفسه بين عصبيات الدين، و العرق، و اللون، و الطائفة، و القبيلة، و القاسم المشترك بينه الكراهية، و البغضاء؟
هي البلاد التي تعيش في تخلف، و شعب تطحنه آلة الإستعمار الموروث، و يدعي انه يمتلك ناصية المعرفة التي علي شرفاتها المنصورة المستعمرة الداعية للإستعمار لأجل الإستعمار، و من علي شاكلتها!!
لطالما يتقدم السياسي الصفوف في هذه البلاد بالميراث، و العصبية بعيداً عن المهنية ستظل مستعمرة بإرادة شعبها الذي تحكمه المقابر في احسن الاحوال، فلا تحدثوننا عن سياسي او مُفكر مْحترم انجبته هذه الارض يستحق الشكر، او الثناء حتي الرحمة بعد الرحيل في حدود الإيمان، و الدين.
خاطبوا شعبكم بلغة محترمة يفهمها بلا تأويل، او "دغمسة" ..و التعالي في الفارغة، و المقدودة.
أللهم إن كان لابد من بوخة فهوِّن علينا بوخة إستعمار الارض المستعمرة بلا سواعد!!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة