اسوأ فترة مرت علي البشرية بشكل مطلق هي قبل الثورة المدنية عندما كانت الكنيسة هي التي تحكم بإسم الله في الارض.
اعتقد نحن في حاجة الي قراءة التاريخ بشكل جيّد بغض النظر عن ماهية الدين، فالمحصلة انه حكم الوصاية بإسم الإله علي، الارض.
بما اننا بشر نخضع الي معايير الخطأ، و الصواب، او الضلال، و الهدى فلابد للإمتثال للمحاسبة التي تبدأ بالنقد، و إبراز القصور، فهذا ما لا تقبله السلطة الدينية بشكل مطلق.
السلطة الدينية هي فوق المحاسبة، و تترفع عن الشبهات، لذلك تصبح القداسة اداة للحصانة المطلقة بالإنابة عن السماء في الارض.
مخالفة الحاكم في الرأي، او وجهات النظر، و النقد يعني مخالفة للدين، و عصيان لله يستحق العقاب.
للحاكم المبرر الكافي لإرتكاب ايّ جريمة، و إن تعارضت مع الدين نفسه.
مثال لذلك عندما بحث المخلوع عن فتوى في مجالس السلطان تبيح له قتل ثلث الشعب السوداني لأن خياله المريض، و فكره الشاذ هيأ له بأنه الحاكم بإسم الله في الارض بالضرورة الموت علي يديه لمن خالفه مثابة، و فضيلة بجدارة، و إستحقاق.
وجد الحاكم بإسم الله في الارض المبرر الكافي ليغتصب معلم بماسورة في "دُبره" حتي الموت لطالما خالفه الرأي، و ثار ضد فساده، و ظلمه، و التهميش.
لطالما الحاكم مسؤول عن إدارة احوال الناس، و حياتهم، فلابد لهم من نقده، و النظر إليه بعين لا تعرف القداسة، او الوصاية.
القداسة الدينية، او الابوية، او القبلية، او الثقافية جديرة بأن تصنع إله صغير يمشي بين الناس بالباطل.
تعافت الكرة الارضية بعد ثورة الحقوق المدنية التي وضعت حداً لسلطة الكنيسة، و الدين، و جعلت من امر الحكم شورى بين البشر بمختلف اديانهم، و طوائفهم، و اعراقهم بالتساوي في الحقوق، و الواجبات حكام، و محكومين، و وضعت حداً لمبررات الحروب العبثية التي راح ضحيتها عشرات الملايين من البشر.
الدولة الدينية في الاصل هي المقابل للمدنية، فنجد في السياسة السودانية يوجد خلط متعمد يُبعد هذه الشبهة عن دولة الدين، و تظل المدنية مقابل لكلمة عسكر في صورة معزولة، في سطحية غاية في البلاهة لتنفرد الطوائف بالحكم، و توظف الجميع بما فيهم العسكر كادوات في دائرة جهنمية خبيثة، فتصبح المدنية في الوصف بالزي، و الشكل، و الهيئة.
لا قداسة لسلطة علي الارض، فلذلك بالضرورة انها لا تعني الإله في شيئ لطالما لا تنقصه النقائص، او تعيبه العوائب، فهو المقدس في ملكوت الروح نقاءً، و تطهراً في محراب العبادات، لنخرج الي المجتمع بشراً في حب الحياة لنعمر الارض خلفاء لله بما اعطانا من حرية مطلقة في قوله تعالى:
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة