حكي لي والدي قصة، متعه الله بالصحة والعافية، و قعت ايام الإنجليز، حيث تم عزل احد العُمد من عموديته بواسطة الحاكم العام، و عندما لم يجد العمدة من سبيل لإقناع الخواجة للرجوع عن قراره قال له"بس المحكمة بحضرها جنابك".
العمدة كانت تهمه السلطة والنفوذ بأي شكل، او صورة فالمهم ان يكون جزء من السلطة.
قبل سنوات الهمتني تجربة ابراهيم الشيخ، رئيس حزب المؤتمر السوداني، و كتبت عنها، عندما تنازل طواعيةً عن رئاسة الحزب، و في اول ظاهرة في تاريخ الاحزاب السودانية ان يتم تداول السلطة بشكل سلمي، ليته حافظ علي هذه الصورة الجميلة، و لكن!
ثورة ديسمبر العظيمة كشفت عوار هذه النُخب، و تهافتها نحو السلطة، كأداة للنفوذ، و حماية المصالح علي حساب فقر الشعب، و معاناته.
يذكرني ابراهيم الشيخ بالعمدة "المرفود" ترجل عن الحزب، ولكنه ظل متمسك بالسلطة، ليكون احد اقطابها باي شكل، بل فاق العمدة بأنه تولى وظائف منذ سقوط النظام البائد لا استطيع عدها، لو في لجان الحكومة او دهاليز الحرية والتغيير، وكأن حواء السودان لم تلد.
بدون لف ودوران لا اجد له صك براءة من الفساد، و قد إزدهرت تجارته في عهد الإنقاذ، الذي نعرف سلوكه تماماً، علي المستوى الشخصي حوربت في رزقي، و اكل عيشي، لدرجة اجد صعوبة في الحصول علي مبلغ وجبة فطور في مطعم شعبي بالسوق العربي"قراصة برايب" تُعد ارخص وجبة في ذلك الزمان، و احسبها الآن من الرفاهية بعد تفاقم الحال، كان ذلك في تسعينيات القرن الماضي.
لو ثبت ان إبنه متورط في قضية فساد، و إستغلال النفوذ، او عدمه فهذا من واجب القضاء، و التحقيقات.
ما لفت نظري في حديثه نقطتين..
* الرجل ذكر انه و لحوجة اسرته للكهرباء يمكنه شراء الوقود بأي ثمن، اعتقد امثال هؤلاء السياسيين لا يصلحون لقيادة الشعب، لأنهم لا يحسون بمعاناته، و هم يعيشون في جُزر معزولة عن المجتمع الذي يحكمونه، و يتحكموا في مصيره، في بلد تنعدم فيه الكهرباء في المستشفيات التي يتعالج فيها الفقراء علي علاتها وسوء احوالها، و قلتها.
يجب ان تُسن قوانين تمنع اشكال الترف لأي موظف عام او من تقلد وظيفة قيادية في المجتمع، و يعيش كما المواطن العادي في الحصول علي الخدمات، حتي يشعر بالمعاناة، و يعمل علي العلاج.
و إن اراد الإستمتاع بماله، و ثروته، فعليه ان يترجل عن جواد السلطة، و ليشتري بئر بترول إن اراد ليمد مولداته بالطاقة حتي تلبي حاجة اسرته للكهرباء.
* للأسف ذكر في حديثه ايضاً ان الموضوع إنحصر في شيئ تافه، و بسيط حسب ما ذكر بالإنجليزية.. هو عدم وجود طفاية حريق فقط.
يا لها من مُصيبة، و قد فقدنا عشرات الانفس قبل شهور في حادث تفريغ غاز في احد المصانع دون مراعاة لإجراءات السلامة، فإنفجر التانكر، و احدث مأساة بشعة، و سط العاصمة.
لو سياسي بحجم هذا الرجل، و يستهتر بمخالفة إجراءات السلامة بهذا الشكل علي الدنيا السلام.
ثبتت شبهة فساد او لم تثبت يجب توقيع اقصى عقوبة علي كل من لديه صلة بهذه القضية، و التي يمكن ان تؤدي إلي ماساة لو إنفجر هذا التانكر، و هو يجوب المناطق السكنية لتفريغ الوقود.
يجب سن قوانين تمنع تداول المواد البترولية خارج محطات الوقود المعروفة، و المستودعات، و ذلك يمكنه ان يقلل من شبهات الفساد ايضاً، و الجميع يعلم ان هناك اكثر من سعر رسمي للوقود في البلاد كوضع شاذ لم ولن نراه في ايّ دولة في محيطنا، او العالم الذي نعيش فيه.
قادة لا تهمهم حياة مواطنيهم و الإستهتار بها غير جديرين بان يتصدروا المشهد.
يجب علي هذه النُخب ان تترك الشعب السوداني وشأنه، و بالبلدي " ياخ كفاكم الاكلتوه حلوا عن سمانا".
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة