تواصلت مع النقيب مهندس محمد سليمان، احد الضباط الاشاوس الذين ساندوا شعبهم في ثورة ديسمبر المجيدة..
شعرت بأني امام ضابط يعرف الفرق بين الإنضباط، وواجبه الوطني، الذي لا يتعارض مع ايّ قانون، او لائحة لقوات الشعب المسلحة..
كل قضيته انه قام بواجبه امام شعبه في لحظة مفصلية من تاريخه، في ثورة خرج لاجلها كل الشعب السوداني بجميع فئاته..
عندما وصل الثوار إلي ميدان قيادة الفرقة، لم يخالف تعليمات، او لوائح، بل كان يقوم مع زملائه بحماية ابناء شعبه، و كان يُقدم لهم الطعام، و مياه الشرب، اقل واجب تعرفه كل جيوش العالم تجاه شعوبها..
بدل ان يُكرم، ومن معه تم التحقيق معه، و عُرض علي محكمة عسكرية، اودعته السجن الحربي لمدة شهر، تم إطلاق سراحه بعد مليونية 30 يونيو..
عندما خرج من السجن رفع مذكرة للقيادة، وقبل ان اخوض في هذا الجانب إليكم ما جاء فيها :
*حظر، ومكافحة تنظيم الاخوان المسلمين في الجيش، والامن والشرطة..
*دمج قوات الدعم السريع في القوات المسلحة..
*ايلولة كل الشركات التابعة للجيش، والمؤسسات الامنية، إلي خزينة الدولة، حتي تسهم في رفع الضائقة المعيشية عن كاهل المواطنين..
*فتح تحقيق في بيع اراضي المدرعات، و شراء الاسلحة، والنظم، والقطع البحرية المضروبة..
* إرجاع كافة المفصولين الذين تم فصلهم بسبب وقفتهم ومساندتهم للثورة المجيدة..
*عمل حملة لجمع الاسلحة، وتكون شاملة، وصادقة، وحماية المواطنين في دارفور من المتفلتين، والمليشيات المسلحة..
*فتح القبول في جامعة كرري من اجل تطوير القوات المسلحة..
إنتهى.
دائماً تعتمد الجيوش الحديثة في تطوير اداءها وإدارتها باخذ رأي الافراد، بالإستطلاعات الروتينية، والرصد، والمتابعة للرأي العام داخل المنظومات العسكرية..
لأننا لا نعتمد ايّ معيار حديث في اداء قواتنا المسلحة، نضيق زرعاً بالآراء، والافكار، و درجت العادة ان نسميها مذكرات، وبالطبع هي خارجة عن الضبط والربط..
هناك فرق بين الضبط، والربط، وإبداء الفرد لرأيه في إيطار بيئة عمله، وما يحتمه عليه الواجب، سلباً او إيجاباً..
حتي الآن نعتمد إسلوب التعامل مع الافراد كقطع جامدة، كما كانت الجيوش في العصور السابقة..
تحضرني ذكرى طريفة ايام الكلية الحربية، حيث كان هناك طلبة منتدبين من دولة اثيوبيا ضمن الدفعة، بعد ايام معدودات من " الدرش" إعتصم الطلبة الاثيوبيين في السكنات، واغلقوا الغرف عليهم حتي حضر سفير بلادهم، فقالوا له نحن حضرنا من بلادنا لنتخرج ضباط لا مدرعات، وتم تسفيرهم إلي بلادهم..
في الدول المتقدمة لا تتجاوز فترة تأهيل الضابط ل45 يوم، بعدها يذهب لقاعات الدراسة حسب تخصصه لينهل من العلم، والمعرفة..
نريد من هذه الثورة فرصة حقيقية للمعرفة، والإنفتاح علي العالم في كل المجالات حتي نلحق بالتطور والمعرفة..
حديث الناطق الرسمي للقوات المسلحة علي قناة الجزيرة اثبت لي اننا لا زلنا غارقين في التخلف، وعدم المعرفة، او حتى متابعة العالم من حولنا، الآن بكبسة زر يمكنك معرفة ايّ معلومة عن ايّ جيش في العالم، فما بال ان نتناقش في قضية شغلت الرأي العام، وجعلته ملتهباً في حالة يمكن ان تقود إلي مآلات لا تحمد عقباها..
الجيش السوداني من الجيوش القديمة، و العريقة، يجب علينا ان نعي ذلك لنضعه في مكانته التي تليق به بين جيوش العالم المحترمة، و المتقدمة..
يجب علينا ان نحترم جيل الشباب، وفتح قنوات للتواصل معهم، خارج كلاسيكية الضبط، والربط، التي تجعلك في خانة الملق، والتطفل، لو تحدثت مع من هو اقدم منك بدفعة، لا مانع ان يتحدث الفرد إلي قائده ايًّ كانت رتبته، لتصل فكرته، في حدود الإنضباط الذي يؤدي إلي تحسين الاداء..
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة