الصورة الواضحة بدون محسنات او ايّ رتوش، لقد افرزت ثورة ديسمبر المجيدة واقع جديد، عنوانه صراع بين جيلين.. جيل احب وطنه بطريقته، ويُريد ان يعيش عصره كما ينبقي، وكما يرى، وهو يتجول عبر الاسافير في الكرة الارضية، دون ان يخسر عشرة جنيهات، ليعيش إفتراضاً، ويتفاعل مع العالم من حوله.
وجيل من قرن آخر يرى في السلطة اداة لفرض الإرادة، و الايديولجيا، و السياسة مهنة للتكسب، والعيش، والتحالفات لاجل التآمر، و التكتيك، ولا يرى في العالم سوى حانة لملذاته، و اغراضه الذاتية.
ما نراه من مساحة تتسع يوماً بعد يوم بين هذين الجيلين يترجم حالة الإنفصام في المشهد، حكومة ثورة بلا روح!! وشارع ثائر حد الغليان.
سأسقط نظرية حسن الظن من قاموسي إلي الابد، و اعتقد جازماً ان ما يدور هو مؤامرة علي الثورة، بدأت فصولها منذ اليوم الاول لسقوط نظام الإنقاذ الهالك.
ارادوا قتل الثورة، فجاءوا بحكومة من خارج فضاء الثورة، وعنفوانها.
اتحدى الجميع ان يُسمي ثائراً واحداً في مجلس السيادة، و بذات القدر مجلس الوزراء.
واجهة كل المشهد لا تشبه روح الثورة، ولا تنتمي إلي جيل الثورة الحقيقي الذي ينشُد التغيير الجذري، و تصفية كل اشكال النظام البائد بلا هوادة.
ما شاهدناه في الساعات الفائتة كيف خرج الشباب في ذكرى مجزرة فض الإعتصام الاولى، وكأن الثورة في ذات التاريخ، والبقعة المباركة، و تعيد ذات المشهد الذي ترفرف فوقه ارواح الشهداء التي نكاد نراها عياناً بياناً.
قالها الثوار اليوم انه لا مجال للتلكؤ، او المماطلة في تنفيذ إستحقاقات الثورة، ومطلوباتها، التي لا تقبل القسمة إلا علي العدالة، والحرية، والمساواة.
من المؤسف ان تظل العدالة عرجاء، والثورة في عامها الثاني.
من العار ان لا نجد جريمة واحدة لنحاكم بها نظام دمر كل اوجه الحياة، و رهن الدولة والشعب للإرهاب الذي ما زلنا ندفع فاتورته الباهظة حتي الآن.
محاكمة النظام البائد، وسدنته لا تحتاج إلي ساعة زمن واحدة، لو فعلاً تولى امر الثورة ثوار انجبتهم الثورة التي لا تزال جذوتها متقدة.
من العار بمكان ان تظل اكبر قضية محورية في الثورة المباركة محل للمزايدة، و التآمر.. جريمة فض الإعتصام، و هي في ذكراها الاولى، و لا يزال المجرم حراً طليقاً يتوعد، و يمكنه إعادة المشهد الف مرة، ومرة.
ما شاهدناه اليوم في الذكرى الاولى لجريمة فض الإعتصام، رسالة واضحة في بريد كل من يظن ان هذه الثورة ستُغلب، فهو واهم.
ما شاهدناه رسالة بأن هذه الثورة ماضية حتي تتحقق غاياتها عنوةً، و إقتداراً.
ما شاهدناه رسالة لكل من لا يملك روح ثورية حقيقية تؤهله ليتقدم الصفوف، عليه ان يترجل، ويحفظ ماء وجهه.
الرسالة ان زمن سرقة الثورات قد ولى بلا رجعة، و عهد الطبيخ القذر في الغرف، و مجالس الحسب، والنسب قد عفى عنه الدهر، وما ادراك ما الذكرى الاولى للمجزرة!
الثورة محروسة بشبابها، و ليعلم الجميع ان الثورة لا تحدها مواقيت، فستمضي ظافرة منتصرة بقوة و عزيمة الشباب، ثمنها ارواح، ودماء طاهرة.
لا تزال الكرة في ملعب برهان، حميدتي، حمدوك، بالإنحياز الكامل للثورة، و قيادة الشارع حسب تطلعاته، وتمكين حمدوك من حكومة كفاءات قوية بصلاحيات كاملة، و علي كل المؤسسات العسكرية، والامنية التنفيذ فقط، و الجدية في تصفية النظام البائد بلا رحمة، او شفقة، لتنالوا ثقة الشارع، وإلا مزابل التاريخ اولى بكم جميعاً.
الرسالة إلي كل الاحزاب السياسية انه لا مجال لصراعاتكم الدنيئة في الفترة الإنتقالية، وعليكم ان تذهبوا لتعدوا انفسكم للإنتخابات التي تمثل المدخل الوحيد المستحق للسلطة.
عام كامل كفيل ليرى القاصي، والداني سوئاتكم، إبتداءً بالتآمر علي فض الإعتصام، مروراً بالوثيقة الدستورية المعيبة، اخيراً وليس آخراً الصراع، و التشظي، و العقد الإجتماعي الذي يُعتبر ردة، وكفر بالثورة.
اخيراً..ما رأيناه من مشهد برغم جائحة كورونا يُنذر بموجة من الثورة لا احد يتنبأ بمآلاتها.
لو كانت بالامس كتائب الظل، والظلام قد مهدت للعبث، والخوف، والتردد، اليوم كتيبة ظل الكورونا تُمهل الجميع ان موعدنا قاب قوسين او ادنى..
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
خليل محمد سليمان
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست