مقدمة :تحدثت الى احد الصحاب فى الخرطوم اليوم لأساله عن مجرى الاحداث غير الغريبة ، ولكنها كالعادة صعبة الفهم على من هو بالخارج . وكانت دهشتى من انه ذكرلى انه يفهم ماحدث ويحدث ، اذ انه اصبح امرا مكشوفا لكل ذى بصر وبصيرة وذلك بدرجة جعلته وامثاله من من يفهمون تماما ماوراء الاحداث يبتعدون عن مشاهدة التلفزيون ووسائل الاعلام الاجتماعى وغير الاجتماعى حتى يستطيعوا النوم بسهولة ! وقد تطابق ذلك مع ماصار يحدث لى لدرجة انى طلبت من ابنائى ان يبحثوا لى عن مكملات الماجنيزيوم عندما علمت ان من خصائصه المساعدة على النوم ! الموضوع : هذه المقدمة كانت ضرورية للحديث فى موضوع يبدو ان لاعلاقة له بالسياسة والاقتصاد ، برغم انه من امهاتهما ، لكنى قصدت من ايراده امرين : الاول الابتعاد بدرجة ما عن امور السياسة والاقتصاد بشكل مباشر طلبا لبعض النوم ، وثانيهما ، اثبات اننا سنظل بعيدون عن أخذ امور السياسة والاقتصاد وغيرهما ممانعتبره أكثر اهمية وبصورة تؤدى الى مانرجوه من نتائج ، مالم نبدا بالنظر الى مايفعله ويتحدث عنه الآخرون الذين تقدموا علينا مسافات طويلة على طريق التقدم فى هذه المجالات وفى غيرها . بداية : قبل سنوات قلائل ،ونتيجة لانتهاء الارتباط بعمل يحتاج الى الدوام اليومى لساعات محددة وتوفر بعض المال بأكثر من الاحتياجات الاساسية القليلة اصلا ، وجدت نفسي أدخل الى عالم البورصات والتجارة فيه المعروفة فى الانجليزية بال”Trading “ وبطبيعة بدء تعلم الاشياء ، اضافة الى ماتعلمته " بالفلوس " من خداع من الكبار للصغار فى شأن تلك التجارة، فقد كانت النتيجة خسارة بعض المال القليل نسبيا ، ولكن ، فى تقديرى الخاص ، ان ماتعلمته يعادل عشرات المرات قيمة مافقدته . والدليل على ذلك ماكتبته عن الدولار الامريكى بتحليلات مما اسميتهم شهودا من اهلها وقراه الالآف بشهادة الراكوبة الالكترونية وغيره من الموضوعات ذات الصلة . لهذا بدأت افكر جديا فى انشاء قناة على اليوتيوب لطرح بعض تجاربى واراء آخرين حول التجارة بالبورصة لتبيان مالها وماعليها من وجهات نظر مختلفة لاتبتعد كثيرا ، كما هومتوقع ، عن دنيا السياسة والاقتصاد مهما حاولنا ! موضوع اليوم : اما موضوع اليوم وتحت عنوان " نحناوين وهم وين ؟! " فقد اثاره للكتابة ماجاءنى من أحد يعرض خدمة تقديم التوصيات للمتاجرين فى البورصة . وهؤلاء لوحدهم قصة فى مجال تحديد مكاننا ومكانهم ، فمهما كانت درجة الصدق او الكذب بما يسمونه “genuine or scam" فى عروضهم،فانها دومًا تكون مقتعة بالمنطق والمعلومات الواردة فيها . وللتدليل على ذلك دعونا نستعرض هذا الذى جاء واثارما اثار : سيارة آبل المتوقعه وماستثيره من تغييرات فى سوق السيارات المماثلة : يقول مقدم الخدمة : ان آبل فى كل ماقدمت من أجهزة تكنولوجية ، كانت دوماً متفوقة على ماسواها من المصنعين والمخترعين، ذلك لانها لاتقدم اى مخترع الا بعد دراسة وافية لكل جوانبه بحيث يكتسح السوق عندما يقدم ويتفوق على ماكان موجوداً من مثل مخترعه بكثير. ضرب امثال لذلك بجهاز الموسيقى الذى عرف بمسمى "music in your pocket" وساعة آبل التى تفوقت فى مبيعاتها عن مجموع مبيعات مصنعى الساعات السويسرية التى سبقتها بعشرا السنوات فى الصناعة والسوق ..الخ . ومن ثم دلف الى سيارة آبل ومشروعها المسمى "Project Titan" فوصفه وصفا شاملا بانه سيكون " الاكثر تقدما تكنولوجيا فى الكوكب" ، وذلك لكونه : 100% كهربائيا يسوق ذاته كليا وتماما قادر على تخطى اي عقبات فى طريقه وذلك مقارنة بماهوموجود من المخترعات المماثلة من القطاعين العام والخاص وعلى قمتها سيارة الون ماسك الكهربائية .وقد جاءت الاشارة الى هذه الاخيرة فى عنوان المقال الذى آخذ عنه ، والذى يقول : شركة الون ماسك للسيارات الكهربائية فى طريقها للموت ! ثم يواصل الحديث عن شركة آبل قائلا انها بما عرفت عنها من استعداد كامل لماستنتج بحيث يكون الافضل وبحيث يعرض بكميات كبيرة مقارنة بالاسعار والنظر الى الطلب الذى يخاطب درجة معينة من دخول الاشخاص ، فانه يتوقع ان تستخدم افضل مصنعى الاجزاء فى مجالات ثلاثة لها الاهمية القصوى فى تصنيع تلك السيارة بما يجعلها الافضل فى الكرة الارضية : كمرات التصوير :بما انه سن قانون فى الولايات المتحدة يفرض وجود كمرة واحدة مبنية"”built-in فى اصل السيارة ، بما جعل سوق الكمرا يصل الى 2 بليون دولار حاليا ، فان احتياج كل سيارة من سيارات آبل الى 29 كاميرا سيقفز بهذا الرقم الى 58 بليون من اول انتاج منها يتوقع ان يبلغ 100 الف سيارة على الاقل . افضل الشركات توفر لسياراتها الرادارات”radar and lidar” والليدرات التى تستخدمها وكالة ناس ، وذلك من اجل اكتشاف وتعديل الضوء . معادل اشعة اكس فى الرؤية . ثم يصل الراوى الى هدفه من كل هذا الى انه لايطلب الآن من قارئيه ان يشتروا اسهم شركة آبل لصناعة هذه السيارة ، ذلك ان انتاجها يتوقع بعد سنوات ، فربما يصل انتاج المائة الف الاولى المتوقع فى العام 2023او 2024 ولكنه عوضا عن ذلك ينصح بشراء اسهم الشركات المصنعة لتلك الاجزاء . وبالطبع فانه يحتفظ بسرها لمن يشترك فى خدمته . قصدت من هذا الاستعراض لما حاول ان يقنعنا به احد الذين يدعون العلم ببواطن امور هذه الشركات التى تعرض اسهمها فى البورصات العالمية ، قصدت منه امرين : الأول : وهو الاقل اهمية : اسلوب العرض ، سواء اقنعك لدرجة الاشتراك فى الخدمة المقدمة ام لا ، وهو مانفتقده فى اغلب الاحيان فى عروض خدماتنا وبضائعنا ، كجزء من انعكاسات التخلف الذى يشمل كل مايقع عليه ! الثانى : وهو ما عكسه العنوان : هذا الحديث اعلاه عن تكنولوجيا لاتصدق لدى الكثيرين فى عوالمنا ، واذا صدقت فهى اما ان تقابل بالاندهاش المفضى الى لاشئ ايجابى من طرف المتلقى بان يشحذ همته للتقدم ولو خطوة الى الامام واما ان يعتبر دليل على اقتراب القيامه ! بينما هذه التكنولوجيا التى تنتجها عقول وجدت من حرية البحث ما اكسبها هذه المقدرة على تطوير هذه المنتجات التكنولوجية ، التى هى العنصر الاساسي فى صمود البورصة الامريكية التى هى عماد الاقتصاد الامريكى عوضا عما يصيب الاقتصاد الامريكى باكمله من تدهور شهد عليه اهله قبل الاخرين،فان مايحدث فى سوداننا بعد تلك الثورة التى ادهشت العالم متقدمه ومتخلفه تدل على ان الجزء الاعظم من مجتمعنا لايزال يعيش دروشة الجهل ولكن الامل فى شباب الثورة لايزال مشتعلا . فالشباب الذى اشعلها كان مستعدا للسير فى طريق البناء لووجد الروح الثورى المساند لتطلعاته التى عبر عنها بوضوح اثناء الثورة وفى حمايتها من التغول العسكر والرتداد الانقاذى اكثر من مرة ، لكنه ظل يخذل بمكونه المدنى قبل العسكرى ، وذلك من خلال السياسات غير الثورية والممعنة فى الروتينية والتردد بما أعطى العسكر اللسان الذى يتهمون به المكون المدنى بانه وفر الاسباب للانقلابات ،وهو اتهام ينطبق عليه وصف كلمة حق اريد بها باطل . فانا اتفق مع الاتهام تماما فى ان السياسات الاقتصادية التى اصر عليها ولايزال يروج لها المكون المدنى عوضا عن السياسات المقترحة من اللجنة الاقتصادية للحاضنة ، وكذلك التوجه الكامل للخارج فى البحث عن حلول الداخل والانكسار امام طلبات المؤسسات المالية والدول الغربية لحد الموافقة على بعض بنود السياسة الخارجية التى ظل السودان يرفضها تحت اشد الحكومات الماضية رجعية وتحالفا مع الاستعمار، هى من الاسباب الرئيسة لأبتعاد شباب الثورة عن مساندة المكون العسكرى ، ومع ذلك فقد هبوا لنجدة البلاد والحفاظ على اتقاد جذوة الثورة عند استشعار الخطر . اما باطل الوصف فهو بأن المكون العسكرى قد مد يدا اخرى للمساعدة فى خنق الثوار من خلال رفض تسليم الشركات العسكرية التى تدر اغلب الدخل العام ، الى جانب اهماله المتعمد فى اداء واجباته الامنية التى سلبها او سلمت له من قبل التنفيذيين بكامل ارادتهم . وقد فعل ذلك طلبا لتأييد كافة الشعب لاستلام السلطة . ولكنه لايعى الدروس التى قدمت له بعد الثورة فى عديد المرات لن يكون آخرها، على مايبدو ، درس انقلاب الحادى والعشرين من ديسمبر الجارى الذى جلله بالعار هتاف شباب الثورة : الجوع ولاالكيزان ! واخيرا ، عدنا كما بدينا للحديث فى السياسة برغم المقدمة ، افلا يكون حديث التكنولوجيا على الاقل حافزا للمكون المدنى ليلتزم بفورة آثار الانقلاب ، فيلتزم برؤي الشباب ، ليس فقط فى مجال وضع السياسات العامة ، ولكن ايضا بماقدموا من مقترحات تنموية من خلال المؤتمر التنموى الشبابي المشهود بقاعة الصداقة فى العام الماضى ، اضافة الى تجربة مقترحات وتوصيات لجنة قحت الاقتصادية وغيرها مع التمسك بالشفافية والصراحة مع القوى الثورية عوضا عن الحديث المتكرر والذى لايغنى ولايسمن عن نموذج الشراكة مع عسكر برهنوا اكثر من مرة على اجندات خفية لاعلاقة لها بالثورة وشعاراتها واهدافها؟!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة