فى العهود الدكتاتورية ، وبحكم رؤية الحاكم الفرد ، كل فى ضيعته ، لايصح الا مايرى الحاكم ، وماعلى افراد الرعية الا الأتزام بما يطلب منهم . هذا ما حدث فى عهد عبود ونميرى والبشير وفى عهد الفرعون الذى خاطب الناس بانه لايريهم الا مايرى ! غير انه عندما يحدث هذا فى عهد ديموقراطى ، وبعد شهور قليلة من ثورة متفردة لازالت شعلتها تضئ ، ومن المسئولين الذين وصلوا للكراسى بامر تلك الثورة فذلك مايدعو للتعجب . والحقيقة ان ماحدث عندنا فى السودان لامثيل له فى الثورة وفى مابعدها . الأحداث الدالة على ذلك كثيرة ولا أحب ان اذكر منها هنا غير مايفيد بيان ماجاء فى العنوان : أى من الأمثلة مايؤكد مظاهر عدم الأحترام للمشاهد والمواطن " العادى " ! ولأن مظاهر عدم الأحترام هذه تحدث من مسئولين صغار فى حالة المشاهدين ومن مسئولين فى قمة هرم المسئولية فى حالة المواطن ولكنها تصدر من منبع واحد فى تقديرى ، فقد كان ماأثارها فى نفسى لهذا الحد ، هو ملاحظات عابرة لتصرف بعض القنوات . فاليوم الجمعة ، وانا أشاهد برنامجا يستحق المتابعة عن تاريخ التشريع ,عند جزء هام منه انقطع الأرسال فجأة ، ثم عاد بعد دقائق ليقدم بعض الاعلانات ، ثم انتقل الى موضوع آخر من غير ان يقول نطقا او كتابة ماذا حدث لذلك البرنامج . فقد ظننت ان السبب قد يكون عطلا فنيا أو كارثة ما حدثت للقناة أو كارثة حدثت للبلد ، فى زمان وظروف لاتستبعد أيا من هذه الكوارث للقنوات وللبلد! وبالطبع ليست قناة (24) هى الوحيدة التى تفعل مثل هذا الفعل ، فالكل يفعل بما يؤكد عدم الاهتمام برد فعل المشاهد . فكم الأخطاء ،التى تحدث فى الحديث والكتابة املاء ونحوا، لاينتهى وقد تستمر لمدة يومين دون ملاحظة او اعتذار . ومن الطرائف الاخيرة فى هذا المجال تكرار احدى المذيعات لقراءة كلمة فى خبر تغير المعنى تماما لكامل الجملة ، ولم ينتبه اليه غير المحلل السياسى ، الذى قام بتصحيحه قبل ان يجيب على سؤال المذيعة ! والأدهى ماحدث فى برنامج حوار البناء الوطنى من كلمة خارجة وصف بها المتحدث مجموعة من البشر – غير المهمين – بدليل ان الأعتذار جاء عنها فى اليوم التالى ، بينما لم ينتظر مقدم البرنامج لحظة لتصحيح أحد المتحدثين ، فى لقاء سابق ،عن ذكر اسم مسئول بمجلس السيادة باسمه المجرد من غير ان تسبقه صفاته الكثيرة كنائب أول وفريق ..الخ . هذا ماكان من أمر اخطاء القنوات والمذيعين ، التى غالبا مالايتم الأعتذار عنها ، أما الأكثر مرارة ، وهو مايفعله كبار المسئولين ، والذى ربما تطلب أكثر من مجرد الاعتذار ، الذى لايعود مفيدا عند اندلاق اللبن ، وهو ما يكاد يحدث لأمانة الثورة التى اودعها المواطن العادى لمن ظن انهم العالمون ببواطن الأمور . اخطاء هؤلاء تكاد لاتحصى وهى معلومة لكافة جمهور المواطنين الذين يجدون أثارها فى حياتهم اليومية المضنية . لذا يكفى ان نلخصها هنا فى انها تعنى التنازل الكامل عن صلاحياتهم الممهورة بالدماء لطاقم العسكر ، والتى تجعل الأصلاح يتطلب ثورة اخرى ، ليس أقل . ويبدو ان بعض من الذين اودعتهم جماهير الثورة تلك الصلاحيات قد بدأوا اخيرا جدا يحسون بجسامة ماأحدثوا . وبرغم عدم رغبتي فى استخدام التعبير السائد فى ان مجيأهم متأخرين خير من عدم المجئ ، الا اننى رأيت استخدامه بشرط ان يكون وراء العودة ماوراءها ، مثل ما ظللت ادعو اليه من انضمام الذين لايشبهون الفريق الاخر ، الى اصطفاف اصحاب المصلحة فى اتمام مهام الثورة ، آملا أن يكون الظن فى مكانه . واذا حدث هذا فسيكون الأعتذار الوحيد المقبول لجماهير الثورة ، التى أحتملت مأاحتملت بصبر ثورى فى انتظار تصحيح المواقف . فمن هم هؤلاء الذين ينتظر الثوار انضمامهم الى الصف ، وماهى مؤشرات عودتهم : اولا : الدكتور حمدوك فى موقفين اخيرين : تعليقه على تصريح الفريق الكباشى " عطاء من لايملك .." والذى اثبت فيه احقيته الدستورية والثورية فى الأخذ والعطاء كرئيس لمجلس وزراء الثورة . والثانى والأهم : رفضه عضوية الحاضنة السياسية الجديدة بتكوينها ومهامها المنصوص عليها فى لائحتها . فأنا اعتبر الموقفين عبارة عن انتفاضة كاملة ضد ما حدث من استيلاء لكامل السلطة من قبل العسكر وبسند اقليمى ودولى لم يعد يخفى ، راجيا الا يخيب الظن هذه المرة بالعودة عن هذه المواقف التى تنسجم تماما مع مواقف الثوار الذين اعلنوا اكثر من مرة، بيانا بالعمل ،دعمهم للدكتور لانجاز مهام الثورة ، وقد وعد ايضا أكثر من مرة ! ثانيا : البروفسير تاور ، عضو مجلس السيادة ، الذى عبر عن انتفاضة مماثلة ، عند حديثه عن ان عدم اكتمال مؤسسات الفترة الانتقالية مثل المجلس التشريعى والمحكمة الدستورية والمفوضيات ، بأنه تقاعس غير برئ . وعن دور مجلس السيادة : انه تشريفى ومحدود وفقا للوثيقة الدستورية . وقال : ان رئيس الجهاز التنفيذى هو رئيس الدولة الفعلى. ومجلس الوزراء هو المؤسسة المعنية بالسلام والعلاقات الخارجية واصلاح الأجهزة الأمنية. وشدد على ان اى تفسير يحاول انتزاع صلاحيات من مجلس الوزراء غير سليم . وهكذا انتفض مدنيان كبيران فى مجلسى السلطة بأقوال صريحة ومحددة وتضع النقاط الصحيحة على الحروف المطلوبة . وبرغم ان ماجاء فى اقوالهما ليس جديدا ، خصوصا لمن فى وضعهما ، الا انه يلخص المشكلة تلخيصا كاملا وكذلك يشير الى الحلول التى لاحلول غيرها . وهى الحلول التى تتطلب ثورة ، ليس أقل ، جماهيرها جاهزة وقيادتها ، فقط تنتظر انضمام بقية المؤمنين بأهدافها والذين من مصلحتهم اكتمال تلك الاهداف ، ومن اجل اجهاض آمال الثورة المضادة التى انتظم ركبها من اصحاب المصالح الخاصة والفئوية فى الداخل والمدعومين من من تشرأب رقابهم ويسيل لعابهم لنعم السودان الباذخة!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة