كما هى العادة فى احوال الممارسة الديموقراطية ،تباينت الآراء فى تقييم المؤتمر . فهناك من حكم عليه قبل بدئه ، بأنه لن يكون غير تبادل لأفكار مكررة لاتسمن ولاتغنى من حلول . وهؤلاء صنفان من الناس : الذين لايعجبهم العجب ولايقدمون من عندهم غير انتظار ما يقوله الأخرون لينقدوه بحق وبغيره ، والذين فقدوا الرضاعة من الشطر الذى تركوه كفؤاد أم موسى وهم يطمعون فى استعادته لأنهم يعلمون كيف يدرونه بفراغه ! وهناك من حكموا عليه بمعلومات اخترعوها ولا علاقة لها بالمؤتمر وتوصياته ، فقد جاءتنى الرسالة التالية على الواتساب (forwarded) من غير مصدر بالطبع ، وتقول :(عااااجل : مخرجات وتوصيات المؤتمر الأقتصادي اليوم : رفع الدعم عن الوقود كليا " ليصبح جالون البنزين 320 ج ن الجازولين 290ج ، الغاز الأنبوبة 810ج " والتجارى 25ج . تعديل سعر الصرف من 54ج الى 231 ج لكسر الأحتكار ومنع السوق الاسود الغاء زيادة المرتبات كليا لحين الدراسة . رفع الدولار الجمركى من 11ج الى78ج زيادة رغيف العيش ليصبح الرغيف العادى 10ج للقطعة والتجارى 25ج زيادة القيمة المضافة فى الضرائب من 17% الى 34% . زيادة جميع نوافذ اللع والخدمات بنسبة 45%. زيادة الدواء بنسبة 26 % . هذه توصيات ومخرجات المؤتمر الأقتصادى الكارثى ولك الله ياوطنى ) تلك أمانيهم ! ولكن ، ومن غير أعتبار لجملة الأخطاء المعلوماتية والأقتصادية الواردة فى هذا التمنى ، هل يعقل ان تقوم حكومة ورعاتها من قحت ولجان مقاومة وغيرها من منظمات الثورة بصناعة مثل هذا الحبل المتين لتعلق به نفسها ؟!! أحاول فى هذه العجالة ان اقدم للقارئ ملامح من المؤتمر دون تعليق وتحليل قد يحتاج بعض الوقت لتقديمه بشكل يفيد . أولا : وبالبدأ من الجلسة الأخيرة للمؤتمر ،اذ ان فيها الخلاصة لهذه الملاحظات ، أقول ان كلمة الدكتور حمدوك قد دلت على تاهيل وخبرة وذكاء يحسد عليها : فهو قد استطاع ان يمتص غضب من كانوا يهتفون ويرفعون الشعارات المكتوبة بالرفض لبعض ماكان يقرأه مستشاره من توصيات ، ليس له فيها غير القراءة ، وذلك بتحياته لصناع الثورة من الشهداء والمنتظرين ، ثم حديثه عن التمرين الديموقراطى الذى أكد على انه ما نريد كلنا لكى لانصبح رصة من المتشابهين : نعم اختلفنا ولكنه اختلاف من أجل الوطن ، وهكذا خاطب رضى الطرفين . والاهم من ذلك تقريظه للتوصيات لدرجة اقتراح استمرار لجنة أعداد المؤتمر وألاضافة اليها لتصبح الجسم الذى سيقوم بمراقبة تنفيذ التوصيات ، بل وجعلها اساس لخطة التنمية التى تعد بالفعل . ثانيا : لعب الثوار ممثلين فى ممثلى لجان المقاومة والغالبية من المعلقين والمتحدثين فى مختلف الجلسات دورا حاسما فى قلب الموازين لصالح الحلول من الداخل مقابل الأتجاه الذى قاده وزير الماليه السابق وسار فى ركابه مسئولو المالية اللاحقون . وكانت أهم توصية تخرج فى هذا الأتجاه ، اى ألأعتماد على الحلول الداخلية ،هو أصرار الجميع على ضرورة ولاية المالية على كل مؤسسات الدولة الأقتصادية بما فى ذلك الشركات الأمنية والعسكرية . .الخ . ومع ذلك لم تعجبى بعض المقاطعات والهتافات من البعض ضد اراء لايوافقون عليها ، لأنه لوسمح للآخرين ان يتعاملوا بالمثل لحدثت ماساة . ثالثا: اكد مسئولون ما تسائلنا عن صحة حدوثه من قرارات لاتشبه الأقتصاد من قريب أو بعيد ، وذلك من مثل ان الحكومة وشركات الاتصالات وغيرها من الشركات المستوردة يسمح لها بشراء الدولار من السوق الأسود ، ومع ذلك ظللنا نشتكى، ومعنا الحكومة ،من ارتفاع سعر الدولار !هذا بالأضافة الى سياسات أخرى مثل رفض تغيير العملة وبالتالى ترك ترليونات الجنيهات لدى ممثلى النظام السابق يستخدمونها فى تخريب مشهود ، وهى سياسات تقترب مما أدعته الرسالة بالواتساب المتحدثة عن توصيات المؤتمر الأقتصادى ، لاتؤدى الا الى الثورة ضد من اتخذوها فى نهاية الأمر ! الا تستحق مثل هذه التساؤلات ، التى تأتى حتى من مسئولين فى داخل السلطة ان تتلقي ردا من من نفذوا هذه السياسات التى جاء المؤتمر لاصلاح مايمكن اصلاحه منها ؟! رابعا : من الملاحظات الجديرة بالمناقشة فى مقال منفصل ، الحديث الذى جاء على لسان الكثيرين من الغاضبين على انتصار اتجاه حلول الداخل لسبب اوآخر، وتم التعبير عن هذا الغضب باسلوب او آخر . ومن ضمن هذه الاساليب مانورد عنه هذا الملمح الأخير عن المؤتمر ، الا وهو وصم المعارضين بانهم يعبرون عن اتجاه ايديولوجى معين يمنعهم من رؤية مصالح البلد . وقد عبر عن هذا وزير الخارجية الأمريكى من قبل بوضوح تام وهو يعلق على موقف السودان من التطبيع مع اسرائيل ، حيث قال بالحرف ان هناك اتجاها يساريا سياسيا تمنعه ايديولوجيته من النظر الى مصالح السودان ( التى هى فى التطبيع مع اسرائيل ، او كما كان يعنى !) ولآن مثل هذه المواقف والاراء لاتعبر الا عن اتجاه ضد اليسار مهما اتخذ من مواقف ، اسمحوا لى ان اورد هذا المثال الذى وصلنى ضمن رسائل الواتساب اليوم . الرسالة من صديق يسال أحد الأصدقاء من مسئولى الحزب الشيوعى عن صحة التعليق الذى جاءه من طرف ثالث ، حيث يقول التعليق : ( بروفسير صدقى كبلو عضو اللجنة المركزية للحزب السودانى والقيادى الأقتصادى بقحت يعلن انقلابا فلسفيا وقطيعة بائنة على خط الحزب الأشتراكى التاريخى ويدعو للراسمالية الحديثة ) !. ولاتعليق من طرفى الآن ولكنى اعد بمقال عن حكاية الأيديولوجيا واستخدامها كوصمة ضد اليسار برغم قول الاستاذ ابراهيم الشيخ ،عن حق فى مداخلة اخيرة ضمن برنامج حوار البناء الوطنى ،بأن للراسمالية ايديولوجيتها ايضا ! فحتى ذلك المقال .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة