كانت قصص وأعمال السحر تبهرنا تماما فى مامضى من الزمان ولانجد لأغلبها تفسيرا يقبله العقل . الى ان جاء اليوم الذى تطورت فيه العلوم والمخترعات بدرجة أوجدت تفسيرات علميه لبعض تلك المبهرات وتفوقت عليها فى مرات أخرى . ولعل بعض البشر الذين فارقوا الدنيا حتى فى النصف الثانى من القرن العشرين ، لعلهم لوعادوا للحياة لماتوا مرة أخرى اندهاشا من بعض المخترعات البسيطة التى اصبحت اشياء عادية عند أهل هذا القرن . من ضمن هذه الاشياء جهازالسيطرة على الاشياء من بعد ، أى " الرموت " كما يعرف اختصارا . هذا الاسلوب يمارس الآن فى ادارة شئون السودان وعلى اعلى المستويات . والعجيب فى الأمر، فى حالة السودان ، ان هناك جهازين : أحدهما خارجى ، وهو الأهم ، وآخر داخلى وهو المنفذ . غير ان عيب الموضوع فى هذه الحالة هو المدي الزمنى الطويل نسبيا الذى يستغرقه تبادل الاوامر بين الجهازين لكونهما جهازين انسانيين ، وكذلك تسرب بعض الاوامر لغير المتبادلين الاساسيين . وهناك أمثلة كثيره لهذه العيوب ، منها : عندما يضطر متلقى – او متلقو – الاوامر من الجهاز الخارجى أن يتخذ قرارا فى أمر ما لاينسجم مع الأوامر التى تتأخر لسبب ما ، فان الرجوع عن القرار غير المطلوب يحدث كثيرا من الهرجلة واللخبطة التى قد يصعب اصلاحها ، وذلك مثل الاتفاق الذى تم بين طرفى القضية على اسس تكوين مؤسسات السلطة الانتقالية ونسبها ، والذى يبدو انه لم يكن مرضيا للجهاز الخارجى ، فلم يستطع المتلقى التراجع الا عن طريق الادعاء بامتداد المتاريس بالدرجة التى عوقت حياة الناس ، وعندما اسقط فى يده بازالتها لجأ الى قتل عدد من الثوار لعل ذلك يؤدى الى " الفوضى الخلاقة ". والامثلة كثيرة أمام القارئ . أمامنا الآن نموذج آخر لم تنته قصته بعد ، ولا أدرى كيف يمكن للجهاز الداخلى التخارج منها .اذ انها بالضرورة ستؤدى أما الى خسران قضية الجهاز الخارجى بالكامل ، او مواجهة الجموع الثائرة المصممة على أكمال أهداف ثورتها والسند الخارجى الذى لم يعد سند مؤسسات وحكومات وانما شعوب وأفراد . كماهى العادة فى قيادة الثورة ممثلة فى قوى الحرية وعلى رأسها تجمع المهنيين، فقد اتخذت قرارا عبقريا بقبول المبادرة الاثيوبية . وأصبح الكل الآن فى انتظار رأى الجهازين ! وفى اعتقادى ، وبناء على تجارب الماضى القريب ، ان اجابة الجهازين لن تخرج عن أمرين : القبول التكتيكى بالمبادرة ثم اغراقها فى التفاصيل الذين هم شياطينها . على رأس تلك التفاصيل الاتفاق على العضو المدنى ، وهى تفصيلة يمكن استغلالها حتى لمحاولة التأثير على وحدة قوى الحرية ! وفى نفس الوقت اللعب على الوقت وهو فى صالحهما فى جميع الاحوال . رفض المبادرة تماما ، وفى هذه الحالة يكون الاستعداد قد تم لنشر الفوضى وبالتالى فرض الحكم العسكرى لحماية البلاد والعباد من الفوضى . ولكن ، وبأذن الله ، الثورة غالبة !
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة