هذه الطريقةيستخدمها البعض فى المجاملة أو المعاملة وفى اشياء أغلبها ذى طابع شخصى. مثل ان تخير بين نوعين من الاكل وانت تحب النوعين فيكون جوابك " من ده شوية .. ومن ده شويه " ، وهى اجابة تهم شخصك من غير تاثير على آخرين . أما ان يكون الأختيار بين شيئين لهما طابع مبدئي مثل الأختيار بين النظام الرأسمالى والأشتراكى أو من النوع الذى يسبب ضررا لأمة بأكملها مثل : استمرار نظام الأنقاذ الديكتاتورى أو احلال نظام ديموقراطى ، فلا يمكن ان تكون الأجابة : شوية من كل ! غير ان البرنامج الأقتصادى، أو ماأعلن بواسطة المسئولين عن السياسة الأقتصادية على انه السمات الأساسية لذلك البرنامج ، فهو يخلط بين أمرين لايمكن فى رأينا الخلط بينهما ، وهما سياسات صندوق النقد الدولى تجاه مجتمعات العالم الثالث ، والسياسة الأقتصادية المستقلة عن تلك السياسات . فمثلا ، من التوصيات الدائمة للصندوق ضرورة تخفيض العملة المحلية تجاه العملات الحرة بهدف زيادة عائدات الصادر – بزيادة الطلب عليه من الخارج – وفى نفس الوقت تخفيض الواردات بسبب ارتفاع اسعارها بالعملات الحرة الأقوى وبالتالى الامتناع عن استيرادها او على الأقل تخفيضه . غير ان الذى يتحقق على ارض الواقع يكون مختلفا بسبب انه لترتفع عائدات الصادر بهذا المبرر فلابد ان يكون العرض غير محدود – او مايسمة بالمرونة غير المحدودة للعرض – بالاضافة الى ضمان عدم منافسة الأسعار التى تعرض من منتجين لنفس السلعة ، وهؤلاء غالبا ما يكونون من نفس عالمك الثالث . وهكذا تنتهى التوصية لمصلحة الكبار الذين يمثلهم الصندوق فى واقع الأمر . أما بالنسبة لخفض الأستيراد ، فانه عادة لايحدث بسبب الضرورة التى تحتمها عدم وجود المنتج المحلى البديل أو لرغبة المتحكمين فى وضع السياسات فى استمرار الأستيراد ، وهو بالضبط ما حدث فى العهد الأنقاذى وادى الى العجز الكبير والمتعاظم فى الميزان التجارى . ولذلك لايكون غريبا ان يوجه الصندوق والدول الراسمالية اعاناتهم الاقتصادية لزيادة النقود فى ايدى الناس وليس لزيادة وتنويع الأنتاج ، اذ ان ذلك مايجعل الأمور تظل كماهى وبالتالى يستمر الأعتماد على الأستيراد مع قلة عائدات الصادر . وتلاحظون ان هذا ماتحمس له وزير المالية المستقيل وتنبه له جزئيا الدكتور حمدوك والوزيرة المكلفة بحعل جزء من الأعانو الخارجية تذهب للانتاج وجزء يظل كأعانة نقدية . ولاندرى ان كان المانحون سيقبلون هذه " الشوية " التى اضافتها السياسة الجديدة ! وهناك الأدهى من ذلك ، وهو الزيادة المهولة وغير المدروسة للمرتبات ، والتى كانت تعتمد على ماهومتوقع من اعانات لم تأت بالقدر المطلوب ولذلك لم تتمكن وزارة المالية من تنفيذها على الكل . وادى هذا الوضع لكثير من المشاكل ، ليس أقلها تزايد عجز الميزانية بما استدعى اعادة النظر فيها للبحث عن موارد حقيقية ومستدامة استدامة صرف المرتبات ! ومع ذلك هناك من كان يتوقع لسياسات الوزير السابق ، التى هى سياسات الصندوق بالتمام والاتفاق الموقع بينهما ، ان تكون الحل الناجع لمشاكل الأقتصاد لوصبرنا عليها . وقد صبرنا عليها لمدة ثلاثين سنة انقاذية طبقت فيها بالحذافير وكانت النتيجة هى ما رفض الجميع بالثورة . وبالطبع فلاأحد يطلب التراجع عن زيادة المرتبات ، اذ أنه قد وقع بالفعل ، ومن ناحية اخرى ، هو أجراء مستحق منذ امد طويل ، غير ان استمرار الأعتماد فى توفيرها بشكل دائم على الخارج امر غير ممكن كما اتضح بشكل عملى كما ذكرنا آنفا . لماذا الوقوف ضد سياسات صندوق النقد ؟ لقد أصر الوزير المستقيل عليها ، وقد يكون ذلك اعتقادا منه بصحتها . وعندما قبلت استقالته ، ظننا ان السبب هو اختلاف الدكتور حمدوك مع سياساته الأقتصادية ، التى ثبت من توقيع الأتفاق ، انها تمثل سياسات الصندوق , وبالطبع من حق الوزير المستقيل واقتصاديين آخرين ان يتوافقوا مع سياسات الصندوق أو اى سياسات اقتصادية يرون فيها الحل للمشاكل . وكذلك يكون من حق من لايتفقون مع هذه السياسات الحق فى ايضاح رايهم المختلف من غير ان يوصفوا بالتخلف أو التمسك بافكار أكل عليها الدهر وشرب ! فمن ناحية ، فان سياسات الصندوق قد وجدت حظها من التنفيذ فى السودان وغير السودان منذ انشاء الصندوق وحتى اليوم واثبتت فشلا ذريعا حتى فى حدود ماتدعيه من تحسين موقف الميزان التجارى لأى من البلدان التى اعتمدتها ، خصوصا عند الأنطلاق من مثل الوضع الاقتصادي الذى يوجد فيه السودان ، فربما تكون قد اثبتت نجاحا فى الحالة المصرية مثلا . والسبب ، فى اعتقادى يعود الى قوة الأحتياطى المركزى فى مصر نتيجة الأغانات الضخمة التى حصلت عليها قبل الأتفاق مع الصندوق ، بالأضافة الى ان الأقتصاد المصرى ينتج الكثير من احتياجاته محليا . هذا الامر ايضا ينطبق على البلدان الأشتراكية التى تحولت بدرجة او اخري الى النظام الراسمالى ، مثل بعض دول اوروبا الشرقية وآسيا ، التى كانت تتمتع بأسس اقتصادية قوية فى الصناعات الثقيلة والخدمات الأساسية . وقد ذكرت فى مقالات سابقة اننى لاأرفض التعاون مع الصندوق من حيث المبدأ ، غير ان ذلك يتطلب عملا تنمويا يعتمد عى الأمكانيات الداخلية الهائلة للسودان وعلى خطة تهدف الى وضع الأساس المتين لتطور حقيقى فى الزراعة والصناعات المرتبطة بها ، وهو الأمر الذى اقطع بان اهداف الصندوق تتناقض معه تماما ولايمكن ان تسمح بالوصول اليه حال الموافقة على شروط اعاناته الظاهرة والخفية . لكن الصندوق يتعاون بصورة مختلفة مع الدول ذات الأمكانيات المحلية الراسخة التى اشرن لبعض امثلتها اعلاه . وختاما، لاأريد ان أكرر ما كتبته فى مقالات سابقة عن سياسات صندوق النقد والمقارنة بينها والسياسات المقترحة من اللجنة الاقتصادية لقحت ، برغم ان فيها تفصيلا للراى بما يؤكد عدم امكانية الدمج بينهما، حيث انهما ياتيان من اصول مبدئية مختلفة . وبالتالى فان محاولة الوزيرة المكلفة ، التى يبدو انها مسنودة من رئيس الوزراء ، والتى عبرنا عنها فى عنوان المقال بسياسة " من ده شوية .. ومن دة شويه " لن تجدى فى حل مشاكل الأقتصاد السودانى ، كما حاولنا التوضيح فى عدة مقالات فى نفس الوقت الذى ستؤثر فيه سلبا على العلاقة مع لجنة قحت الأقتصادية التى لن تكون مسئولة عن نتائج سياسة لم تشارك فى وضعها ، والصندوق الذى لايقبل عادة بأنصاف الحلول ، خصوصا وهو فى موقف املاء الشروط على من ينتظر اعاناته لسد عجز الميزانية المعدلة !
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة