مقدمة : جاءنى مقال طريف الطرح وعميق المعنى لكاتب عربى ، كانت نتيجته الأيحاء بهذه المقالة . يتصور المقال استمرار احوال العرب – المسلمين – على حالهم الدنيوى وكذلك " الكفار " وذلك بعد ان يذهب الكفار الى جهنم ويذهب المسلمون الى الجنة . ولأستمرار الأحوال على ماكانت عليه ، بحسب تصور الكاتب ، فان الكفار ، وبينهم العلماء والمفكرون من أمثال انشتين وغيره، سيستخدمون طاقة جهنم الهائلة فى مخترعات متنوعه بتحويل تلك الطاقة الجهنمية الهائلة الى ما ينفع سكان جهنم ، بمافيها التبريد طبعا!. وفى نفس الوقت فان العرب المسلمين سيواصلون تصرفاتهم المستهترة وغير العاقلة فى اهدار موارد الجنة وافساد انهار اللبن والعسل المصفى بالصرف الصحى ..الخ ..الخ . وستكون النتيجة ان يلجأ أهل الجنه الى أهل النار لمساعدتهم فى استعادة البهاء والموارد المفقودة !! بالطبع فان هذا التصور الخيالى المقصود ، قد بنى على فرضية أن من يدخل الجنة من العرب سيكون من نفس ماهوموجود فى الدنيا ، وكذلك فان كبار المفكرين والعلماء من الكفار سيدخلون النار دون شك . وفى رأىى ان كلا الأفتراضين لا يكون صحيحا بالضرورة حتى من الناحية الدينية الحقة . فليس صحيحا، من وجهة نظرى المؤسسة على رؤيا اظنها صحيحة وتتوافق مع الدين الحق ، أن كل من يظن انه مسلم يستحق دخول الجنة لمجرد لفظ الشهادة ، وان كل من لم يؤمن بما كان أمامه من دين ولم يصله الدين الخاتم الحق بطريقة تقنعه بالأيمان يعتبر كافرا ويستحق النار ..! وأرجع فى تفسير ذلك الظن الى حجج اوردتها فى كتاب لم ينشر عن الألحاد : أولا بالنسبة لفرضية دخول الجنة للمسلمين ، فان هناك ما يشبه الأجماع على أنه عموما لايتم بسبب العمل وانما برحمة الله .وانه ليس فى الخلق من يستطيع ان يجزم بأحقية دخول أحدهم الجنة أو بعدم تلك الأحقيه. وبما أن الأعمال التى ذكرها الدين فى مصادره الاساسية كجالبة للحسنات التى تدخل الجنة ، هى فى أغلبها من النوع الذى يقدم لخدمة الاخرين من البشر ويحكمه حسن النية فى ادائها ، ان كانت رياءً أم بقصد العمل الصالح لذاته . ولا أظن ان الكلام دون فعل أو مع الفعل المخالف يمكن ان يخدع البشر ناهيك عن رب البشر – سبحانه . فمجرد الحديث عن شرع الله دون تطبيقه أو تطبيق ما يوافق الهوى ويخدم المصالح الذاتية، يستحيل ان يكون فى كفة الحسنات . وهناك الكثير من الأدلة القولية والفعلية فى الدين على ذلك . فالمرأة التى قيل للرسول (ص) انها تقوم بكل واجباتها الدينيه على أكمل وجه ، قال انها من أهل النار لأنها تشتم هذا وتأكل مال ذاك ..الخ ، بينما من ينام وليس فى قلبه حقد على أحد من أهل الجنة ، بل والتى منعت قطة من أن تاكل من خشاش الأرض فى النار والذى سقى كلبا من أهل الجنة ! ولهذا فان الذين يدخلون الجنة من المسلمين لن يكونوا هم من من " يقولون مالا يفعلون"أو من من يحصون حسناتهم بقراءة الحرف من القرآن مقابل عشرة حسنات حتى وان شغلوا بتجارتهم وأرباحها وهم يقرأون ، أومن الذين يفسدون فى الأرض ، وبالتالى لاننتظر منهم افسادا لمتاع الجنة ! أما الفريق الأخر من العلماء والمفكرين فقد لا يكونون من أصحاب النار – والله أعلم . ذلك أنه قد يصح فيهم أو فى بعضهم ماذهب اليه كثير من علماء الدين المستنيرين : من ان من لم يصله الدين الخاتم بصورة مقنعة له فلا عليه ، اذ ينطبق عليه قوله سبحانه ( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ) . فهؤلاء عاشوا فى محيط دينى محرف يقول بالثلاثيه الألاهية ويؤمن بما يتناقض مع بديهيات العلم الذى يقتنع به أولئك مثل تحديد عمر الكون بالآف السنين بينما أثبت العلم انه يصل الى بلايينها . ولعل هؤلاء لوعلموا بموقف الدين الخاتم من العلم بل وتفوقه فى ذكر حقائق علمية ثبتت صحتها الآن ، لأصبحوا من المؤمنين . وقد حدث هذا ويحدث لبعضهم من من حالفهم التوفيق الألاهى للتعرف على الدين الخاتم بصورة تقنع أصحاب العقول العلمية من أمثال فلو- عالم نظرية الكوانتم، الذى توصل الى الأيمان بعد ثمانين سنه من الألحاد . ونقل عن صاحب نظرية النشوء والأرتقاء رده على من اتهموه بالألحاد ، بأنه لم يكن يبحث عن من خلق وانما عن كيف حدث فتوصل الى نظريته ، التى تجد من الأدلة النظرية والعلمية مع مرور الزمن مايؤكد صحتها ، من خلال البحث الذى استغرق سنوات ووصل به الى مناطق نائيه وغير مأهولة ، غير انه فقط لم يعد يؤمن بمقولات الدين ممثلا فى التوراة التى أمامه . وفى هذا ورد فقرة مهمه من كتاب (اذان الأنعام) تخص موقف داروين من الدين "( وأخيرا وليس أخرا ، فان داروين – أصلا – لم يزعم أن أل النسان قرد ، ولاختى أنه توصل الى أكتشاف اصل الأنسان . وبالأضافة الى أن غير المسلم لايكفر مرتين ، وداروين لم يكن أصلا مسلما بالمعنى المعروف ، لاقبل نظريته ولا بعدها ، وأنما كان مسيحيا قبلها ، ولا يشك احد فى انه مات على الفطرة السليمة ، بعد أن رفض كل تناقضات الكتاب المقدس علنا ، ووجه وجهه للذى فطر السموات والأرض . هذا الرفض للكنيسة وعقيدة الثالوث ، هى التى جعلت الكنيسة تكفره ) . ثم ينقل نفس الكتاب النفيس فقرة من رد داروين على محاوره من المسيحيين ، حيث يقول :( ياصديقى ، أنا ماعدت أومن بأن التوراة هو عين كلام الرب ، وماعدت أؤمن بأن عيسى ابن الله ، لذلك لاأرى داعيا للحوار .) وبعد، أليس هذا الموقف لداروين يشاب ايمان سيدنا ابراهيم بالله الواحد من خلال تفكره فى ملكوت السموات ؟ وهل فعل داروين غير الألتزام بأمره تعالى ( قل سيروا فى الأرض فانظروا كيف بدا الخلق ..) ؟! وهكذا يصل ظننا المؤطر ، الى ان ليس كل من يعتقد جمهورنا الغالب بأنه من أهل الجنة، ليس بالضرورة ان يكون ، ولا كل أصحاب النار فى اعتقادهم سيكونون ،لعلهم يتفكرون !
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
عبد المنعم عثمان
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست