بالرغم من موضوعية الأسباب التي وردت في بيان لجنة المعلمين الشرعية والتي فندَّت فيها كل المعوِّقات والمشكلات التي تجعل من إستئناف العملية التعليمية وفتح المدارس هو بمثابة (مسير) في نفس الطريق الخاطيء ، إلا أن التوقُّف عن مواصلة المسير (في الوقت والمكان غير المناسبين) في بعض الأحيان يُشكِّل ضرراً وخطورة أكثر بكثير من المواصلة في السير على دروب (التوهان) ، وهذا حسب تفسيري لقرار السيد رئيس الوزراء وإصراره على إستئناف العام الدراسي هو مضمون ما أراد إيصالهُ من أفكار ورؤى حول الموضوع ، فمهما طال أمد التجميد المؤقت للعام الدراسي الحالي ونسبةً لضخامة وكِبر حجم المشكلات المطروحة فلن يتم الوصول إلى حلول جذرية للمشكلة التعليمية في السودان قبل إستنفاذ ما تحتاجهُ من زمن ، ومن غير المنطقي أن نجمِّد الدراسة والعملية التعليمية في السودان إنتظاراً لجدول إصلاح جذري وشامل ربما إستغرق تحقيقه عاماً أو عامين أو أكثر ، لذا نقول وبكل أدب وإحترام وتقدير لقيادات العلم والمعرفة الشرفاء رويداً .. رويدأً فما نيل المطالب بالتمني .
وبالرغم من أن الكثير من المناطق السودانية على مستوى المركز والأقاليم قد تفاوتت أضرارها على مستوى المبادني المدرسية وأدواتها وأثاثاتها في فصل الخريف الحالي جراء الأمطار والسيول والفيضانات ما بين ضرر شامل وجزئي ، إلا أن إعمال مبدأ المساواة يظل مُمكناً إذا ما تم الإجتهاد وبذل المجهودات اللازمة في تأمين إجلاس مؤقت وعاجل وبمواصفات معقولة تضمن إمكانية إستفادة المناطق المتضرِّرة من الخدمة وذلك إنقاذاً للعام الدراسي ودرءاً لما يمكن أن يحدث من تداخل زماني ومكاني بين هذا العام والعام الذي يليه خصوصاً في تنظيم جداول (إفساح) كل دُفعة للدفعة التي تليها بالمراحل المختلفة ، وذلك من ناحية المواقع والأدوات التي يأتي في مقدمتها الكادر البشري.
ثم في آخر الأمر نؤيِّد كل ما جاء في بيان تجمع إستعادة نقابة المعلمين الشرعية من مطالب ، ونشُدُ من أذرهم ليس فقط على المستوى المهني والمطلبي لهذه الحرفة السامية والمقدسة ، بل نتجاوز ذلك لنؤيده على المستوى الوطني والتنموي ، فهذا الوطن لن يستقيم أمر إصلاحهُ وبنائه وإعماره بالتنمية المُستدامة دون أن يكون شاغلنا الحكومي والمجتمعي الأول هو التعليم بكل فرعياته وتفاصيله ودون أن يأتي يوماً تُخصص فيه الميزانية الأكبر من الموازنة العامة للتعليم وقضاياه ، من المحزن جداً أن يتقاضى أصحاب الرُتب العسكرية أضعاف مضاعفة من ما يتقاضاه المعلم كمرتب ناهيك من المخصصات ، ومن المؤلم جداً أن يتجاوز بند الصرف الأمني والعسكري أضعافاً لا تُحصى ولا تعُد من ما يُصرف على التعليم ، ونقول أن التعليم ومجانيته وإتساع رقعته المبدئية إجبارياً هو من أوجب واجبات الدولة وهو (السلاح) الوحيد الذي يُمكن أن يُقارع آلة الحرب ويُفشي السلام المُستدام.
09-05-2019, 05:34 AM
بكرى ابوبكر
بكرى ابوبكر
تاريخ التسجيل: 02-04-2002
مجموع المشاركات: 18728
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة