من المُحزنات الكُبرى أن تُعاني قوى الحرية والتغيير من كل هذا العَنَت والإرهاق التوافقي في الوصول إلى تسمية منسوبيهم في مجلس السيادة ، رغم إيماننا وقناعتنا مبدئياً بصعوبة وتعقيد إحداث (تماثُل) مُطلق في الأراء والتوجُّهات في منظومة تضم كل هذا الكم الهائل من الأحزاب والهيئات والمنظمات المهنية والمجتمعية بالنظر إلى تبايُّن مرجعياتها الفكرية والسياسية والثقافية ، ولكن أيضاً يجرَّنا هذا إلى الإلتفات إلى (المُفرحات) المُتعلِّقة بالوجه الإيجابي لما يمكن أن نسمية (الإخلاص) و(التفاني) و(المُثابرة) من قِبل مكونات تجمع الحرية والتغيير وثُلة مُقدَّرة من الناشطين في (حماية) مباديء الثورة وتعهداتها ومبادئها التي سادت إبان السِجال بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير ، حقَ لنا أن نحتفي بهذا الإصرار الذي (يؤسِّس) من جديد لقيمة الإلتزام بالعهود ، فترشيح طه عثمان إسحق وهو أحادة قادة قوى الحرية والتغيير لمجلس السيادة ، بعد إلتزامٍ سابق للتجمع بعدم ترشح منسوبيه لمناصب في الحكومة الإنتقالية ، هو إتجاه (غير سييء في مراميه) للدخول ولو من باب المصلحة العامة لمستنقع النكوص عن العهود والتراجع عن المباديء ، صحيح أن التمعُّن بدِقة في (صيغة) إلتزام التجمع بعدم ولوج أصحاب التوجُه السياسي المُثبت إلى منظومة الحكم الإنتقالي يجعلنا نقف عند جُملة (إلا في حالة الضرورة القصوى وفي حدودٍ ضيِّقة) ، لكن من واجب قيادة تجمع الحرية والتغيير (المثول) الأقصى لقراءات المحتجين وتطلعاتهم في هذا المنحى.
كل ما سبق يقودنا إلى النظرة المتفائلة لما آل إليه حال (حرية التعبير) والجهر بالرأي الآخر ، وقبل أن تنتظم آلياات وتنظيمات ودعائم الحكم المدني في واقعنا السوداني ، علينا في هذا الزمان الذي يمُثِّل البِنية الأساسية للتغيير أن ندعم رؤانا بالوقائع الإيجابية المُكتسبة عبر مقارنة واقعنا المعاش اليوم بما كان عليه حالنا الحالِك في زمانٍ غابر وبائد نسأل الله ألا يعود ، جميلٌ جداً ومدعاة للفخر والشعور بالإطمئنان على الثورة ومكتسباتها أن تناهض مكونات داخلية في قوى الحرية والتغيير ما يعتقدون أنه نكوصٌ عن العهود والمباديء والإلتزامات ، ذلك من وجهة نظري أزهى وأزكى من الصمت والإكتفاء بالشعور بالغبنِ المستور في الدواخل ، ليس لشيء سوى الظهور أمام الرأي العام الداخلي والإقليمي والدولي بمظهرٍ لائق على المستوى الشكلي ، في حين أن الدواخل والمضامين ما زالت تسبحُ في مستنقعِ الظلامات وعدم التوافُق .
بهذه الشفافيةُ المُطلقة والإباحة غير المشروطة للإحتجاج والإعتراض في المنظومة الداخلية لقوى الحرية والتغيير ، يمكن الإطمئنان على حال المثابرة في الأعين التي ستحرس الثورة من (كبوات) قادتها ونزعاتهم الخاطئة ، قبل أن تحميها من قوى الرِدة والظلام التي ما زالت في محلِ تربُص ، وعلى الجماهير أن تكون كذلك مستعدة لتحريك معاوِّل النقد الذاتي لأداء ممثلي ثورتهم والتقويم الحازم لحكومتهم الإنتقالية حين تحيد عن مبادئ وشعارات ومطالب الثورة ، ذلك هو أقومُ ما يكون . هيثم 2.jpg
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة