طبعاً لقد كانت المواجع والآلام كثيرة فيما إطلعنا عليه بين (أشكال ومضامين) السطور وما عبَّرت عنه المفردات والجُمل عندما شاهدنا وإستمعنا إلى المؤتمر الصحفي للمجلس العسكري الأخير بخصوص رده على إعلان الميثاق االدستوري ، ورغم الكم الهائل من المراوغات التي لم يصعب إستشفافها على الجميع ، والتي تفيد أن المجلس العسكري يسير في الإتجاه المعاكس لمطالب وآمال الشعب السوداني ، لكن وعلى المستوى الشخصي شد ما آلمني وأثار حفيظتي إشارة المتحدث الرسمي للمجلس لما أسماه تدارسهم لمقترح قيام إنتخابات مبكِّرة في حال عجزوا عن الوصول إلى إتفاق مع قوى الحرية والتغيير و(القوى السياسية الأخرى) ، هذه الاخيرة التي تتولى الآن بجدارة التعبير عن وجه النظام المُندحِّر ويشاركها المجلس العسكري على ما يبدو آمالاً في بقاء حال الدولة العميقة على ما هي عليه ، ولسان حاله : حسبُ الشعب وكفاه سقوط البشير وحاشيته .
إن الحديث عن إنتخابات مبكره في السودان ، ليس له معنى سوى عدم إكتراث المجلس العسكري للمهام الإستراتيجية التي ستُنجذها الفترة الإنتقالية والتي يأتي في مقدمتها تهيئة البلاد للمثول إلى حالة معقولة من الضمانات الإقتصادية والعدلية والسياسية والدولية تقودها إلى ممارسة ديموقراطية حقيقية وهادفة ، وذلك عبر إفشاء السلام في ربوعها والوصول إلى إتفاق مع الحركات المسلحة كافة ، ثم تهيئة المناطق المتأثرة بالحروب من حيث التنمية المجتمعية على المستوى المادي والمعنوي والإقتصادي لتكون مستعدة للدخول والمساهمة في الفعل الديموقراطي .
كما أن من أهم الأسباب التي تدفع بالعقلاء إلى الدعوة لتأخير الإنتخابات ، الحاجة الوطنية التصحيحية المُلِّحه لتنفيذ برنامج تفكيك الدولة العميقة ، ونزع الإمكانيات المادية واللوجستية المباشرة وغير المباشرة التي يحوزها حزب المؤتمر الوطني البائد ، حتى تكون إمكانياته كحزب أقرب إلى إمكانيات الأحزاب السياسية التي عارضت النظام ونالت شرف الصمود وعدم الإنحناء فعانت نتاج ذلك من التشتيت والإفقار والمصادرة لكل إمكانياتها اللوجستية التي تساندها على أداء مهامها وكذلك إمكنياتها المادية التي تسمح لها بإقامة فعالياتها الهيكلية والمؤسسية .
إن حديث المجلس العسكري الإنتقالي عن إنتخابات مبكرة هو إشارة لا تقبل الشك ورسالة واضحة المعالم للشعب السوداني تفيد أن مجلسه العسكري الإنتقالي (لا يمانع) في إمكانية (الإستهوان) و(التضحية) بمستقبل هذه البلاد لتضيع تضحيات شهدائها وثوارها سُدى ، أما الأسباب فهو كفيلٌ بشرحها وتفصيلها مبدئياً لصالح السجل التاريخي لهذا الوطن الفخيم ، وثانوياً لصالح تأكيد إدراك الشعب السوداني أن مشاريع (بيع آماله وطموحاته) في العراء والهواء الطلق ما زات قائمة ، ولأن الإنتخابات المبكرة التي يلوِّح بها المجلس العسكري لن تنتج غير إنقاذ جديدة وربما بثوبٍ أقبح وأسوأ مما كانت عليه في زمانها السابق ، نقول للمجلس االعسكري وعلى لسان الثوار الصامدين في أرض القيادة المباركة : (الدم قُصاد الدم ما بنقبل الدِيه) .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
هيثم الفضل
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست