بينما (ترتع) قطعان النفعيين من أصحاب المصالح والمستفيدين من حالة الفوضى العامة وتنامي أمر الفساد بشتى أنواعه في منظومة موارد وأملاك وثروات الوطن والشعب ، يُسلم معاشي روحه الطاهره في مكتب معاشات الخرطوم ثلاثة يوم أمس الأول وهو يُكابد هجير الشمس وتأخره عن تناول وجبة الفطور وهو مصاب بداء السكري في طابور شباك إستلام المعاش الذي لم تكلِّف إدارة المعاشات نفسها عناء تزويد مكان تواجده بمظلة تقي مرتاديه من العجزة وكبار السِن مغبة التعرُّض لأشعة الشمس ، وهكذا كل يوم يبدو واضحاً للعيان تدني قيمة الإنسان السوداني وإنحدار كرامته وكبريائه ومستوى نكران الجميل وتقييم الدولة لما قدِّمه من خدمات سابقة لهذا الوطن حينما كان يتمتع بالقوة البدنية والمعنوية ، ولو كان ما يجري في بلادنا مجرد تداعيات لمشكلات إدارية وتخطيطية ناتجة عن سوء الأداء أو عدم تأهيل وكفاءة القائمين على أمر إدارة المرافق والمؤسسات ، لما كانت أوجاعنا متزايدة بهذ الحجم الذي يكاد يحجب عنا بصيص الأمل في غدٍ أفضل لأجيال قادمة ، فأمر التدهور العام الذي أصاب كل العموميات والتفاصيل في مجابهة الحياة اليومية العادية في بلادنا على ما يبدو هو منظومة أو إسترتيجية تنتجها آلة ضخمة تقف وراءها الدولة ، من منظور فكرة إحتكار الرؤية والتخطيط والحلول في دائرة الإنتماءات السياسية ومهالك المخططات الجانبية المُستهدفة على الدوام تقديم مصلحة تأمين النظام السياسي وترسيخ ضمانات عُلوه الدائم على كل ما هو (ثانوي) ، والثانويات في المنظور الفكري والتخطيطي لحكومة المؤتمر الوطني كثيرة ولكن من المؤكَّد أن في مقدمتها حاجيات الإنسان السوداني و ضروراته الحيوية المُلِّحة ، والإنسان السوداني الذي يُعاني مغبة هذا المُخطّط هو ذلك المُنتسب إلى فئة الغُبش البسطاء الذين لا ناقة لهم ولاجمل في هذا وذاك ، فجُل ما يحلم به هو حياة كريمة ، وإمكانية الحصول على الضروريات والمقدرة على مجابهة إبتلاءات المرض والتعامل مع إحتياجات أبناءه من تعليم وعدالة في توزيع الفرص الوظيفية على عِلة إنعدام جدواها من الناحية المادية ، صدقوني كل السهام التي أصابت المواطن السوداني البسيط في خاصرة كبريائه وكرامته ليست من جراء الروتين الإداري ولا فشل المخططات الرسمية ، ولكنها صِنعةً أصلية لآلة الفساد العام التي لا يستفيد منها فقط النافذين ومَن والاهُم بالمنفعة ، بل هناك مجموعة كبيرة من الطُفليين غير المُسيسين وجدوا في هذا المُستنقع الآسن ضالتهم وصنعوا عبر آلياته الملتويه سُبلاً عديدة ومديدة لتبديد أموال الشعب والإستحواذ عليها بالباطل ، لذلك كان من الطبيعي أن لا يبقى مال في خزينة الدولة يكفي لدعم الدقيق والدواء والتعليم الحكومي ومظلات طوابير المعاشيين الذين يتوفون أثناء إنتظار دورهم في إستلام معاش في أغلب الأحيان لا يكفي خبز أسرة عادية لمدة عشرة أيام .. الله غالب.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة