حكومة المؤتمر الوطني في خضم لهثها لتحقيق طموحات سياسية ليس لها علاقة على الدوام بإنصلاح حال البلاد والعباد ، على ما يبدو ستظل واقعة تحت نفس النمط الذي إعتاد على تذوق مرارته الكادحين من أبناء هذا الوطن من الذين لا ينتمون إليها تنظيمياً ولا مصلحياً و عهم أولئك الحالمين الذين يقفون على الحياد ، هذا النمط الذي إعتاد عليه المغلوبين على أمرهم من عامة الناس تتلخص صفاته في كون هذه الطغمة الإنتفاعية والنفعية ، ترفع على الدوام شعار حُرية الإقتصاد في الواقع الحياتي للناس ككلمة حق أُريد بها باطل ، ففي مجال ما تعانيه البلاد من إنفلات في الأسعار وخصوصاً الضروريات المُلحة التي لا يستغنى عنها بيت من بيوت الفقراء ، تأبى أن تضطلع الحكومة بدور الرقابة القادرة على حماية الفقراء عبر فرض سقف قانوني لموضوع التنافس التسويقي من شانه أن يجعل الفروقات في عرض السلع منطقياً وواقعياً ، وهي أي حكومة المؤتمر الوطني وعبر أساطنة مُنظريها على المستوى الإقتصادي حين تفعل ذلك إنما تضع سوداننا المغلوب على أمره هذا في تماثُل تام مع دولة مثل الدانمارك أو النرويج أو ولاية من الولايات الأمريكية ، ولا يخفى على الجميع أن حكومات تلك الدول تقوم بتمويل ودعم الخدمات بدءاً بالمواصلات ونهاية بالتأمين الصحي ، هذا فضلاً عن ميزات أخرى من أمثلتها إتاحة القروض العقارية التي تخوِّل لمواطنيها سكناً إنسانياً ، بالإضافة إلى مجانية التعليم وكونه إجبارياً ، أما حكومتنا الغافلة فهي تتبنى في ذلك المنحي مجرد المصطلح ، وتغفل عينها الجريئة على ما أصاب الناس من بؤس ومآسي عن كونها قد رفعت يدها كُلياً عن دعم الوقود والغاز والتعليم والإستشفاء والدواء ، فإن كان محور نظرية حرية الإقتصاد ينبني على توازن العرض والطلب ، فإن الجناح الآخر للموازنة المُسمى بالطلب يظل عاجزاً عن خلق هذا التوازن مما يفتح مجالاً واسعاً لضعاف النفوس من التجار إلى إستغلال الموقف عبر خلو ساحة الأسواق من الرقابة في تطويق عنق المواطن بالمزيد من الضغوطات الناتج عن الإرتفاع الجنوني لأسعار السلع الإستهلاكية بلا مُبرِّر ولا سبب منطقي ، كل ما يهم حكومة التوجه الحضاري الجديد هو إستمرارهذه السلسلة الإقتصادية البغيضة التي يُمثِّل في فيها المواطن البسيط الحلقة الأضعف ، فالحكومة لا يهمها سوى تحصيل الضرائب والجمارك والرسوم والآتاوات من المورِّدين ، والموردين وتجار الجملة يضيفون ما دفعوا على تكلفة البضائع ، والمُتحمِّل النهائي هو المواطن البسيط ، إهتمام الحكومة بأمر المواطن ليس له أيي علاقة بتوجهاتها وتدابيرها وقراراتها التي تصدر كالمطر كل يوم وهي قد ظلت وستظل مجرد شعارات للإستهلاك الخطابي في المهرجانات والمحافل والأجهزة الإعلامية ، فهم في حقيقة الأمر لديهم الكثير مما يشغلهم عن ما يتطلع إليه البسطاء ، الذين وصلوا مرحلة من الفقر والعوز والحاجة حداً يكفُل لهم في يومٍ ما (ثورةً عارمة) على واقعهم المرير ، وإن غداً لناظره قريب ، قال إقتصاد حُر قال ، كيف تنطقونها وأمام أعينكم معظم أبناء هذا الوطن الشرفاء يتجرعون الموت الزؤام في المشافي بسبب قلة الحيلة ، وأمامكم أرتال الأطفال دون السابعة يتسوَّلون الناس في الإشارات وبعضهم يُحصِّل قوت يومه بالعمل على (درداقة) تقاسمه في ريعها محليات حكومة المؤتمر الوطني .. أفيقوا من سباتكم يا هؤلاء.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة