إذا تراجع أحد الذين دخلوا في ضلالة الإيمان بأن الحق كلهُ لا ينبُع إلا من عباءة الذين يرفعون شعارات الدين والقيَّم النبيلة مدخلاً إلى ولوج عالم السلطة والنفوذ والجاه ، ثم من بعد هذا قال كلمة حق ، تبيَّن للناس فوراً وبلا تأجيل أن الحق والباطل لا يجتمعان ، والنموذج واضح في ما أصاب غندور بعد أن صرَّح بالحقيقة المحضة ، وهذا أصدق دليل على أن مسارات الباطل لا بد أن تتماثل وتتطابق وتتجانس لذلك قالوا (الطيور على أشكالها تقع) وغندور حين أدلى بخطابه ذاك (لم يكن على أشكالهم) ، ثم أن هذا المبدأ على ما يبدو أصبح سارياً ومسموحاً به وذو قبول عام في عهد حكومة المؤتمر الوطني ، إذ تأبى الخيرات والقيَّم والأخلاقيات وكل الإيجابيات التي كانت سائدة في عهود مضت ، أن (تتعايش) مع حالة الفساد العام والتدني المذري الذي أصاب كافة المرافق و(القناعات) بما فيها الموروثات الأخلاقية التي صنعها هذا الشعب المجيد على كافة مشاربه العرقية والثقافية والدينية ، فسياسة الكيل بمكيالين على ما يبدو هي السائدة وهي كما هو منظور واحدة من علامات إختلال ميزان العدالة في الحكم على الناس والأحداث والأشياء ، فإن أعلن غندور في تصريح ما يفيد إفلاس الدوله حُكم عليه بالإقالة والخطيئة الوطنية ، ثم إذا أفاد رئيس الوزراء بكري حسن صالح في تصريحه (الحالة صعبة جداً جداً) والذي يفيد نفس ما رمى إليه غندور سكت الناس ولم يقولوا شيئاً ، فالفساد العام الذي تم السكوت عنه وسبر ستار عورته بالتحلُّل تارةً وبغض الطرف تارةً أخرى ، أصبح مارداً جبَّاراً يتمادى بتطوَّره ونموهُ المُتسارع وِفق ما تفيد به تقارير المراجع العام المتواترة ، وهو بلا شك أي الفساد يعتبر (مُلهماً عاماً) لحالة الإنهيار الأخلاقي التي أصابت المجتمع برمته ، فصار القوي يستنصر بقدرته على الضعيف وإستفحل أمر المخدرات في أوساط الشباب وأصبحت تجارة شبه مكشوفة تؤم الجامعات والمدارس ، وأصبحت صفحات الصحف اليومية لا تخلو كل يوم أو إسبوع من خبر متعلِّق بإغتصاب أطفال السودان الأبرياء والذين حُرموا من أبسط حقوق الطفولة المتمثلة في التمتع بالأمان وعدم المساس بصحتهم الجسدية والنفسية ، وعندما لا يأمن الناس على أطفالهم في الشوارع والمدارس والمساجد وخلاوي القرآن الكريم ، يكون الفساد العام الذي رفع لواءه النافذون ، ثم تغاضى عنه من كانوا يحملون لواء القانون والتقويم ، مِعولاً هدَّاماً ومُدمِّراً لكل ما هو جميلٌ ونفيسٌ في هذا الوطن ، وهو أيضاً أصبح سِمةً عامة لكافة إتجاهات حكومة المؤتمر الوطني المُختصرة في إنشغالها التام عن مواجع هذا الوطن وإنسانه البسيط ، ثم إنكفائها اللامشروط على دعم أسباب بقاءها في السلطة بكافة السُبل والمباديء بما في ذلك حالة (التغاضي) العام عن ما يحدث من تعجيل لوتيرة (إنهاك) الوطن والمواطن بالفساد المتغلغل في كيان الدولة على مستوى الهيكل والتخطيط والقيَّم والأخلاقيات الوطنية والإنسانية السائدة .. لا سبيل للخلاص إلا عبر تفكيك مؤسسات الدولة من قبضة التمكين السياسي والإستعلاء الآيدلوجي.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة