عجيب أمر هذا السوداني (الزول) .... جوه البلد (يعلم الله) .. و بره البلد (هلا ..هلا) ، تجده يمارس على المستوى المهني في وظيفته الإدارية أو الفنية بالسودان أقصى ما توفره عاداتنا و أعرافنا المهنية السالبه .. التكاسل والتأخير والخروج المتكرر والمتواصل عن موقع الدوام ، البيروقراطية من أوسع أبوابها ، الجُمل الإدارية المحفوظة عن ظهر قلب (فوت علينا باكر) .. التلكوء ، والرشوة والمحسوبية وإعتماد الواسطة دون الكفاءة وعدم إحترام أولوية المعاملة الإدارية ، وفوق كل هذا وذاك (المقابلة الشينه) .. بالوجه المتجهم والردود الغليظة على قلوب المراجعين ، فضلاً عن كل ما سبق ما يقع فيه موظفنا الإداري او الفني من أخطاء إجرائية أو فنية بدأاً من الأخطاء الطبية التي طالما أودت بحياة أبرياء ليس لهم وجيع ولا ناصرغير رب العالمين ، وأخطاء أخرى دون ذلك ، كأن يسلمك مساحاً هندسياً بمصلحة الأراضي قطعة أرض جارك بالخطأ ، فتبني عليها وتصب فيها شقاء عمرك ، ثم يبدأ مشوارك الأبدي مع التسويات الإجرائية والقضائية ولا مسئولية لمسئول عن الخطأ ، ثم نفس هذا الإنسان (الزول) .. يغترب ويسافر إلى بلدِ عربي ليس ببعيد من دول البترول أو حتى إلى أوروبا أو أميركا ، لتجد أن حاله قد إنقلب ، ويبدأ هذا الإنقلاب والتغيير بلسانه ففي مدة وجيزه تجده يتحدث بلكنة أهل بلد الإغتراب ، وربما إشتط بعضهم فتمثل بزيهم القومي ، وكأنه لا يحوز على إرث من التقاليد والثقافات الزاخرة التي تغنيه عن التعبير عن ذاته بأشياء الآخرين ، ثم تجده هادئاً مبتسماً على الدوام يقابل المراجعين والعملاء بلطافة العارفين بأمور البيع والشراء والتسويق ، جاداً في عمله لا يتغيّب ولا يبارح مكان عمله إلا في العطلات وعند إنتهاء الدوام ، طموح ومبادر وسبَّاق في الفوز والتميُّز والإجادة المهنية ، فلا يلبس صاحب العمل أو مديره المباشر أن يجلسه في مرتبه إدارية عاليه ، هي حال معظم السودانيين في الخليج والخارج عموماً ، تجدهم لا يقفون عند حد الإجادة والكفاءة ، بل يتجاوزون بالمثابره والجدية المهنية والفكرية والإبداعية حدود العادية ليكونوا دائماً في مقاعد التميُّز والإختلاف إيجاباً عن الآخرين ، بعد ما سبق إذا إتفقنا ولو في حدود نسبية أن ذلك صحيح ، سوف لا يفوت على حصيف ومتعمق في الأمر أن (الزول) .. في الأصل ليس سيئاً ومعدنه أصلهُ زاهـٍ وواعدٌ بالعطاء ، فقط يحتاج إلى البيئة التي تعمل على تحريك كوامن طاقاته المنهكة في اللهث وراء ما يُعتبر في عالم الدول الناميه (بديهيات) كان يجب أن توفرها له الدوله تلقائياً وتلك المطالب معروفة ومحفوظة لدى الجميع (عيشٌ كريم بلا لهث ولا عنت ، تعليم مجاني ، ضمان صحي ، وسيلة تحرك مناسبة وفي متناول اليد ، سكن لائق يتناسب سعره مع الدخل ، رضا وظيفي بمعنى مرتب قادر على قضاء الضروريات ( .. ثم بعد هذا أنظر ماذا تفعل تلك الطاقات المهدرة في مجال التنمية المهنية والعلمية والفكرية الإقتصادية في السودان ، يا هؤلاء كيف يبتكر ويبدع ويُبادر الموظف والمهني السوداني وبأي جسد وفكر ، وهو يبدأ يومه المهني منذ الخروج من باب بيته بمشكلة مصاريف أبنائه الذاهبين للمدارس ويختم يومه بالركض وراء الحافلات المكتظة بالركاب ينشد العودة لمنزله قبل صلاة المغرب ..
موضوع جيد و قابل للنقاش فى الغربة أساسيات الحياة متوفرة ماء غاز كهرباء مواصلات تعليم صحة مكان العمل كل الإمكانيات متوفرة يبقى ماذا يمنع الشخص من أداء عمله هذا غير المقابل المجزى لذلك الشخص هو نفس الشخص لم تتغير أخلاقه و لا صفاته ولا أمانته لكن تغيرت البيئة المحيطة المهيئة لأداء العمل و التى هى مؤثر شديد على حياة الشخص وأداؤه .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة