بعضُ آهاتٍ أخرى في ضمير الشارع تزرفها عبَّرات الحسرة على فلذات أكبادنا في المناصير ، وهم يتهادون الآن في عالم البرزخ المُضيء برحمة الله تعالى ، بما كنزوا في قلوبهم من براءةٍ ونقاء سريرة ، ربما يغفرون ، وربما إشتكوا لإلهٍ عدلٍ منصفٍ من اللا مبالاة وهوجة الطُغيان عند ولاة الأمر وإلتفاتهم بعيداً عن قيمة الإنسان وإعتباره دوماً في ذيل قائمة الإهتمامات ، لتستمر المهازل التي ما زال يلوِّح بها نافذي المؤتمر الوطني كلما وصم الله صحيفتهم السوداء بفضيحةٍ لا يُقبل فيها جدالٌ من ناحية مسئوليتهم عن صنعها ودفعها في كومة ما دفعوا به من مآسي في حياة الناس وخصوصاً أولئك الشرفاء البسطاء الذين لا يبغون من عرض الدنيا الزائل سوى الستر وأقل ما يمكن التزوُّد به من عرض الدنيا ، ويقول والي الولاية الذي هو في الحقيقة لا ولاية له بإسم الشرع والدين بما أنه كان بعيدأ عن جراحات الرعية وآلامها ومعاناتها ، وظل غافلاً عن ما يُعرِّض حياة الأبرياء للخطر ، خصوصاً بعد أن تأكد عبر تصريح أولياء أمور الضحايا أنهم داوموا على عرض المشكلة التي كانت تهدِّد حياة أبنائهم يومياً على كافة المسئولين وكما جاء على لسان أكثرهم نكبة ووالد الخمس شقيقات (حدوث الفاجعة كان متوقعاً كل يوم والمسألة كانت مسألة وقت لكنها كانت حتماً ستحدث) ، يقول والي الولاية الذي لم يبارح عالم التدليس السياسي والدبلوماسي الذي يمارسه منسوبي حزب المؤتمر الوطني كلما وقعوا في ورطة (أنا على إستعداد للإستقالة وتحمُّل المسئولية) ، ونقولُ له إن المسئولية هي خاصتك وحدك ولا شريك لك فيها إن كنت عالماً بما كان من أمر وصول أولئك التلاميذ بتلك الطريقة الخطرة والمحاطة بكل أنواع المجاذفات أو لم تكن تعلم ، ومن يريد أن يتحمَّل مسئوليته عبر الإستقالة التي لا أظنكم قادرون على تحمُّل آلامها وأوجاعها من باب أنكم لا تعلمون أن الولاية تكليف وفتنةٌ مودية إلى مساءلة الله عز وجل وليست تشريف ولا جاه ولا مصالح ، إستقالتك وتنحيك وإعترافك بالمسئولية لا يحتاج أبداً للتصريح وإنعقاد كاميرات الفضائيات ومايكروفانات الإذاعة ، كان يكفيك أن تكتبها بخط يدك وتسلِّم متعلَّقات الوظيفة وتهرع إلى أهالي النكبة وتقف معهم يداً بيد وساعداً بساعد كمواطن عادي ثم تنتظر أن تتناقل أجهزة الإعلام إستقالتك التي لن تقوى ولن تتجرأ على تقديمها ، لأن ما حدث إن لم يقُم الرأي بنشره وإعلاء شأنه ، لن يكون بالنسبة إلى خطكم المألوف فيما يتعلَّق بأهمية الإنسان السوداني سوى مُجرَّد خبر عارض في ذيل صفحة في صحيفةِ مغمورة ، أما أنتم أيها الكادحون من عامة هذا الشعب الكريم الذي تداعى مع أهل الوجعة بالحزن والمواساة والألم المرير ، يجب أن تعلموا أن مركب أبناءنا في المناصير التي غرقت ليست هي المركب الوحيدة التي تغرق كل يوم في بلادنا ، نقِّبوا وأبحثوا عن المراكب التي تغرق كل يوم بأطفالنا وفلذات أكبادنا في مستشفيات سرطان الأطفال التي تنقطع عنها الجرعات لأسابيع ، وتباع في الصيدليات الخارجية بأسعار لا يقدر عليها إلا الذين إحتكروا خيرات هذا الوطن بلا وجه حق ، فتِّشوا عن المراكب الغارقة بأطفالنا حينما لم يُستثنى حليب الأطفال ولا أدوات علاجهم وأدويتهم المنقذه للحياة من رفع الدولة دعمها لدولار القطاع الصحي ، مراكب أطفالنا تغرق أيضاً عبر إستشراء الحرب في دارفور والنيل الأزرق لتوزِّع بينهم الفقر والجهل والمرض والتشرد وإنهزام مؤسسة الأسرة أمام متطلبات حياة أطفالهم الضرورية والعادية ، مراكب أطفالنا تغرق أيضاً تحت وطأة تجفيف الدولة للمدارس الحكومية وتنصيب التعليم الخاص بديلاً عن إطلاع الدولة بواجبها تجاه توفير التعليم المجاني للفئات التي لا تقوى على مجاراة بورصة التعليم الخاص ، حكومتنا تدفع بمراكب مستقبل السودان عبر دحر آمال أطفاله يوماً بعد يوم نحو الهاوية و الغرق السحيق ، اللهم لا تكِل أمرنا إلى غيرك و تولنا بعين الإلهية التي لا تنام .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة