وِفق ما تعانيه الساحة الفنية والإبداعية وخصوصاً قطاعي الموسيقى والغناء في بلادنا من تدني في الشكل والمضمون ، بما يتوافق مع حالة (الغُثاء) العام الذي ألم بالدولة في شتى نواحيها ونتاجاً لعدم إيمان من يقفون على دفتها بأهمية الفن والإبداع في بناء المجتمعات والدول ، لا أستغرب أبداً الإستغلال الغاشم والفاشل والغشيم لبعض سدنة الفوضى العامة وداعمي الفساد الشيطاني الذي أمتدت أياديه منذ زمانٍ بعيد إلى ساحات الثقافة والفنون ، لما قاله الفنان القامة محمد الأمين في حفله الجماهيري الشهري والمُتعلِّق بإشتراطات تخُص تهيئة وضبط المكان من أجل أداء فني وإبداعي يليق بقامة محمد الأمين وذوق جماهيره التي تكبدَّت المشاق من أجل الحضور إلى المسرح والإستماع إليه ، وبما أن هؤلاء الغوغاء لا يستطيعون العيش إلا في مستنقعات الفتنة ولا يهنأ لهم بال إلا برؤية المتحابين في ميدان الإحتراب ، تجدهم أحسن وأنبغ من يصطاد في الماء العكِر ، فمحمد الأمين ليس فناناً يافعاً ولا متلمِّساً لسلم النجومية مثل من يدعون الشهرة وهم يصنعونها بأدوات قوامها عدم إحترام الفن وآدابه وعقول وأفئدة مُحبيه ، محمد الأمين وصل إلى مرحلة (الأستاذية) الحقة ، بخبرته وجلوسه بعد رحيل أقرانه من العظماء على عرش منابر الفن الموسيقي والغنائي في السودان ، لذا يجوز له ما لا يجوز لغيره ، فيما يتعلَّق بالإشتراطات والمواصفات الواجب توافرها في البيئة التي يؤدي فيها أغنياته ، بما في ذلك الجانب المتعلِّق بسلوكيات الجمهور ، وهو حين يطلب من الجمهور أن يصمت عن ترديد كوبليهات (بعض من الأغاني) التي سمَّاها أغنيات كبيرة ، كان يقصد حصوله على حالة من الإنفرادية في الأداء تمَّكنه من الإسترسال والإرتجال ، وذلك يعني أن الأغنية عند محمد الأمين من الناحية الأدائية (متطوِّرة) و(مُتغيِّرة) عبر فكرة الإضافة والحذف بواسطة ما يتم إرتجالهُ في أدائها كل مره ، وهو في ذلك له الحق من الناحية الفنية والمهنية ، أما الناحية الأدبية و(المنطقية) فبالفعل على الذين يردّدون مع الفنان كوبليهات الأغاني بصوتٍ عالٍ أن يسألوا أنفسهم بحيادية تامة هل هم جاءوا إلى المسرح ليستمعوا أم ليغنوا ، بالتأكيد دورهم بل ضالتهم التي يجب أن تكون سبباً لتواجدهم في المكان هي الإستماع وربما أيضاً الإستمتاع ، نشر أصحاب النفوس الضعيفة الذين لا يطيقون النجاح لأولي العلم والمواهب والإبداع ، ولا يطيقون ما يحيطهم به جمهورهم من حُبٍ وإحترام ، مقاطع من فيديو على وسائط النشر الإلكتروني تُركِّز على إظهار إستياء الفنان محمد الأمين دون إكمال باقي اللقطات التي تحدَّث فيها محمد الأمين عن المبررات التي تدفعه ليقول ذلك والتي كانت بمثابة تبرير وإعتذار لجمهوره الذي لا أعتقد أن ما حدث قد أثَّر في إيمانهم وحبهم لمحمد الأمين وفنه النبيل ، والدليل على ذلك أن الجمهور لم يعترض ولم يهتف هتافات عدائية ولم يخرج من المسرح ، بل لبَّوا ما طلب بكل مسئولية وحضارية وإتزان ، محمد الأمين له من التاريخ والبذل والعطاء ما يؤهِّله لأن يمارس (السطوة) التي توجبها الضرورات المتعلِّقة بحق الفن والإبداع في الظهور إلى المتلقي بمظهرٍ لائق ، وهو في ذلك يتكيء على ثقة لا حدود لها في مقدرات جمهوره على تفهُم تلك السطوة وإحترامها ، وأقول لسفهاء الوسط الفني وأنصاف الموهوبين والذين دخلوا مجال الفن بالصُدفة من أولئك الذين يعتقدون أن القدح في الكِبار سيفتح لهم المزيد من الأبواب المغلقة ، هيهات فأمثال محمد الأمين قد تجاوزوا مرحلة النجومية منذ زمنٍ بعيد وهم الآن يمارسون (الأستاذية) على منابرهم ، أما جماهيرهم فهم تلاميذ في حضرة الفن النبيل .
ياخ عليك الله دا زمن فن و فناين الناس ما لاقية تاكل و المصائب تحيط بالأمة من كل مكان الأمم تنهض بالعمل و العلم و ليس بالفناين و غيرهم ياخ فنان هسه دى شغلة رجال و الجمهور دا ذاتو يستاهل الذلة جايى يضيع وقته و دافع قروش و يقول ليك الرغيفة بجنيه ليه .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة