ضجت مساء الأمس وسائط التواصل الإجتماعي والتي أصبحت في الحقيقة وسائطاً للتفاعل السياسي والثقافي والإقتصادي عقب أخبار من مصادر متفرقة تفيد تفاصيل ما يحدث من تعديلات كبيرة وهامة في المناصب الدستورية شملت مؤسسة رئاسة الجمهورية وعدداً من الوزرات الهامة ، فضلاً عن تقليص لا يستهان به في أعداد الوزراء والمحليات على مستوى المركز والولايات ، وقد كان معظم هذا الضجيج ينحاز ولأسباب موضوعية كثيرة لا داعي لحصرها هنا في إتجاه أن ما يحدث من تغيير إنما هو شكلي وظاهري ، ولسان حالهم الذي لا يخلو من منطق أن أزمة البلاد هي في حقيقة الأمر أزمة مؤسسية ومنهج وليست أزمة أشخاص ، لكني ورغم إيماني التام بالصواب النسبي لوجهة النظر السابق ذكرها ، مضطر أن أقول أن السودان ما بعد إخفاقات حكومة المؤتمر الوطني المتواترة ، وما شاب مضمون التوجهات السياسية الداخلية والخارجية من كوارث ، فضلاً عن مخططاتها المتعلِّقة بمعالجة الأزمة الإقتصادية كانت وما زالت الآفة الكبرى التي قضت على مؤسسية الدولية ثم أسدلت من بعد ذلك ستاراً قاتماً وفاصلاً لقداسة المنهج والتخطيط والتوَّجُه ، وأصبح مفهوم الإنجاز والتقدم أو حتى الإخفاق والتقهقر على كافة المسارات مرتبط بالأشخاص وليس المؤسسات ، وهو ما يدعو للأسف والحسرة إذا ما نظرنا إلى التاريخ الضارب في القدم لبلادنا في مجال حصولها على البنيات الأساسية المتعلِّقة بسيادة المؤسسية والمنهجية في الإدارة السياسية والمهنية المتخصصة بالنسبة إلى مثيلاتها من البلدان في محيطها الإقليمي ، ولكن للأسف هذا هو الواقع الماثل أمامنا ، فآلة الفساد التي إستشرت وغلبت الدولة ومؤسسيتها ومنهجها ، لم يصنعها ويُعزِّز نماءها سوى أشخاص بعينهم ، أسسوا وصنعوا بأيديهم أو عبر آخرين خلف الظل السياسي والإقتصادي أو حتى بمحض تغاضيهم عن الإنحياز للصواب والحق والقانون والمباديء الوطنية آلة الفساد القميئة ومسرح جريمة إغتيال السودان سياسياً وإقتصادياً وإدارياً وأخلاقياً ، حتى أصبح الفساد والإستقواء بالولاء والتمكين منذ زمنٍ ليس بالقريب بديلاً ناضحاً بالسفور والقوة والعنفوان لمؤسسية الدولة ومنهجية التوجه وسيادة القانون والعدالة ، لذا أقول للذين ما زالوا يأملون من حكومة المؤتمر الوطني تغييراً جذرياً ينهض بمؤسسية الدولة ويقدِّس توجهاتها إن تم الإتفاق حولها ، أنتم (تبالغون) في حسن ظنكم بالحزب الحاكم ، وأقول أيضاً كفانا على الأقل في الوقت الراهن وفي ظل ما يفتك بنا من إحباطات وإخفاقات ، أن يبزغ بين جوانحنا أملٌ في أن يكون لتغيير الشخوص قدرةً مؤثِّرة في تحسين ما يمكن تحسينه من واقعنا المُزري ، فقد ظننا أن حواء المؤتمر الوطني قد نضب مخاضها وإستمسكت بأحسن السيئين ، دعونا نترقب وإن غداً لناظره قريب.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
هيثم الفضل
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست