دولة إيران عانت عبر سنوات ليست بالقليلة من الحصار والعقوبات الدولية ، شأنها في ذلك شأن السودان ، لكن في الوقت الذي كانت تعمل فيه إيران على تخصيب اليورانيوم ، كنا نحن نعمل على تخصيب (الفساد) والتعالي والهبل والإستعباط السياسي ، أما أسباب حصول الدولتين الإيرانية والسودانية على (الميدالية الذهبية) في إستعداء المجتمع الدولي ومنظوماته العدلية فهو يكاد يكون متطابقاً إذا منحناه إسم (التنطُع) ورعاية الإرهاب والبطش بيدٍ من حديد على الشعب والتنكيل بالمعارضين.
لذلك لا عجب إذا نظرت إلى تاريخ العلاقاات السودانية مع إيران في ظل الدولة الإسلاموية منذ 89 وما شابها من إزدهار وتوسُّع في المصالح ، خصوصاً تلك المتعلِّقة بالطموحات التنظيمية الإسلاموية في الدول والمحاور الإقليمية المُحيطة ، أما في مجال التنمية والمساندة الإقتصادية فالتوافق الدولي مع إيران معروف ومشهور بأياديه الشحيحة في مجال بذل أموال التنمية والإعمار ، ولأن دولة الإنقاذ البائدة حوَّلت السودان في نهاية الأمر إلى مصاف الدول المتسوِّلة بالرغم مما تعجُ بها أرضها البكر من خيرات وموارد ، وتماشياً مع سياسة الغاية تبرِّر الوسيلة والروح الإنتهازية والغادرة لدولة الكيزان ، إنقلبت الإنقاذ على إيران بالقدر الذي جمَّد العلاقات الدبلوماسية والثقافية والسياسية معها بعد أن إشترطت دول التحالف المحوري ضد قطر في الخليج ومعها مصر قطع العلاقات السودانية الإيرانية مقابل حصول نظام الرئيس االمخلوع البشير على حصته المالية الدورية التي بات يتلقاها كمتسوِّل دولي بإسم السودان الشامخ وشعبه الأبي.
كل ما سبق يُعضِّد وجهة النظر التي تجعل من مبدأ عدم الإنتماء إلى المحاور الإقليمية والدولية أو التدخل في شئون الدول الأخرى ، واحداً من مزايا الحكم الديموقراطي الرشيد ، فالعلاقات الدولية المحورية إنما هي في الأساس تنبني على مبدأ المصالح الراهنة والقابلة لللتبدُّل والتغيير في كل لحظة وهي بالتأكيد مدفوعة الثمن على مستوى مسودة العلاقات الخارجية وحياديتها والحرية والسيادة على تطويرها وتوجيها بحسب إرادة الدولة وحسابات المصلحة الوطنية ، فضلاً عن أن الإنتماء أو الإلتزام بالأحلاف الإقليمية أو الدولية هو من منظور آخر إشارة لعدم مقدرة النظام السياسي والإداري والإقتصادي في الدولة المعنية على الإعتماد االقاطع والكُلي على خطة منهجية صحيحة تضمن حركة النمو الإقتصادي والأمان الإستراتيجي والإستقرار الإجتماعي بالقدر الذي يكفيها شر البحث عن موارد دولية أخرى يكون ثمنها عدم حيادية المواقف وإقرار مبدأ الكيل بمكيالين في التعاطي مع المشكلات الإقليمية والدولية .
التنمية المستدامة التي لا يستقيم أمرها دون إقرار السلام وإفشاء العدالة وإرساء دولة القانون والمؤسسات وتقنين التداول السلمي السلطة ، لا مكان لها في دولة لا تمتلك مخططاتها وبرامجها وقرارها وتوجهاتها الوطنية ، لأنها ببساطة لا تستطيع أن تقف في خط الحِياد ، لأن الأحلاف التي تنتمي إليها لن تقبلها دون وجهة نظر واضحة تفيد التطابق مع ما تتبنى من مواقف ، وهي في ذات الوقت أي الأحلاف لن تسمح أن تمتلك الدولة السودانية معاول التنمية المستدامة بإعتبارها سلاحٌ يُحرِّرها من قيد الإلتزام والرضوخ والموالاة وإرتهان القرار السياسي.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة