أخيراً إتفِّق الحادبون على إنجاز ما يستحقه السودان وفنه وإبداعه النبيل من حفظ وتوثيق بحيادية تامة وعدالة دامغة ، ومنجزات الفن الموسيقي السوداني كانت على الدوام ممثِّلة للبِنات راسخة أسهمت في بناء الشخصية السودانية وصقل تجاربها في مجالات متعدِّده ، ثم كانت من بعد ذلك واحدة من أهم السجلات والمواثيق التي شكَّلت مصدراً مهماً و(آمناً) لسرد تاريخ هذا الوطن عبر أزمانه المختلفة ، أقول هذا وأنا ما زلت عند حد الإنبهار بعد حضوري بدار الخرطوم جنوب للفنون والموسيقي هذه الدار العريقة في ريادتها لمضمار الإبداع الموسيقي في السودان عنوانها (موسوعة الإبداع الموسيقي في السودن) ، والتي قام بإلقائها الأستاذ / الموسيقار المخضرم يوسف الموصلي ، الذي يتولى مسئولية القيام بهذا العمل الكبير والهام ومعه المؤرِّخ الموسيقي / علي إبراهيم الضو ، هذه المبادرة الإستراتيجية التي تتبناها وتقف على الإشراف عليها وكالة السودان للأنباء (سونا) والتي هي أيضاً تعتبر واحدة من الصروح التاريخية التي قامت عليها حركة الإعلام الرسمي بالسودان ، تحدث الأستاذ القدير الموصلي عن خارطة العمل التي سيستند عليها فريق العمل المكوَّن من متخصصين في مجال الموسيقى وأكاديميين ومؤرخين وفنيين في شتى المجالات التي سيحتاجها إنجاز هذا العمل ، والجدير بالذكر أن المبادرة بشكلها الكُلي تُسمى (الموسوعة السودانية) وباب الموسيقى هو أحد الأبواب التي ستتضمَّنها هذه المبادرة ، يقول الأستاذ الموسيقار الموصلي أن أهم ما سيعتمدونه في معايير التعامل مع مسائل التوثيق للفنانين والموسيقيين ، هو معيار (الحياد) التام عن الإشارة إلى أيي متعلقات تختص برؤية العاملين في الموسوعة من الناحية الفنية والشكلية والموضوعية للمنتج الإبداعي المُستهدف ، فضلاً عن أن السرد سينطلق من الواقع الذي تفرضه الحقيقة التاريخية البحتة ، تحت قاعدة إهمال كل ما من شأنه أن يشير إلى وقائع سياسية أو عرقية أو جهوية أو عقائدية ، كما تطرَّق النقاش إلى موضوع كيفية تقييم المبدعين من حيث الإشارات الكمية والنوعية لمنتجاتهم الإبداعية ، خصوصاً في الفترات التي صاحبتها ظروف سياسية وإقتصادية وتنظيمية أقعدت تجاربهم عن مواكبة ما تم تحقيقه في المجال الموسيقي على مستوى الروّاد ، أو حدَّت من إستفادتهم من التجارب السابقة نتاجاً لهجرة كبار الفنانين والمبدعين أو بزوغ أهم أعمالهم خارج المؤسسات والأُطر الجماعية كالإتحادات والنقابات والهيئات الرسمية ، وأفاد الأستاذ الموسيقار الموصلي أن هؤلاء سيُنظر إلى ظرفهم الإبداعي العام بإعتبارات عُدة أهمها التفرُّد والتميُّز والقُدرة على لفت أنظار المتخصصين ، بالإضافة لما حازوهُ من جماهيرية مُقنعة تشير إلى تأثيرهم في الساحة الإبداعية الموسيقية ولو لم تنل أعمالهم الخاصة حظاً من الإنتشار ، إذن وبحسب ما يقول الموصلي فإن المعيار يعكس السرد التاريخي للمساهمات التي أداها المبدع لصالح مسيرة التطوَّر الغنائي والموسيقي في السودان بعض النظر عن الرؤية الشخصية للقائمين على أمر إنجاز الموسوعة ، وبذلك فإن السودان موعودٌ بأن يساهم في تحقيق موسوعته التي سيطلع عليها العالم أجمع مجموعة مختارة من العلماء والمتخصصين (المحايدين) والمنتمين إلى شتى أشكال الطيف السياسي والثقافي والعرقي والفني ، لا يهمهم في الأمر سوى إيفاء كل ذي حقٍ حقه ، فضلاً عن إظهار الإبداعات الموسيقية والغنائية للشعب السوداني بالمظهر الذي يليق بها من الناحية الفنية والإخراجية والتصميمية ، كما أن من ضمن مجريات التوثيق التي سيُعمل بها ، المحاولات الجادة للتدوين الموسيقي الأكاديمي لكافة الأعمال الموسيقية التي لم تحظى بالتدوين من قبل ، مما يُتيح للأكاديميين والمهتمين في شتى أنحاء العالم الإطلاع والمدارسة والنقد الفني لمجموعة الأعمال التي سيتم إيرادها في هذا السجل الوطني التوثيقي الهام .. التحية لكل من يقفون خلف هذا العمل العظيم داعياً ربي الكريم أن يكلِّل جهودهم بالتوفيق و السداد .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة