عبر المزايدات التي يبذلها على مدار الساعة أفراد ومجموعات تتبَّنى الخط المُضاد لإرادة الشعب وثورته المجيدة ، يتضح جلياً أن ليس كل هؤلاء يرفعون راية خيانتهم للوطن والمواطن بالوقوف ضد آماله وتطلعاته عبر الإنتماء السياسي للنظام البائد فقط ، إذ أن هناك الكثير من أصحاب المنافع الإقتصادية والإستراتيجية التي قامت وتقوم على (أدبيات) الفساد والمحسوبية والظلم والجور والإمعان في إذلال الجماهير والتمركُّز في مستنقع ظلاميات التمكين ومغبات التحالُف بين الدولة ومنظومة الفساد ، هؤلاء أكثر ما يخيفهم ويُثير فيهم نوبة الهلع الهستيري الحديث أو الإشارة إلى (تفكيك الدولة العميقة) ، إذ أن مصالحهم وأعمالهم القائمة حتى الآن لم تُبنى على قواعد المنافسة الشريفة والعمل الجاد والشرعي ، بل تقوم على (رأسمال) إستراتيجي قوامهُ وجود رؤوس الفساد الوطني على منظومة الهيكل الوظيفي للدولة على المستويين العلوي والمتوسط ، لذا تراهُم يقاومون بشراسة فكرة التغيير (الكُلي) ، يريدونه تغييراً شكلياً يحتوي تبديل الشخوص ولا يمِس المنهج والمبدأ ، ثم يناورون من إتجاهات بعيدة المرامي ولا تنتمي إلى صُلب الموضوع مثل الحديث عن أن للدولة العميقة تعريفات كثيرة قد يكون من بعضها الشكل الرسمي للدولة السودانية منذ الإستقلال ، نقول لهم لن تستطيعوا أن (تشتِّتوا) أفكار الشعب السوداني في هذا الإطار عبر تلك التعريفات المُضلِّلة ، وسيظل العنوان الأساسي والأكثر وضوحاً وسطوعاً لمُجمل عمليات التغيير وبناء السودان الجديد في أذهان من أضرموا هذا الثورة المقدسة هو (تفكيك هياكل تمكين الإسلامويين في الخدمة المدنية ومُجمل مؤسسات الدولة الإقتصادية والإستراتيجية) ، ولا مكان لإعمال العواطف وترديد الشعارات وكلمات الحق التي يُمرَّر بها الباطل ومن أمثالها الحث على فضيلة التسامُح و(عفا الله عن ما سلف).
يريدون للثورة أن تقف عند محطة تقاسم المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير لمقاليد الحكم ، ثم يُمهِّد لهم الشعب السير في ذات المنهج والعمل بنفس الأدوات التي دمرت البلاد والعباد ، ويحاولون أن يُشكِّكوا ويحرقوا عبر الشائعات ونشر الأخبار الكاذبة أن يُغلقوا أفواه الذين ما زالوا يُصِّرون على محاربة وهدم صروح الظلم والعبودية والإستعلاء السياسي بإسم الدين والإرتقاء العرقي ، لا يقارعون المد الثوري المُسلَّح بالوعي والعزيمة والإصرار بالأفكار والرؤى فإنبلاج الحق وإفتضاح عوراتهم يجعل من ذلك مستحيلاً ، فإشرأبوا وشمَّروا سواعد الغدر والخيانة لحرق سُمعة الشخوص وطمس تاريخهم الوطني الذي لا يخفى إشراقه على حصيف ، يوصمونهم بما ليس فيهم فقط لأنهم تقدَّموا ثورة الشباب وقادوها عبر المخاطر والعثرات إلى ما يقرب من بر الأمان ، يريدون أن يدقوا إسفين الخلاف والبغضاء بين الشارع السوداني وقيادته التي تفاوض بإسمه وتُعبِّر عن مطالبه وطموحاته ، مستغلين في ذلك عِفة ألسنة الذين أُستهدِفوا بتلك الحملة وترَّفُعهُم عن الولوج في مستنقعات الوحل الأخلاقي السياسي.
رغم عدم إنتمائي السياسي لأيي منهج فكري أو حزبي سوى كل ما يمُت للفكر الديموقراطي المُطلق ، تمنيت لو لم تلتزم قيادات قوى الحرية والتغيير بعدم المشاركة في الحكومة الإنتقالية ، ليتهُم شاركوا وأشرفوا بأنفسهم الوثَّابة والمُخلصة والحادبة على مصلحة الشعب والوطن على بناء وتنفيذ (تصوَّرهم) البرامجي لملحمة التغيير الشامل وبناء السودان الجديد ، وهل من يناهضونهم الآن يمتلكون ذرةً مما بذلوه من إخلاص وعزيمة ووفاء لهذه الثورة وهذا الشعب وهذا الوطن .. شتان وهيهات.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة