ان دعوة حمدوك رئيس الحكومة للتدخل الدولي كانت أقصي درجات التعبير عن خيبة الأمل ان تراكم تعقيدات الوضع السياسي خلقت واقعا يصعب تجاوزه من دون التضحيات الضرورية .وقبل ذلك ينبغي علي الجميع ادرك خطورة الوضع علي كل الأصعدة ونذر الكوارث باتت اقرب من خط الأفق . اذا كانت الكوارث السابقة وما تبعتها لقد احدثت دمارا شاملا للانسان والحيوان والبيئة في مناطق الحروب وعم كل السودان البؤس والفقر وكل ما ترتبت عليها بسبب توجه مقدرات البلاد للحروب التي لا نهاية لها . والان الدكتور حمدوك اكثر الناس صدقًا في نظرته للأمور عندما افصح عن يأس حكومته في تقديم ما يمكن ان يفيد هذا الوضع الشائك الذي بات عصيا حتي علي حكومة الثورة . هذه الدعوة بمثابة جرس الانزار للجميع ولم تعد الأمور كما كانت علي قساوتها تنتهي بضربات موجعة في خاصرة الهامش وتتبعها سياسة ضرب الطفل وارضائه بالحلوي . والان لم يعد هناك طفلا بل تساوت الكتوف وينبغي تقسيم المعروف والأمنية الوحيدة نسال الله ان يجنب البلاد الحاجة الي الفؤوس الجزائرية والسيوف الهندية والسكين العماني وكل شئ الان متروك في يد القحاتة الذين ورثوا الانقاذ في حين غرة وما كانوا يعلمون انهم يرثون كل متاعبه ابتداءا من الخزانة الخاوية والسلام المستعصي وتبعات الابادة الجماعية والتعقيدات الاثنية التي كبلت البلاد من كل النواحي الا الطريق الي الهاوية .نعم لقد اخطأ القحتيون عندما وضعوا نفسهم طوعا امام هذه التركة الثقيلة وان كراسي السلطة ليست في كل الأحوال مصدرًا للمتعة وبل اكثر الاحيان سببا للهلاك والشواهد علي ذلك كثيرًا في التاريخ البعيد والقريب. ونحن لا نريد زراعة التشاؤم ولكن الوضع الذي أمامنا يتطلب تفكيرًا خارج التفكير التقليدي ومعه السرعة والحذر الضروريه .ولا ينبغي النظر الي الهامش باعتباره شريك في الخلاص من دون ان يكون شريك في التركة لانهم ليس لديهم ما يخسرون وبل يسعدهم ان تصل السنة اللهب الي صاحب البيت الذي اشعل النيران . أمامنا اياما وليست الشهور ولا الأسابيع للتصرف السليم والا الخيارات الاخري تأخذ مكانها . رغم انف الجميع ،ليس لان ذلك هو الافضل ولكن دائما الخيارات تفرض نفسها في حالة الوصول الي الطريق المسدود . والخيارات التي أمامنا منها الأول ثورة الجياع الثانية التي اكاد أراها بالعين المجردة ،وهذه المرة من المحال ان تضل طريقها وتخطئ أهدافها وحتمًا سيكون القحتيون من ضمن ضحاياها ، ان لم تكن الاولي .بعد كنس الانقاذين لا بقدر مراتب جرمهم بل الجمع بين القمح والزوان وكلهم عند العرب صابون .وهذا الخيار بالرغم من انه اقرب الاحتمالات يفترض العمل علي تجنيه لان تكاليفه سيكون عالية كما انه قد يترتب عليه تبعات غير محسوبة تضر بوحدة البلاد والأمن العام . الثاني اجراء عسكري تصحيحي وحل مجلس السيادة و الوزراء وتكوين مجلس لقيادة الثورة من العسكرين بمشاركة قادة الحركات المسلحة وتكليف حمدوك بتكوين حكومة جديدة من التكنوقراط وابقاء علي بعض الوزراء الذين تمكنوا من ارضاء الشارع وذلك لغرض الحفاظ علي روح الثورة وأبعاد شبه الانقلاب العسكري والتصادم مع المجتمع الدولي . وإجراء الترتيبات الضرورية لارضاء الثوار في الشارع وشعوب الهامش باجراءات ترضي طموح التنوع والتمثيل الجاد في المؤسسات السياسية والخدمة المدنية .والعمل علي تسليم كل المطلوبين للعدالة الدولية .وتصفية النظام الاسلامي باجراءات جادة تقنع المجتمع المحلي والدولي بان هناك وضعًا جديدًا في الساحة السياسية السودانية .تكفي لاقناع المجتمع الدولي للتعاون معه. وتكوين المجلس التشريعي من لجان الثورة وإقامة المؤتمر الدستوري وجمع كل الوحدات المسلحة لبناء جيش جديد.وبعدها الذهاب الي صناديق الاقتراع. الثالث انقلاب عسكري كامل الدسم يقوم به القحتيون بالتعاون سرا مع نظام الانقاذ برعايةً قطرية والتركية وإعطاء مساحة من الفرفرة لليساريين ولكن في النهاية يتم استيعابهم في المؤسسات الإنقاذية المعدلة في إطار دولة الجلابة في موديلها الحديث. ويعملون علي التخلص من المناطق الجنوبية السودان بالفصل ويمنحون اقليم دارفور حكما ذاتيا والتخلص من المطلوبين للعدالة الدولية بالقتل ويوجهون الاتهام لأطراف الصراع الاخري بقتلهم .وهذا الخيار اذا نجح بالضرورة ان يكون بعد مواجهات دامية بين الوحدات الأمنية للتنظيم الاسلامي وبعض وحدات الجيش من جهه والدعم السريع وبعض وحدات الجيش والحركات المسلحة من ناحية اخري ولكن الشئ المؤكد لو حدث ذلك سوف يتم تدمير الخرطوم ومشهد بيروت بعد الحرب الأهلية ليس بعزيز واحتمالات التدخل الدولي العسكري من كل الاطراف أمراً واردا وفي النهاية الخاسر الاكبر السودان وشعبه ووقتها يدرك اهل الخرطوم طعم السلام اذا لاح في الأفق. الرابع هو استجابة المجتمع الدولي في التدخل تحت بند السابع لفرض السلام ولربما السودان كلها تكون تحت الوصاية الدولية لفرض نظام حكم لا احد يستطيع التنبؤ بملامحه ولكن بالتأكيد ليست من مصلحة الاقلية الحاكمة بالتوارث. الخامس هو أسوأ الخيارات . النزول الي الرغبة المصرية وبعض اطراف النخب السودانية التي تري ضرورة اعادة تقسيم السودان بناء علي الخريطة الاثنية وهو المشروع الذي تم وضع الترتيب له عن طريق بعض القيادات الانقاذية مع بعض قيادات الاتحادية علي جانبي الحدود . ولكن في انتظار الظرف المناسب ولا يعرف اذا كانت الظروف الحالية مساعدة لتحقيق هذا الحلم الذي طال انتظاره .فان اكتفاء القحتيين ومن سبقوهم بمثلث حمدي في إطار الكنفدرالية مع مصر هي أمنية تكبر يوما بعد يوم ولكن تكمن المشكلة من لا يستطيع الحفاظ علي وحدة السودان هناك شك كبير في قدرته علي التجزأة لان الاخيرة اكثر صعوبة من الأولي. اما الرهان علي مصر ذلك الخطأ الاكبر .لان وحدة السودان ظلت من الثوابت المصرية من كثرة التكرار باتت كما لو انها اية كريمة وما ان جاءت ساعة تقسيم السودان لم تحصل مصر حتي علي الاستشارة ولذلك ان مصير الدول سيظل بيد ابنائها لا بيد غيرهم .ولكن الشئ المؤكد تقسيم اخر في الطريق والشئ الماثل أمامنا ان التخلص من جنوب كردفان واجزاء من دارفور والفونج واجزاء من الشرق في تقديري اسهل منه التخلص من شمال السودان .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة