الأخوة المصريون هم بالطبع أحرار من يسمحوا له بالدخول والخروج اذا كان ذلك مصلحة بلدهم بالطبع لا احد يستطيع الاعتراض كما لا يجوز الاعتراض في الأصل . نعم ان علاقات الدول مع الاشخاص بالضرورة تختلف من علاقاتها مع الدول لأن في الأخيرة تمكن المصالح المتبادلة باعتبار ذلك هو الأمر الواقع . ولكن التعامل مع الشخصيات ذات الوزن في بلدانهم حتي ولو كانوا خارج السلطة يفترض أن يكون فيه نوع من الحرص .صحيح أن سلطة الخرطوم يمكن أن تطلب من مصر منع النشاط المعارض ولكن طريقة منع النشاط المعارض في مصر ليست بالضرورة كما تراها الخرطوم اذا صدقت ما جاء في بيان الحزب بأن السبب في حرمان الإمام العودة إلي مقر اقامته بسبب انه لم يستجيب لطلب السلطات المصرية بعدم المشاركة في اجتماعات المعارضة في ألمانيا هذا فيه شئ من الغرابة لأن سبب الطرد يفترض أن يكون مرتبط بالنشاط في مصر وليس لعمل تم خارج مصر ولكن المهم اذا كان المصريون لا يريدون عودة الإمام الي مصر كان من اللباقة والدبلوماسية أن يشترطوا عدم عودته الي مصر في حالة المشاركة في النشاط المعارض حتي يتفادوا حرج ابعاده من المطار بعد عودته . إلا إذا كانت مصر تريد أن تبرهن عمليا التزامها برغبات الخرطوم جهرا لا سرا وتريد أن تقول افعلوا كما فعلناه . أو حتي أن يطلبوا من مكتبه في القاهرة إخطار الإمام بأنه شخص غير مرغوب في مصر حتي من دون توضيح الاسباب بيد أن ما تقوله الدبلوماسية هو اخطار مكتب الحزب بوقف نشاطه المعارض من القاهرة وقته علي الذين يتواجدون في القاهرة يتعين عليهم المغادرة أو السكوت وبالضرورة علي الإمام أن يبحث عن مقر جديد للاقامة .و لكن السلطة المصرية إذا كانت لديها الحد الادني من الاحترام للامام يكفي ان تقول ان نشاط المعارض للحزب من القاهرة اوشكت لثلث القرن وجراء ذلك تحملت مصر عداء الحكومة في الخرطوم الي درجة وقوفها ضد المصالح الاستراتيجية لمصر وليس في امكاننا تحمل اكثر من ذلك ولذلك يتعين علينا الاستجابة لوقف الاعمال العدائية ضد البعض ولذلك جاء هذا القرار معبرا لهذا الموقف ولا ينبغي عليكم الذهاب في تقديركم اكثر من هذا الغرض وتقديرنا واحترامنا لشخصكم ولحزبكم الكبير في محله للابد ومرحبا بكم مقيمين غير معارضين . هذه كلها درجات مختلفة من التعامل الدبلوماسي كان علي مصر أن تختار ما تناسب مقام الامام عندهم ولكن اختاروا معاملة ارهابي مصر في الخرطوم وذلك خطأ لا يقل من اختطافه من ذات المطار وسجنه في القناطر كلف ذلك العمل الغاء التكامل بين مصر والسودان . ولم تعود المياه الي مجاريها إلا بعد نحو نصف القرن ليس هناك من اعمال العقل السياسي أن نعيد تكرار إنتاج معاول هدم العلاقة بين الدولتين. وأذكر عندما كنت معارضا ومقيما في القاهرة كان رد الحكومة المصرية للسلطات السودانية وقتئذ في طلبها لطرد المعارضة السودانية من القاهرة وجاء الرد سلطات المصرية بأن السودانين حصلوا بموجب الاتفاقيات المبرمة بين الدولتين تملكوا المنازل والشقق والوظائق في الخدمة واسسوا مشاريع التجارية حقا مساويا للمواطن المصري وبالضرورة حرية التعبير حتي فيما يدور في مصر ولذلك لا نستطيع الاقدام علي هذه الخطوة ونحن نتعامل مع كل السودانيين في السلطة وخارجها بذات المنطق بناء الحقوق المنصوصة علي الاتفاقيات المشار اليها وكل الذي نستطيع فعله أن لا نسمح بممارسة أي عمل تتصف بطابع العنف من المقيمين في مصر ضد بلدانهم او مكان آخر . الأخوة حكام مصر اليوم بدأوا حرب المطارات مع السودانين الذين ينتقدون سياساتهم اتجاه السودان من الناشطين والآن شمل معارضي النظام في الخرطوم لم يميزوا حتي بين الأوزان السياسية ناهيك من حق الإقامة بموجب الاتفاقيات بين الدولتين في الوقت الذي يتعين عليهم أن يتعاملوا مع زعماء السودان بطريقة مختلفة لأنهم يختلفون من زعماء مصر الذين ينتهي دورهم بنهاية فترة حكمهم الي السجن أو القبر منذ عهد الفرعوني فإن زعماء السودان لهم تاثيرهم في مجريات الأحداث السياسية في السودان اليوم وغدا سواء كانوا في الحكم او خارجه و احياء منهم و الاموات .فالسيد الإمام اذا كان من نوع الوزن الخفيف لم تستهدفه الخرطوم من دون المعارضين .
ولكن المدهش أن طرد الإمام من مصر إلي لندن ماهو المكسب للحكومة السودانية اذا كانت لندن أكثر تأثيرا من القاهرة التي كل شخص فيها مشغول بظروفه الحياتية والوسائط التواصل الاجتماعي والإعلامي أكثر فعالية في أوربا من مصر وان التاثير في صناعة الراي العام العالمي وحتي السوداني اسهل منه اوربا من مصر. ؟ ولكن السؤال الآخر الذي يطرح نفسه هل السلطة في الخرطوم طلبت من مصر أبعاد الإمام بالاسم او جاء التصرف المصري باعتباره جزء من المعارضة ينطبق عليه القرار ؟ وضرورة هذا السؤال في قناعتنا بأن الإمام لم يعمل بما فيه الكفاية ولم يستخدم كل نفوذه للإطاحة بهذا النظام وان الأصوات العالية ضد الإمام في الحزب وفي خارجه مرده المرونة أكثر مما ينبغي مع نظام الإنقاذ الي درجة اتهامه بانه يعمل علي تسويق النظام والبحث عن مخارج آمنة للناشطين في الحكومة يفترضوا أن يواجهوا غضب الشعب السوداني هو المشروع الذي اصطلح عليه باسم soft landing وحتي في اطار العمل المعارض ماذا استجد في نداء المانيا وما الفرق من نداء باريس وهو الرجل الذي شكره أقلام النظام انه تمكن من إخماد الحرب في دارفور وقاد لوردات الحرب الي طريق السلام واعتزرت السلطات و أسقطت التهم التي وجهت اليه. المشكلة مكانها وين؟
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
محمد ادم فاشر
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست