الرئيس البشير يُدلي بتصريح في لقاء أجرته معه قناة العربية أكَّد فيه أن مثلث حلايب سوداني وسيظل سودانياً وأن السودان سيلجأ لمجلس الأمن الدولي إن رفضت مصر التفاوض ، بدايةً أقول الحمد الله وأنا على المستوى الشخصي أتنفس الصعداء حال إستشعاري أن قضية حلايب ما زالت تشغل المنظومة الحاكمة وعلى قمة قيادتها المتمثلة في رئاسة الجمهورية ، وللحقيقة بعد ما حدث من تداعيات وسيناريوهات في أبوجا وإنفصال الجنوب وكذلك تكالب قوى دولية وإقليمية كثيرة على الإهتمام وأحياناً محاولات التدخل الصارخة في شئون السودان الداخلية ، أصابني ومعي آخرين نوعٌ من الهلع و الخوف فيما يتعلق بإمكانية فقدان السودان لأجزاء عدة من ترابه الغالي تحت دعاوي ومبررات كثيرة أهمها نظريات التكتيك السياسي المتعلقة بما يُسمى (خصوصيات المرحلة) أو (البعد الإستراتيجي للعلاقة مع أو تجمع إقليمي دولي) وفقد ظللنا حيناً من الزمان أنا وغيري من أهل هذه البلاد نتابع عبرالأخبار والبرامج التعبوية التي ينتجها الإعلام المصري (الموَّجه) .. تكثيفاً واضحاً و مُخططاً للمصريين في عرض كل ما يمكن أن يوحي لغير المُتعمقين في تاريخ مشكلة حلايب أنها مصرية وقد أصابني في ذلك كل ما يدعو إلى الضيم و الشعور بالضعف وقلة الحيلة ، ذلك إزاء ما يحدث من (ندرة) وأحياناً (إنعدام) تام لمجرد تصريحات تصدر من نافذ حكومي تؤكد سودانية حلايب وإصرار السودان على التمسك بحقه فيها والدفاع عن ذلك الحق بكافة السبل المتعارف عليها مهما كانت الخسائر والمحذورات ، وليعلم الجميع أن حلايب الآن (مُحتلة) إدارياً و ثقافياً شئنا أم أبينا ، فالمصريون يعملون بجدٍ وكدٍ كبيرين في تغيير وتبديل تركيبتها السكانية الأصلية وهم بلا هوادة يسارعون يوماً بعد يوم في بناء وفرض المنشآت الإدارية والعدلية التي تقوم بإستخراج الوثائق الثبوتية والمدنية والقانونية لأهلنا في حلايب ، الذين طالما ذاقوا المُر في مجال إنعدام ومحدودية التنمية شأنهم في ذلك شأن معظم الأقاليم الطرفية في كافة أنحاء السودان ، فسياسة تكديس التنمية في المركز من أهم عواقبها خلق الإستعداد النفسي للأقاليم الحدودية للإندماج والتوافق مع الدخلاء والطامعين ، نعم ستظل العلاقة بين السودان ومصر تاريخية وآنية ومستقبلية ، ذلك ما تفرضه طبيعة الأشياء من حيث التكوين الجغرافي والديموغرافي والإستراتيجي ، غير أن أمر السيادة على كل شبرٍ من أرض السودان الطاهرة هو خط أحمر لا يمكن أن تتجاوزه أي حكومة سودانية مهما كانت توجهاتها و أهدافها ، كانت حلايب دائرة إنتخابية سوداانية جرت فيها إنتخابات حرة ونزيهة تحت إدارة وإشراف وزارة الداخلية السودانية في أول إنتخابات حُرة يشهدها السودان عقب نيله الإستقلال وإنجلاء الحكم الإستعماري الثنائي ، لا مجال بعد ذلك لتبرير وتسمية وجود المصريين فيها غير أنه إحتلال ، ومصر كما يعلم الجميع تعيش هذه الأيام أسوأ حالاتها السياسية والإقتصادية والأمنية وفي إعتقادي قد وجب على قيادتها أن تنأى بنفسها عن مشكلات (الهامش) الطرفية ، و تلتفت إلى وضع الحلول لمشكلاتها المركزية و المحورية توفيراً للوقت والمال والنفوس .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة