حامد ممتاز الأمين السياسي لحزب المؤتمر الوطني نفي حسب "السوداني" أمس الأول مايتردد عن تهميش رئيس الجمهورية للحزب الحاكم وتغييبه عن السياسات العامة، وقال ممتاز إن البشير لم يهمش الحزب الحاكم لأنه رئيسه ورئيس المكتب القيادي الذي يعتمد السياسات .
في الآونة الأخيرة دلقت أحاديث كثيرة بأن الرئيس البشير أصبح يهمش حزبه المؤتمر الوطني وبات لا يوليه اهتماماً كثيراً وتغييبه عن السياسات العامة ، والشاهد أن البشير في الآونة الأخيرة قلت مخاطباته للمؤتمر الوطني ، وأعتبر المراقبون أن الرئيس البشير ضمنياً قد تجاوز الحزب في اتخاذه للقرارات دون الرجوع لقيادة الحزب واعتبروا أن تعيين الولاة وإعطاءهم منصب رئيس المؤتمر الوطني بالولاية قد أحدث الكثير من المشكلات في إشارة منهم إلى المعارك الضارية التي تجري في ولاية الجزيرة بين السلطة التنفيذية والتشريعية .
تقرير: محمد إبراهيم
في أغسطس 2015م عقب الانتخابات وجه البشير انتقادات لاذعة لحزبه ووصفه بالضعيف وإبداؤه تخوفه من أن ينتهي إلى مصير الاتحاد الاشتراكي في عهد الرئيس الأسبق جعفر نميري، حديث المجالس يذهب إلى تصريحات البشير تلك لم تكن مجرد انفعال لحظي، بل نتاج خيبة الأمل بعد الإقبال الضعيف على الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي جرت في إبريل الماضي.
خاصة وأن قيادات الحزب ظلت تتحدث عن عضوية ممتدة يتمتع بها الحزب الحاكم تتجاوز العشرة ملايين عضو، بينما جميع المشاركين في الانتخابات بما فيها عضوية الأحزاب المشاركة لم يتجاوزوا الخمسة ملايين، وفي خط مواز يتحدث آخرون بأن البشير بدأ انسحاباً تكتيكياً من الحزب ، ففي وقت سابق أرجع بعض الكتاب الموالين للحزب الحاكم أدلوا بدولهم في بحر الحزب الحاكم المتلاطمة أمواجه ولفتوا إلى أن الفوز في الانتخابات الأخيرة يرجع إلى شعبية البشير الكبيرة وليست لعضوية المؤتمر الوطني كما يروج لها الكثيرون، ويرى المراقبون أن المؤتمر الوطني خف وزنه كثيراً ببعد إفراغه من قياداته القوية أمثال علي عثمان وصلاح قوش ونافع علي نافع واستبدالهم بقيادات مهادنة أمثال إبراهيم محمود حامد .
المحلل السياسي البروفيسور الطيب زين العابدين قال لـ(التيار)أمس إن المؤشرات الخارجية للمؤتمر الوطني تؤكد بأن الرئيس البشير بات يهمش المؤتمر الوطني وينفرد بالقرارات في معظم الأحيان دون اللجوء إلى الحزب، واستشهد زين العابدين بقرار البشير القاضي بمشاركة السودان في الحلف العربي بقيادة السعودية ضد الحوثيين في اليمن وأكد على أن الرئيس اتخذ هذا القرار وهو خارج البلاد، وعندما وصل البلاد تم إخطار الجيش بهذا وانتهى الأمر، واعتبر زين العابدين إن هذا القرار من القرارات المصيرية وهو مهم في سياسات البلاد وحوَّل سياساتها لـ180 درجة من الحلف مع إيران إلى الحلف مع الخليج ، ولفت زين العابدين إلى إن مثل هذه القرارات تعرض على المكتب القيادي للحزب الحاكم واستنتج المحلل السياسي بأن هذه الخطوات تعني ضمنياً أن البشير غير متقيد بلوائح الحزب ويهمشه ضمنياً، وذكر زين العابدين إن دستور حزب المؤتمر الوطني ينص على أن المكتب القيادي مهامه تكمن في وضع سياسات البلاد وإن هذا الأمر دستوري ، ودلل البروف على فرضيته بتبني البشير لمؤتمر الحوار الوطني واعتبر أن الحوار يقوده البشير ، ووضع المحلل السياسي أعضاء المؤتمر الوطني داخل الحوار في ذات خانة أحزاب المعارضة دون فاعلية حقيقة لهم ،ولفت إلى أن القيادة الفعلية للحوار في يد الرئيس وأشار إلى أن كل القرارات التي تصدر لابد أن يوافق عليها الرئيس .
وفي ذات السياق قال البرفيسور والمحلل السياسي حسن مكي لـ(التيار) أمس أن المؤتمر الوطني مهم في أيام الانتخابات فقط ، ويتحول إلى أداة بعد نهاية الانتخابات وعلل هذا بأن المكتب القيادي به عشرات الأشخاص عكس بقية الاحزاب التي تعمل بمكتب سياسي صغير لصنع القرار السياسي وأكد أن القرار السياسي ليس في الأيام الأخيرة ، وبيَّن إن هذا الأمر غير مسموح به في الوطني ولا يوجد قرار متعلق بالعمل بتوجهات السياسة الخارجة ولا سياسات مرتبطة بالأمر المالي ، وأشار حسن مكي إلى الأمر ربما يتغير في حال اندماج بين الوطني والشعبي وربما نشهد حزباً سياسياً جديداً به فاعلية، وقال المحلل السياسي ومدير مركز أبحاث السلام بجامعة الخرطوم محمد محجوب هارون أن الحركة السياسية والبناء المؤسسي ضعيف للمؤتمر الوطني وعمم هارون هذا الوصف ينطبق على كل الأحزاب سواء كانت التقليدية أو المصنفة كقوى حديثة ،وأن الهياكل نفسها ضعيفة من حيث كونها تمثل مرجعية سواء كانت في إدارة الشأن الحزبي أو شأن القضايا العامة ،ولفت إلى أن شخصية البشير في المؤتمر الوطني مهيمنة إلى درجة كبيرة ، وأعتبر مدير مركز أبحاث السلام أن اهتمام البشير بالحزب تحدده قدرات الحزب واستعداده في تقديم الإجابات المطلوبة على الأسئلة التي تشغل القيادة خاصة عندما تكون هذه القيادة هي قائدة للدولة والحزب ، ولفت إلى أن البشير له أجهزة كثيرة خلاف الحزب ،وأكد هارون أن جهاز الدولة والجيش أكثر أهمية للبشير من الحزب في الفترة الحالية، وجزم بأن اهتمام البشير بالحزب قد تضاءل نسبة لتراجع الحزب في الأنشطة الأخرى ،وتعدد مهام الرئيس ببقية قطاعات الدولة.
إستنكار..!!
غير أن أمين أمانة التعبئة السياسية بالمؤتمر الوطني عمار باشري استنكر الحديث عن تهميش البشير للمؤتمر الوطني ، وقال إن هذا حديث مردود ومرفوض بشدة واعتبرها عبارة عن شائعات تعمل على إطلاقها وتضخيمها المعارضة، بعد أن بارت بضاعتها في العصيان المدني ثم قذفت من المجتمع الدولي بشريطها المحفظ بإسقاط النظام وأخيراً انفض السامر حول مايسمى بنداء السودان بعد عودة الإمام الصادق المهدي إلى حضن الوطن بين قواعده ،وأكد أن المعارضة في الآونة الأخيرة لم تجد شيئاً تلوكه ثم تلفظه سوى الحديث عن تهميش البشير حزبه الحاكم وخابت آمالها في اقتلاع النظام، وأكد على أن البشير هو رئيس الهيئة القيادية العليا التي تضم قيادات الحزب ورئيس المؤتمر الوطني ورئيس أعلى سلطة تنفيذية بالحزب وقيادات الحركة الإسلامية ورئيس الجمهورية وهو الناطق الرسمي والناطق عن برامجه وأفكاره ، ونفى الحديث حول قلة مخاطبات البشير لأعضاء المؤتمر الوطني وأكد باشري على أن الرئيس دوماً يترأس اجتماعات الهيئة القيادية .
إفرازات التهميش...!!
لكن المحلل السياسي البروفيسور الطيب زين العابدين رجع وقال: إن قمة التهميش للمؤتمر الوطني تكمن في إن كل قيادات الحزب الحاكم تأتي بالتعيين دون اللجوء للديمقراطية والشورى التي تنص عليها أدبيات الحزب ، واعتبر أن المؤتمر الوطني قد قبل بالتهميش لنفسه وإنه لايوجد به شخص منتخب غير الرئيس ،وأشار زين العابدين إلى تعيين الولاة ونقلهم إضافة إلى تقليدهم رؤساء للحزب في الولاية المعنية ، واعتبر الطيب إن هذا الأمر قد أحدث الكثير من المشكلات في حالة وجود والٍ من خارج الولاية وأشار زين العابدين للخلافات في ولاية الجزيرة بين السلطة التنفيذية والتشريعية وأرجع هذه المشكلات إلى تجاوز المؤتمر الوطني لنظامة الأساسي وإتباعة نظام التعيين دون الديمقراطية وإنه مخالف للنظام الفيدرالي بأن الوالي ينتخب ولا يعين وذكر مشكلات الولايات في هذا الإطار كما حدث في الجزيرة والبحر الأحمر والقضارف وجنوب دارفور ، كل هذه المخالفات اعتبرها زين العابدين تهميشاً للحزب ، وأوضح إن كل النواب يتم تعيينهم وأشار إلى تعيين الأمين السياسي للحزب دون انتخابه ويرى أن القيادات يجب أن تكون منتخبة وأشار إلى انتخاب قيادات الحزب الشيوعي وحزب الأمة .
وفي ذات السياق استنكر أمين أمانة التعبئة السياسية بالمؤتمر الوطني عمار باشري إنفراد الرئيس بالقرارات داخل الحزب ، وقال أن الرئيس لايتخذ قراراته بمفرده بل يلتزم بخط الجماعة والشورى والرأي العام وهو صاحب السلطة التنفيذية العليا وهو المفوض بتقديم كل الترشيحات والاقتراحات على المستوى السياسي الحزبي يقدمها ويعرضها على المكتب القيادي حسب النظام الأساسي للحزب ومن ثم بت المكتب في مقترحاته ،ونفى بأن يكون البشير قد ينفرد بقراراته واستنكر وصف بعض القيادات بالضعيفة .
المؤتمر الوطني ومصير الاتحاد الاشتراكي..!!
واتفق المحلل السياسي البرفيسور الطيب زين العابدين مع حديث البشير في تحذيره لمنسوبيه من أن يصبح المؤتمر الوطني مثل الحزب الاشتراكي بعد سقوطه ، واعتبر إن هذه طبيعة النظم الشمولية التي نشأت على الإملاءات التي تأتي من فوق إلى تحت عكس النظم الديمقراطية ، وأشار إلى أن حملة انتخابات عام 2015م قام البشير لوحده بالحملة الانتخابية وليس الحزب ،ونفى بأن يكون في انتخابات 2015م بها منافسة، إتفق المحلل السياسي البرفيسور حسن مكي إلى ما ذهب إليه زين العابدين بأن مصير المؤتمر الوطني بعد مفارقته للسلطة يؤول إلى حالة الحزب الاشتراكي دون فاعلية ونشاط وأعتبر مكي أن الأساس البنيوي للمؤتمر الوطني وقيامه على أسس سلطوية وحكومية يتغذى من ثدي الحكومة ،ولفت إلى أن الحزب الحاكم لايقوم على مجهودات عضويته ولاتوجد به اشتراكات أو مطلوبات تضحية واجتهاد وتجديد وأشار إلى فشل الحزب في تكوين صحف خاصة لكي تنافس الصحف الحكومية ، إتفق مدير مركز أبحاث السلام مع حديث المحللين السابقين وقال إن الأحزاب الحاكمة في العالم الثالث تعتمد في قوتها وفاعليتها بدرجة كبيرة على الحكومة والدولة ، وإن وجود هذه الأحزاب خارج الحكم يترك آثاراً سلبية كبيرة على قوتها وقدرتها على التغيير والاستمرارية وتضمحل وتموت، اكتفى أمين أمانة التعبئة السياسية بحزب المؤتمر الوطني بإجابة مقتضبة لفت إلى إن هذا الموضوع قد تم الإجابة عليه في ذات الزمان والمكان
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة