• جعل نظام ( الانقاذ) حمَلة الجوازات السودانية متهمين حتى تثبت براءتهم في المطارات الأمريكية منذ بدأ النظام ( رسالته) المضللة للشعب السوداني ( هي لله.. هي لله) و ادعائه ( حنفوق العالم أجمع).. • و ما الطبيبة السودانية التي تم احتجازها لتسع ساعات فور وصولها إلى مطار جون كينيدي الدولي بنيويورك.. و من ثم أعادوها إلى من حيث أتت.. سوى ضحية من ضحايا النظام البغيض.. و الضحايا بالملايين على مدار سنوات النظام. • شاهدت قبل أيام اكتظاظ مطار جون كينيدي بنيويورك، و التظاهرات التي أحاطت به إحاطة السوار بالمعصم، فعادت بي الذاكرة إلى أواخر ديسمبر عام 1995.. يوم احتجازي لساعات في نفس المطار بسبب جوازي ( الأخضر).. • لا أعرف أحداً معرفة شخصية وقتها في نيويورك حين وصلتُ مطار كينيدي.. لكن بعض السودانيين كانوا في انتظاري بتوصية من قريبي الذي دعاني لزيارته في أتلانتا.. • توجهت مسرعا إلى مكتب التأشيرات و بيدي جواز سفري ( الأخضر).. كان يتقدمني عدد من الركاب .. مروا مرور ( الكرام) فرداً.. فرداً.. و حين جاء دوري في الصف مددت جواز سفري.. آخذه أحد شرطة الجوازات و طلب مني الجلوس على أحد الكراسي الجانبية.. و الركاب يمرون من أمامي راكباً وراء راكب.. و الدقائق تمر متثاقلة.. و يتضاعف ثقلها كل دقيقة أكثر من سابقتها.. • لم يحتجزوني لتسع ساعات كما احتجزوا ابنتنا الطبيبة.. و لكن الساعات التي احتجزت خلالها كانت دهراً ثقيلاً من الناحية النفسية.. دهراً يحمل في طياته كل القلق و السأم و اليأس.. و عذاب انتظار النتائج.. • لم يفتشوا حقائبي.. و لا أجروا علي تفتيشاً ذاتياً.. إذن، لم تكن هناك جريمة.. و كان وضعي القانوني سليماً.. لكن لماذا احتجزوا جواز سفري يا ترى..؟ لا بد و أن يكون جواز سفري هو المتهم.. إذن.. و علي أن أتحمل أوزار من كانوا يتوعدون:- " أمريكا.. روسيا.. قد دنا عذابها!".. و لو لساعات.. • فكرت في السودانيين المكلفين بإيوائي في شقتهم بحي ( بروكلين) تمهيداً لسفري إلى مدينة ( أتلانتا)، عاصمة الجنوب الأمريكي، دون أن تكون لي سابق معرفة بهم و لا علاقة مباشرة بيني و بينهم سوى علاقة السوداني بالسوداني.. و ما أعظم تلك العلاقة في الغربة أيها الناس.. و ما أطيب السودانيين أينما كانوا، ما أطيبهم، و ما أطيب الخصال السودانية المكتسبة من بيئة ما قبل نطام البشير.. • كان الشرطي يأتي إلي من وقت لآخر ليطمئنني ، و ليؤكدً لي أن الاجراء كان روتينياً! مع أن الاجراء لم يكن روتينياً بالنسبة إلي طالما رفاق سفري مروا مرور الكرام ( ثلة من الأولين و كثير من الآخرين) إلى بوابة الخروج من المطار.. ( و بقيت مثل السيف وحدي) على قول شاعرنا أحمد محمد صالح.. • و أخيراً أقبل الشرطي نحوي، و بيده جواز سفري، و هو يكاد يطير من الفرح و كأنه هو الذي كان محتجزاً.. سلمني الجواز قائلا:- " لم يكن الأمر أمراً يتعلق بك شخصياًNothing personal! " .. كررها مراراً.. • ما أطيبه من شرطي، بل و ما أروع الشرطة في أمريكا، و قد مررت بتجارب معهم في ( أتلانتا) و غيرها.. ما أروعهم رغم ما يقال عن قسوتهم! • خرجتُ إلي صالة المطار.. كان اسمي مرقوعاً على لافتة.. إنهم السودانيون، و الحمد لله!.. سودانيون يحملون لافتة عليها اسمي.. و يلوحون لي بأيديهم.. ذهبت إليهم.. تعانقنا.. و تحادثنا في الطريق إلى شقتهم في حي ( بروكلين).. و علمت منهم أن الحي يكاد أن يكون خاصاً باليهود.. و أنهم يعملون في شركات أصحابها من اليهود.. و هم سودانيون مسلمون من شمال السودان.. أيها الناس.. أقول مسلمون من شمال السودان حتى لا يذهب أحدكم بعيداً في التفسيرات النمطية.. • لا أحد يشعر بما يدور في خلد المحتجزين في المطارات الأمريكية حالياً، إن لم يكن قد مر بالتجربة مثل ما مررت بها.. • إن تعامل رجال الشرطة الأمريكان يتسم بالتعاطف الإنساني.. لكن، ربما تغيَّر تعاملهم مع التغييرات الحاصلة و التغييرات المتوقع حدوثها في أمريكا بعد انتخاب ترامب! ولست أدري هل بمكنة ترامب أن يشكل و يبدل دولة المؤسسات في أمريكا و ينقل قيم أمريكا ( الشعوبية) من الريف الأمريكي الأبيض إلى العاصمة واشنطن.. و تكون تلك القيم هي المرجعية في كل ما يتصل بعلاقات أمريكا مع الخارج و علاقات أفراد المجتمع الأمريكي فيما بينهم.. إن التاريخ في طورِ تشكيلٍ هذه الأيام، كما قالت إحدى مقدمات برامج قناة سي.. سي تي في This is history in the making و الله يستر! • دخلت عقب عودتي إلى السودان في أعمال فاشلة.. اللصوص ملأوا الأسواق.. و الكذب كان و لا يزال أكبر رؤوس أموال سدنة نظام البشير.. بعت و اشتريت و فشلت بيعاً و شراءً!.. سماسرةٌ في كل مكان يتحفزون للانقضاض على كل نل ما لديك من منقولات و أصول.. و يجردونك من كل شيئ! • كان ابني يقول لي عقب كل مقلب من مقالب إخوان الشيطان:- " أبوي.. إتَّ شهادة عربية و الا شنو؟!" • و تشير مفردة الشهادة العربية إلى التعامل مع الناس بعفوية تكاد أن تبلغ مبلغ ( الكَياشة).. و يرجع ذلك إلى أن الطلبة السودانيين القادمين من دول الخليج لمواصلة تعليمهم الجامعي بالسودان، يأتون بأخلاق السودانيين ( الحميدة) التي لا تعرف أمراض ( الانقاذ) من سلب و نهب و كذب و فهلوة و الإتيان بحقائق بديلة للحقائق الساطعة.. • الغالبية الغالبة من الناس تتعاطى بحذر شديد مع السماسرة المسيطرين على مفاصل حياة الناس اليومية في السودان، و دائما ما يكون وراء كل سمسار أحد متنفذي نظام ( الانقاذ).. و غالباً ما يكون هناك منافقون في كل مكان عند البيع أو الشراء.. و دائماً ما يكون حملة الشهادة العربية ضحايا النصب و الاحتيال لأنهم أنقياء.. • و عليه، لا لوم على ابنتنا الطبيبة بسبب توقيعها على الاستمارة 275) (Form I- التي قدموها لها و فيها تؤكد أنها توقع طوعاً و اختياراً للعودة إلى المملكة التي أتت منها، لكن بمقتضى توقيعها يمكن إلغاء تأشيرتها القانونية H-1B التي تحملها منذ ثلاث سنوات و هي تأشيرة تسمح لها بالدخول من السعودية إلى الولايات المتحدة.. • لو لم تكن ابنتنا الطبيبة ( شهادة عربية)، لواجهت مسئولي الجوازات، في مطار كينيدي، بالكثير من الأسئلة حول الاستمارة.. وكانت انتظرت الأجوبة المقنعة قبل التوقيع على استمارةٍ تقر فيها أنها عائدة طوعاً و اختياراً.. و هو اقرار غير صحيح في الواقع!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة