وصل عدد الأحزاب السياسية السودانية إلى أكثر من 80 حزب مسجل، هذا العدد الكبير من الأحزاب يفوق عدد الأحزاب في كثير من الدول بما فيها دول القارة الأوربية.
أبلغ وصف لتلك الحالة، هو وصف القيادي الإسلامي، رئيس حزب الإصلاح غازي صلاح الدين، بأن هذا العدد مجرد شغب فكري وليس مدعاه للتفاخر.
وانا احسب ان ذلك صحيحا من حيث كثرة تلكم الأحزاب، إذ إنها مجرد ارقام واعداد مسجلة ضمن سجلات مكاتب مسجل التنظيمات السياسية السودانية ، بل أن غالبيتها العظمي لا تستند على قاعدة جماهيرية كبيرة تستحقها.
علاوة علي أن معظمها منشق على نفسه ومازالت جل البرامج الخاصة بها لا تختلف إلا فى الأسماء.
ويعود سبب انشقاقها للدور الذي لعبه النظام الحاكم ، والذي دخل فى حوارت فردية وجزئية مع بعضها أدت في نهاية المطاف إلى الانقسامات والمفاصلة والتشرذم وذلك بسبب الصراع فيما بينها والهرولة لمشاركة الحكومة لتقسيم الكعكة عبر اتفاقيات جزئية لا طائل منها. أما الاخر منها ، راهن على عدم المشاركة إلا عبر تحول ديمقراطي حقيقي، أو بعد إيجاد سقف محدد تلتقي فيه الرؤي والأهداف ومن ثم الاتفاق عليها. مايدعو للحيره هو أن أغلب هذه الأحزاب تتشابه في البرامج والرؤي الفكرية والذي يجمعها أكثر من الذي يفرقها، ولكن الاختلاف قد يعرفه البعض بأنه مبني على مصالح شخصية وليس مواقف وطنية بما في ذلك الحركات المسلحة بما انها ليس احزاب ، وانما حركات قامت علي برامج تعبير تختلف عن الأحزاب السياسية بعضها يفاوض وبعضها مازال يقاوم النظام.
هذه الكثرة لا تعني بأن هناك انفتاح سياسي أو ممارسة سياسية حقيقية، لان النظام مازال يقيد الأنشطة الخاصة بهذه الأحزاب، وما فتأ القيام بإعتقالات وسط قياداتها دون اي مبرر، ولم يتوقف عن حجر حرية التعبير التي كان من المفترض ان تتمتع بها.
لذلك ان ضعف وهشاشة هذه الأحزاب وانقساماتها المتعددة، ساعد في إطالة عمر النظام .. ولو كانت هناك فعلا معارضة فاعلة لما مكث النظام 27 عامأ فى السلطة. بعبارة اخرى، لقد ساهم النظام نفسه في شق صف المعارضة السودانية والحركات المسلحة عبر اتفاقيات جزئية لاتغني ولاتسمن من جوع.
من ناحية اخرى، يصنف هذه الكثرة والوفرة في الأحزاب، بإن النظام يريد استغلالها لتبيض وجهه عبر إتاحة الفرصة للعديد منها بالتسجيل عبر قنوات التسجيل الخاصة بهذا العمل حتي يقال بأن هناك متسع من الحريات ودليل على انفتاح سياسي وديموقراطي عند رؤية هذا الكم الهائل من هذه الأحزاب المسجلة.
الديمقراطية الحقيقية أن تخوض تلك الأحزاب معاركها السياسية من داخل البرلمان وان يكون لها دور فاعل من خلال مشاركتها في كيفية إدارة الدولة عبر نوابها في البرلمان.
أما كثرة أحزاب ولا وجود لنوابها في البرلمان أو قاعدة جماهيرية تستند عليها ليس من جدوي لوجودها. إنما مجرد ترهل حزبي لا يقدم ولا يؤخر، ويعتبر نقمة وليس نعمة لأنها مختلفة على نفسها في أن تتحد أو تشكل قوة.
في نهاية المطاف، فطنت بعض تلك الأحزاب والقوى السياسية السودانية الي هذه النقطة، وحاولت أن تخلق كيان جامع يعبر عن رؤية مشتركة تضم الجميع، حيث تمثل ذلك فى (نداء السودان) الذي يضم بعض الأحزاب السياسية والحركات المسلحة وقوي المجتمع المدني السوداني .
رغم أن الحلول الجزئية لا تحل الأزمة السياسية السودانية العميقه، الا ان الإجماع الوطني مهم لحل الأزمة عبر كل الأطراف.
تكمن مشاكل السودان فى توحد أهله والمحافظة على ما تبقى من الوطن والحول دون تقسمه، ولكن ليس فى عدد هذه الأحزاب السياسية الكثيرة.
المشكلة ليس من يحكم السودان ؟ وإنما كيف يحكم السودان؟ مع توفر ديمقراطية حقيقة ليس شكلا فقط، وإنما تضمينها في دساتير أو قوانين وأن يتم تطبيقها علي أرض الواقع، لا ان تصبح حبراً علي ورق.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة